تحدثنا في الأسبوع الماضي عن غياب الرؤية السياسية والاجتماعية لدي الكثير من الوزراء الذي يجعلنا نطالب القيادة السياسية بضرورة تنظيم دورات "تأهيلية" سياسية لكافة المسئولين بمختلف المواقع. ومتخذي القرار. وتدريبهم علي أن تكون لديهم الجرأة علي التعامل بروح القانون. وليس بحرفيته. ومن لا يستطيع عليه أن يعتذر. فالوقت ضيق. ولا يملك المواطنون ترفه. ونستكمل اليوم حوارنا في طرح الرؤية. التي قد يستغربها البعض. لكن لا مانع في محاولة الإجابة عن كيفية التعامل مع نهر النيل.. بشكل يتيح لنا الحفاظ عليه من كافة مصادر التلوث والتعديات. والاستفادة منه اقتصادياً واجتماعياً وتوفير فرص عمل. وكذلك منع الإهدار لنقطة المياه في ظل التحديات التي تواجهها الدولة لتوفير الاحتياجات المائية لكافة الأغراض التنموية. والزيادة السكانية المضطردة والتحديات الخارجية. فمياه النيل تأتي من خارج حدودنا. وكلنا نعلم التفاصيل. وهذا ليس مكانه أو وقته. يبلغ طول النيل داخل الحدود المصرية بداية من بحيرة ناصر علي الحدود المصرية السودانية. وحتي البحر المتوسط نحو 1530 كيلو متراً تقريباً. بالإضافة إلي شبكة الترع والمصارف الداخلية "المسئولة عن توزيع مياه النيل" ففي عام 1994 كان في مصر حوالي 30 ألف كم من القنوات العامة "المستوي الأول والثاني" 17 ألف كيلومتر من المصارف العامة. 80 ألف كم من القنوات الخاصة ذات المستوي الثالث "المساقي".. إذن هناك فرصة كبيرة للتعامل مع هذا المجري المائي الكبير تسهم في الحفاظ عليه من مصادر التلوث البيئي المختلفة. ومن التعديات داخل شبكة المجاري المائية بمحافظات الجمهورية. التي تحول في كثير من الأحيان دون نجاح منظومة توزيع المياه بأعلي كفاءة. ولكن كيف يكون ذلك؟!! الإجابة يمكن تلخيصها في عدة نقاط أولها أن يكون مفهوماً للتعامل مع هذه الشبكة من منظور اقتصادي بمعني أن المجري الرئيسي الذي يمر في 16 محافظة نيلية يمكن استخدامه كوسيلة نقل بين جانبي النهر "ضفتي النيل" عن طريق قيام المستثمرين أو القطاع الخاص باستثمار أمواله في إنشاء مراسِ نيلية لهذا الغرض. وأيضاً يمكن إقامة بعض الأنشطة الترفيهية والخدمية. وفقاً لضوابط. ورقابة شديدة لضمان عدم تلويث المجري "المياه" بدلاً من قيام نفس القطاع الخاص والأفراد بالتعدي. وإقامة منشآت مخالفة للقانون. تقوم وزارة الري "الدولة" بإزالتها. وترك المخلفات في مكانها. فلا منا حافظنا علي الشكل الجمالي للمكان. ولا منا استفدنا من عمليات الإزالة. النقطة الثانية إذا كانت هناك صعوبة في سرعة تحديث أو تعديل أو إصدار قانون النيل الموحد "قانون إدارة الموارد المائية" وهذه التسمية أفضل لأنها تعني كافة مصادر المياه بمصر من سطحية وجوفية وأمطار. فما المانع من قيام الوزير أو حتي رئيس مجلس الوزراء بإصدار القرارات التي من شأنها الاستثمار في مجري النيل. خاصة أن هناك دراسات تتم حالياً إن لم تكن قد انتهت لتطوير واجهات النيل ب5 محافظات. مع تطوير كورنيش النيل في القاهرة الكبري "القاهرة والقليوبية والجيزة" ومحافظتي بني سويف وكفرالشيخ. بتكلفة تقدر بحوالي 300 مليون جنيه. علي أن تكون فلسفة المشروع قائمة علي الاستفادة من حملات الإزالة للتعديات علي نهر النيل في تحويلها إلي "ممشي" جديد يكون متنفساً لأهالي جميع المحافظات. ويساهم في منع تكرار التعديات. ويقلل من التلوث. ووصول المخلفات إلي نهر النيل. لسهولة الرقابة عليه. كلام جميل.. ولكن ما فائدته إذا كانت وزارة الري بعدما تقوم بالتطوير والتجميل لا يعرف مسئولوها لمن يسلمه نموذج منطقة الوراق رفض الحي التابع لمحافظة الجيزة تسلم مشروع التطوير الذي تخطت تكلفته حوالي 25 مليون جنيه. وعندما قررت الوزارة طرحه في مناقصة وتمت ترسيته علي أحد المواطنين عجز عن استكمال استخراج التراخيص لأن رئيس الحي الجديد يرغب في الحصول عليه والوزارة ترفض دعم صاحب المناقصة. رغم أنه سوف يحقق عائداً مادياً. والأهم من ذلك قيام الري بتطوير كورنيش النيل بمنطقة ماسبيرو وسلمته لمحافظة القاهرة يقال إنها مشاركة في التكلفة التي قامت بتأجيره. ولم تستفد الري بأي عائد مادي يساعدها علي استمرار رغبتها أو خطتها لتطوير وتجميل الكورنيش داخل القاهرة الكبري بما يضمن منع التعديات. والتلوث البيئي وضمان وسريان المياه والحفاظ عليها من التلوث.. هنا ليس لنا تعليق مؤقتاً. النقطة الثالثة.. نجح الوزير الحالي في الاتفاق مع البنك الأهلي علي قيام الأخير بإنشاء ممشي أهل مصر بالمنطقة من كوبري 15 مايو. وحتي كوبري الساحل ذلك "الممشي" يستهدف الوصول إلي الأماكن التي لا توجد لها كورنيش.. كلام حلو.. لكن كيف نضمن الاستمرارية؟!.. ونشر هذه الفكرة علي مستوي القاهرة الكبري علي الأقل. وقيام المستثمرين والبنوك بتكرار التجربة. أيضاً كيف يمكن استغلال مجري النيل لتنشيط السياحة النهرية بعدما توقفت هذه السياحة من القاهرة للأقصر وأسوان.. لأسباب خارجة عن الإرادة.. إذا اتفقنا علي فكرة "التعاون مع القطاع الخاص" للحفاظ علي النيل من مصادر التلوث المختلفة وتحويله ليحقق عائداً اقتصادياً للدولة مثلما في نهر السين في فرنسا.. لا مجال للمقارنة بينه وبين نهر النيل. لأننا نظلم نيلنا.. ولكن لا مانع من التعرف علي التجربة. حيث يستخدم مجري السين في تسيير رحلات نهرية داخل باريس للأجانب وأيضاً للفرنسيين وهناك مراسِ. وخدمات ترفيهية ومحال صغيرة للتذكارات وغيرها. حيث يوجد أكثر من نشاط. مع ملاحظة أنه لا ينقل بضاعة مثلاً بينما نهر النيل يمكن استخدام مجراه في أكثر من نشاط اقتصادي وثقافي واجتماعي "ممشي أهل مصر" بشرط التخلي عن القوانين البالية أو تطويرها أو إصدار قرارات من مجلس الوزراء. .. وللحديث بقية.....................