لا أدري كيف سمحت ضمائر بعض إعلاميينا بالتورط في التعاون مع دويلة قطر لتنفيذ مخططها التآمري بالمنطقة العربية . ولماذا لا تتحرك نقابتا الصحفيين والإعلاميين لشطب عضوية هؤلاء وكشف ما اقترفوه في حق بلدهم وسعيهم الدءوب لغسل سمعة نظام الحكم في قطر وتحسين صورته.. وأظنهم معروفون بالاسم. وقد أغدقت عليهم الدوحة ملايين الدولارات كما أنفقت مليارات أخري لتمويل الإرهاب سعيا لزعزعة استقرار مصر ودول الخليج والدول العربية كلها.. فما يحدث في سيناء وليبيا والسعودية من حوادث إرهابية ليست قطر بمنأي عنه . حتي أنها باتت بأفعالها وشقها للصف العربي تماثل ما تقوم به دولة الكيان الإسرائيلي منذ جري زرعها بالمنطقة كمخلب قط للاستعمار. وشوكة في خاصرة الأمة العربية بآسرها. لم تكن قطر وحدها التي عاثت بأموالها في أمتنا تخريبا وتدميرا وتقسيما وفتنة بل ثمة من خطط ورسم لها هذا الدور الشرير الذي بدأ إعلاميًا بقناة الجزيرة ثم بأكاديمية التغيير التي مهدت الأرض لتفجير العالم العربي تحت غطاء ما سُمي بالربيع العربي الذي انقلب خريفًا عاصفًا أضاع دولاً وشرد ولا يزال الملايين من أبنائها» في ليبيا واليمن وسوريا ولا يزال المخطط يستكمل سيناريوهاته الخبيثة . ولن يهدأ المخربون الجدد حتي يجري تمزيق ما بقي من دول المنطقة- فيما عدا إسرائيل طبعًا- بأيدي قطر وتركيا وإيران وأمريكا ذاتها . وإذا كنا نقول في أقوالنا العامية "اللي حضر عفريت يصرفه" فليس هناك شك أن الذي حضر العفريت القطري وسخر أمواله الضخمة وإعلامه الشيطاني هو أوباما .. ومن ثم فليس مستغربا أن يطالب البعض خلفه ترامب بإزالة آثار العدوان الذي شنه أوباما وتفكيك مخطط الشر الذي رسمته الإدارة الأمريكية السابقة للمنطقة حتي آلت إلي ما هي فيه من صراعات ونزاعات يجني ثمارها أمريكا وإسرائيل وإيران وتركيا وتدفع شعوبنا وحدها فاتورة هذا الصراع . لقد وعد ترامب في برنامجه الانتخابي بالقضاء علي الإرهاب وتجفيف منابعه.. وها هي منابعه تتفجر في قطر أموالاً هائلة ومخططات ومعلومات..فهل يفي ترامب بما وعد به شعبه والعالم أجمع أم يستثمر الأزمة لحصد المغانم ويترك المغارم لأهلها وهم العرب قطعًا الذين باتوا مختلفين لا يسر حالهم عدوًا ولا حبيبا؟! وهل يفعل ترامب كما فعل سلفه أوباما الذي أمطرنا في خطابه بجامعة القاهرة في بداية ولايته الأولي بمعسول الكلام. ثم فاجأنا في نهاية ولايته الثانية بمخططات الخراب والدمار نهشت أمتنا العربية دون أن يمس إسرائيل ولو شظايا من هذا الانفجار الكبير؟! وإذا تركنا ترامب وقطر جانبا ونظرنا إلي أحوالنا الداخلية فإن السؤال: أين أحزابنا مما يجري ماذا فعلت لمناصرة الدولة في حربها ضد الإرهاب ومخططات الشر.. أين قوي مجتمعنا المدني ونخبتنا وإعلامنا .. ماذا فعلوا لتهدئة الشارع وامتصاص غضبة من غلاء الأسعار وتوعيته بضرورة القرارات الاقتصادية الأخيرة؟! للأسف يتعامل بعض نخبتنا مع مشهدنا السياسي علي طريقة أهل الصدقات الذي قال فيهم الله تعالي: ¢ ومنهم من يلزمك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا إذا هم يسخطون ¢.. فإذا اتفقت القرارات مع مصالحه رحب بها . وإلا سخط عليها وهاجمها بشدة .. وينسي هؤلاء وأولئك ما كنا فيه . وكيف أنجانا الله من شفا الهاوية والحرب الأهلية التي كنا علي وشك الانزلاق إليها في أواخر أيام الإخوان وكيف أبدلنا الله استقرارا وأمنًا من بعد عنف واضطراب. رغم ما نعانيه جميعًا من صعوبات اقتصادية في دولة تسترد مكانتها بصعوبة.. لكن هل يكفي ذلك مبررًا وذريعة لكل تنقم بعض نخبتنا علي أحوالنا. ويشاركها في ذلك للأسف بعض إعلامنا دون أن يدري هؤلاء وأولئك أنهم