لماذا احتجب عنا وعن كل القراء عمود الصحفي الكبير الذي لا يختلف عليه اثنان أستاذ الجميع مكرم محمد أحمد.. وكذا مقاله يوم السبت من كل أسبوع. نعم.. الأستاذ الكبير الآن في موقع وزير الإعلام الشاغر بحكم الدستور.. ولكن هذا لا يمنع من ان يمسك قلماً ويلتقي بقرائه بعد كل هذه السنوات التي ألتقي بهم بومياً وأسبوعياً.. هناك وزيران لهما مقالات أسبوعية.. مقالات وليس أحاديث أو لقاءات.. الأديب حلمي نمنم وزير الثقافة والمهندس خالد عبدالعزيز وزير الرياضة.. ليس هناك ما يمنع الوزير من ان يتصل بالرأي العام بالطريقة التي يختارها.. خاصة الأخ حلمي نمنم صاحب المقال الأسبوعي الدائم في جريدة "المصري اليوم".. قبل الوزارة والآن خلال الوزارة.. ولو خيروا الأديب نمنم بين الوزارة والصحافة لاختار الأخيرة. *** علي قدر ما في مهنة الصحافة من متاعب ومخاطر وصعوبات وقد يصل الأمر إلي حرمان من الحرية ولقمة العيش.. ومع ذلك فالصحافة بالنسبة للصحفي الحقيقي أهم من أي شيء في الوجود.. ان يكتب ما يريد ويقرأه الناس - كل الناس بواب الجريدة وغير الجريدة ويقرأه الوزير ومن فوق الوزير وفوق رئيس الوزراء هنا يشعر الصحفي بمتعة لا تعادلها أي متعة حينما يتبادل الرأي مع كل الناس!!!.. متعة ما بعدها متعة تهون أمامها كل عكوسات الزمن وما اكثرها الآن وقبل الآن. *** أستاذنا الكبير مكرم محمد أحمد أمامه مأمورية ضخمة في منتهي الأهمية ومنتهي الخطورة.. الكل يشكو من تدني مستوي الإعلام بكل صوره خصوصاً في الأيام الأخيرة.. كل محاولات كانت دون جدوي.. ووصل الأمر إلي إلغاء وزارة الإعلام وتطبيق مواد الدستور بأن تتولي مأمورية الإعلام هيئات متخصصة بدلاً من الوزارة. كانت الفكرة ان الوزير مرتبط بوزارة عبارة عن مبني وموظفين.. ولكن رئيس الهيئة له حرية في اختيار أعضاء الهيئة الذين سيعاونونه.. الوزير مضطر ان يعمل مع من هم سبب فشل الوزارة.. ولكن رئيس الهيئة يبدأ من الصفر.. يبدأمن اختيار البشر بعيداً عن الحجر!!! ومن هنا جاء التفاؤل بتغيير جذري للثوابت التي أضاعت ما سميناها يوماً "السلطة الرابعة".. ومن هنا جاءت ثقل المهمة الضخمة التي تبدأ من الصفر!!! ولكن هذا لا يمنع من عودة قلم له قراءة وله ثقله وأفكاره وآراؤه!! *** وهناك حكاية جانبية كتابة العمود أصعب كثيراً من المقال الطويل - وقراء العمود أكثر كثيراً جداً من قراء المقال.. اكتشف ذلك صحفي قديم ربما الكثيرون لا يعرفونه.. أسمه أحمد الصاوي محمد.. وكان أول من كتب عموداً في الأهرام ثم انتقل إلي الأخبار. من حكاياته القديمة.. أن كاتب العمود لابد ان يلتقي بقرائه يومياً مهما كانت الظروف.. وفي أواخر العمر لم يستطع ان يمسك بالقلم.. وكان مصرا ان ينزل العمود الذي سماه: "ما قل ودل" فقد كان هو صاحب الفكرة.. اقترح البعض ان تكتب زوجته الشهيرة جداً في هذه الأيام وهي أيضاً أديبة لها كتب ومقالات ومجلة.. زوجته درية شفيق صاحبة تسريحة شعر قلدتها كل البنات.. رفض الكاتب الكبير ارتكاب جريمة وضع توقيع ما علي مقال أو عمود لم يكتبه صاحب التوقيع.. فكر المرحوم الصاوي.. فوجد مخرجاً.. خطابات القراء!!! كان يقرأ الخطابات القديمة والجديدة ويختار منها يومياً وظل اسمه حتي آخر يوم.. حينما مرض علي أمين كان يملي علي توأمه العمود بالكلمة والحرف.. وبعد موت أنيس منصور حرصت الأهرام علي نشر أعمدة قديمة لم تر النور.. رحم الله الجميع.