يحرضون الشعب بأفعالهم. ويتخلفون عن الانحياز للدولة في ساعة الشدة .. أليس من الأجدي في مثل هذه الظروف أن تتوحد صفوفنا. وأن يكون صالح الوطن أولوية قصوي. تتقدم علي ما سواها ولاسيما والمنطقة علي صفيح ساخن تكاد تغرق في الخلافات والصراعات التي لا يستفيد منها إلا أعداؤنا وحدهم .. ما جدوي الدخول في معارك كلامية وجدلية حول مشكلاتنا الاقتصادية والقرارات الإصلاحية دون تقديم حلول موضوعية قابلة للتطبيق .. أليس الجدل بابًا واسعًا للخلاف وإشعال الحرائق في ثوب الوطن ؟! لا أحد ينفي أن مصر وشعبها يعانون أحوالاً اقتصادية واجتماعية صعبة وأوضاعاً دولية أشد صعوبة وقسوة مما واجهناه حتي أيام الحروب .. صحيح أن هناك غلاء يكوي الجميع بناره لكن هناك أيضًا دولة ينبغي الحفاظ عليها وعدم التفريط في استقرارها أيًا ما تكن المبررات .. فليس بعد الدولة إلا الضياع , ولا سبيل لعبور هذه المرحلة إلا بالصبر والتحمل وإذا كان الشعب كما قال الرئيس السيسي مرارًا وتكراراً هو الموجّه والمعلم فكيف يتأتي ذلك وطليعة هذا الشعب ومجتمعه المدني غير متسق مع الدولة . وأولوياته غير أولوياتها . ونخبته ليست نور هدايته بل وبالاً عليه . لا تتبني شواغله ولا تحارب معاركه . وتخوض فيما لا يهم سواده الأعظم ..تلهيها المصالح الضيقة . وتشغلها أمور فرعية وأجندات خاصة أكثر مما هي مهمومة بواجبات الوقت ومقتضيات الصالح العام . وبدلاً من أن يكون الإعلام رأس الحربة في معركة الوعي والتنوير وجدناه معول هدم للعقول وتغييب للوعي ببرامج ومسلسلات الإسفاف والانحطاط .. فهل وجدناه يفرد الصفحات وساعات البث في الشاشات لشرح ما تمر به المنطقة من مخاطر وتحولات دراماتيكية . وأين هو من معركة البناء والبقاء .. أليس من العجيب أن نجد طبيب نساء يكتب في صحيفة خاصة بعد أن كان رئيسًا لأحد الأحزاب الكرتونية . يتفرغ للتحريض وتصدير الإحباط دون أن يقدم أي حلول لمشكلات وطنه . ولم يُضبط يومًا متبرعًا لصندوق تحيا مصر أو لغيره من مشروعات البر والخير . ليقدم من نفسه قدوة قبل أن يوجه النقد للآخرين .. وهذا أيضًا ¢ سعد الدين إبراهيم الذي ارتبط اسمه بمركز ابن خلدون يستغل تصريحات الرئيس السيسي في دمياط منذ أيام عندما قال ¢ لن نكون رجالاً إذا سمحنا بالاعتداء علي أرض الدولة ..¢ ثم تصيد سعد الدين العبارة سالفة الذكر متسائلاً : هل نساء مصر هن اللاتي فرطن في أراضيها .. الأعجب أن يرد علي نفسه بالقول : ربما كان الرئيس باللغة المشار إليها ¢ ما نبقاش رجالة ¢ يريد أن يستحث المسئولين علي بذل المزيد من الجهد لحماية أملاك الدولة التي هي في النهاية أملاك الشعب المصري كله نساءً ورجالا وأطفالاً . ثم عاد إبراهيم ليلوي أعناق الكلمات ويخرجها عن سياقها الذي تماهي معه منذ قليل ليقول : لكن اللغة التي استخدمها الرئيس مع كل احترامي وتقديري هي لغة تشيع في المقاهي والأزقة والحواري الشعبية أكثر منها كلغة مسئولة لرجل دولة . وهي من بقايا عصر الحريم الذي كانت فيه المرأة متاعًا للمتعة» وبالتالي لا يعتد بها كمواطنة كاملة الأهلية . ولكن إنسانة ضعيفة مغلوبة علي أمرها .. وهنا أتساءل : ألا يعبر ذلك عن تناقض فج وقع فيه إبراهيم الذي أقر بأن مقصد الرئيس من كلامه هو حث المسئولين علي حماية أملاك الدولة. ثم عاد هو أي إبراهيم ليزايد علي كلام الرئيس محاولاً الوقيعة بينه وبين نساء مصر اللاتي يكن لهن كل الاحترام والتقدير ولا يترك مناسبة إلا وأشاد بدورهن .. فهل من وظائف الإعلام تصيد الكلمات. وليّ أعناقها. وتأويلها علي غير وجهها.. أين النقد الإيجابي فيما قاله إبراهيم وماذا استفاد الوطن والمواطن من مثل هذه المقالات؟! ليت من يدَّعون أنهم يعبرون عن الشعب وهمومه يفيقون ويحاربون معارك الدولة والمواطن مع الفقر والجهل والمرض وتسطيح الوعي.. لا أن يكونوا وبالاً عليها وعبئًا علي المواطن الذي تطحنه صعوبات الحياة. ليتنا نجد نخبة حية ضمائرها تشغلها شواغل الأخطاء ليت أحزابنا وإعلامنا يقومون بالدور المنشود مثلما يحدث في الدول الديمقراطية.. تنزل إلي الناس أينما كانوا في الشارع في مواقع العمل والمناسبات ترصد متاعبهم علي الطبيعة ثم تقدم لهم الحلول الناجعة والنابعة من إرادة جموع الشعب . ثم أين أغنياء مصر ورجال أعمالها مما يجري .. أين الدور الاجتماعي لرأس المال.. لماذا يصرون علي الأخذ دون العطاء . والتكويش دون بذل المعروف أو رد الجميل لوطنهم الذي منحهم الثراء والمكانة والنفوذ ثم تركوه يواجه مصيره في ساعة الشدة . فلم يساعدوا فقراءه ولم يرفعوا العبء عنهم ولا حتي سددوا ما عليهم من التزامات مالية سواء بدفع الضرائب التي جاوزت متأخراتها لديهم عشرات المليارات. ولا أخرجوا حق الله المعلوم في أموالهم من زكوات وصدقات تقيم أركان مجتمع التكافل الاجتماعي الذي أراده الله لعباده علي الأرض .. لا أدوا حق الدولة ولا حق الله ولا حق الناس شركاءهم في الوطن فماذا ينتظرون الأدهي أنه عندما قررت الدولة استرداد حقوقها عند بعض مغتصبي أراضيها بغير حق علا صراخ البعض وجأروا بالشكوي وهم الذين لم يطرف لهم جفن بما جري للمواطن الفقير وما تدفعه الخزانة العامة من التزامات تزداد عامًا بعد عامًا. أين رجال أعمالنا وأثرياؤنا مما فعله أثرياء أمريكا والغرب مما فعله مارك زوكر صاحب الفيس بوك وبيل جيتس اللذين أوصيا بالتبرع بأغلب ثرواتهما بعد رحيلهما لأعمال البر والخير في بلادهما والإعلاميين الكبار .. لكننا للأسف لم نسمع أن واحدا منهم بادر لرد جميل وطنه أو أسهم في تطوير العشوائيات أو علاج الفقراء أو تعليمهم أو حتي إطعامهم في هذه الظروف الاقتصادية القاسية وما أكثر المحرومين في زماننا وما أشد معاناتهم لكن النجوم تهربوا من القيام بواجباتهم الاجتماعية بل ان بعضهم حرَّض ضد صندوق تحيا مصر وينسي هؤلاء أن بقاءهم فيما ينعمون فيه من خيرات مرهون ببقاء الدولة قوية ترعي الحقوق وتصون الملكيات الخاصة وتطبق القانون علي الجميع بلا استثناء وليس وراء ذلك إلا الفوضي فلينظر هؤلاء النجوم والأثرياء إلي ما يفعل أقرانهم في مجتمعات الغرب ليروا كم هم مقصرون في حق وطنهم وإخوتهم في الوطن .. ليتكم تعودون لرشدكم وتقوموا بواجباتكم قبل فوات الأوان . أما فقراء مصر .. فلا نملك إلا أن نقول لهم: اصبروا فقد تحملتم الكثير وكنتم ولا تزالون الداعم الحقيقي للدولة وظهيرها الصلب وقواها الحية القادرة علي العطاء والتضحية والنهوض بها فلا تسمعوا لأهل الشر الذين يحرضونكم وسوف تأتيكم ثمرات الإصلاح فمن يزرع شجرة يجني ثمارها بعد سنوات فما بالنا بإصلاح تراكمات السنين فأصبروا والمستقبل لكم بإذن الله. أما الحكومة .. فلا مناص من تغيير العقيدة الإدارية المتخلفة لمنع الفساد وتحسين حياة المواطن الذي ينبغي أن يكون رضاه هو بوصلة نجاح أي حكومة .. متي يأتي أداء الحكومة علي قدر طموح الرئيس .. متي تدرك الحكومة أن ما تحقق من إنجازات حقيقية في الإسكان والكهرباء والمشروعات القومية الكبري والطرق وغيرها رغم كفاءته لكنه لم يصل بعد إلي حياة المواطن اليومية الذي لا يري إلا غلاء الأسعار وفوضي السوق.. ومن ثم فنحن في حاجة ماسة لتسريع خطي الإصلاح وإحداث ثورة في الثقافة والسلوك بإخلاص وتفاني لتغيير هذا الواقع حتي تكون الحكومة علي قدر فكر الرئيس وتطلعاته لتعويض غياب الأحزاب والمجتمع المدني وإصلاح ما أفسده الإعلام والنخبة المضللة