تتميز العلاقة بين الكويت ومصر بأنها متنوعة ومتنامية تمتد الي جميع المجالات ويأتي في مقدمتها التعاون الثقافي. ومصر بما تمتلكه من عناصر للقوة الناعمة المتمثلة في مبدعين ومثقفين بارزين في مختلف أفرع الفنون والثقافة والأداب إضافة إلي أزهرها الشريف منارة الإسلام الوسطي المعتدل حول العالم . وهو ما اهلها الي القيام بدور تنويري رائد في النهضة الثقافية للكويت ترجع جذوره إلي ثلاثينيات القرن الماضي مع إرسال مصر لأول بعثة تعليمية تضم مجموعة من خيرة كفاءاتها إلي الكويت إضافة إلي إيفاد الكويت لأولي بعثاتها الطلابية إلي مصر عام 1939 لينهلوا من ينابيع العلم في مصر المحروسة ثم تأسيس مجلة البعثة عن بيت الكويت في القاهرة عام 1946. وفي ضوء هذه المعطيات لم يكن من المستغرب أن تحظي مصر بمكانة رفيعة في وجدان حكام الكويت وشعبها الذي يكّن قدراً كبيراً من الاعتزاز بالقامات الأدبية والفكرية المصرية التي أسهمت في نهضة البلاد وبنائها كدولة حديثة ومن أمثال هؤلاء: العلامة والفقيه الدستوري الكبير عبد الرزاق السنهوري باشا أبو القانون في مصر والعالم العربي والذي أدي دوراً بارزاً في صياغة ووضع الدستور الكويتي عام 1962 أيضاً الجهد الذي بذله كلا من الدكتور عبد الحليم منتصر والدكتور سليمان حزين عميد الجغرافيين في مصر في تأسيس جامعة الكويت حتي صارت صرحاً تعليمياً رائداً في منطقة الخليج العربي وكذلك مسيرة الدكتور أحمد زكي مع مجلة العربي والتي حمل لواءها من بعده المفكر والكاتب الكبير أحمد بهاء الدين هذا فضلاً عن دور الرائد المسرحي الكبير زكي طليمات في تأسيس فرقة المسرح العربي كنواة للمسرح الكويتي الحديث. والكثير من النماذج التي لايسع السياق لاستعراض دورهم علي نحو مفصل. انتاج ثقافي غزير كما احتلت الكويت بما تمتلكه من مفكرين وأدباء وشعراء ودعم رسمي لكافة الجهود والفاعليات الثقافية مكانة متميزة وريادة في هذا المجال جعلها سابقة لجيرانها رغم أنها ليست أكبر دول الخليج من حيث الحجم أوالسكان غير أن إنتاجها الثقافي الغزير جعلها واحة وعاصمة دائمة للثقافة الخليجية ومنارة يشع ضياؤها لينير المنطقة بأكملها. وإن دل هذا علي شيء فإنه يدل علي الفهم الجيد والحنكة السياسية لدي الآباء المؤسسين للدولة الذين استطاعوا حشد كل جهد وتفعيل كل مصدر من مصادر القوة وتوظيفه واستغلاله بكفاءة علي النحو الأمثل في سبيل الحظو بمكانة رائدة تليق بتطلعات وطموح الشعب الكويتي. لذا نجد أن الكويت قد قدمت أوراق اعتمادها للعالم العربي ثقافياً قبل أن تقدمها سياسيا وذلك حين أسست مجلة العربي قبل استكمال استقلالها بنحو ثلاث سنوات حيث صدر العدد الأول منها في الحادي عشر من ديسمبر عام 1958 وفقا لسياسة تحريرية غلب عليها الطابع العروبي القومي. فلم ينصب اهتمامها علي القارئ الكويتي فحسب بل كان الاهتمام الأكبر - ولم يزل- بقضايا وهموم الأمة العربية فخرجت معبرة عن آمال كل عربي. وظلت حاملة للواء العلم والأدب في المجتمعات العربية. إلي جانب ذلك لايمكن إغفال الإصدارات الأدبية والثقافية التي تصدر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب مثل: سلسلة عالم المعرفة وعالم الفكر ومجلة الثقافة العالمية والتي تعد أفضل المجلات المترجمة في العالم العربي. وسلسلة المسرح العالمي. وكذلك مشروع الأسابيع الثقافية وهو سنة حسنة استنتها الكويت فتبنتها من بعدها الكثير من الدول العربية مما يعد خير دليل علي ريادة واهتمام الكويت بالثقافة. إنطلاقاً من أنها إلي جانب الفن تمثلان وسيلتان فعالتيان لتلاحم الأمة العربية. في ظل ما تتعرض له من محن وأزمات متلاحقة ومن ناحية أخري. شكل أدباء الكويت ومثقفوها في بداية النصف الثاني من القرن الماضي من أمثال فهد العسكر وفهد بورسلي وزيد الحرب وصقر الشبيب ويوسف بن عيسي القناعي وعبد الله النوري وعبد الرزاق البصير وعبد العزيز الرشيد وغيرهم قاعدة لنهضة أدبية عملاقة حيث أثروا الحياة الثقافية بانتاجهم المتميز بل وامتد أثرهم إلي الدول الشقيقة المجاورة مما جعل من الكويت منارة للثقافة والإبداع في منطقتها. تبادل ثقافي شهدت العلاقات المصرية الكويتية علي المستويين الثقافي والمعرفي حالة حراك وتفاعل بناء حيث نشطت حركة التبادل الثقافي والفني بين البلدين الشقيقيين وكان هناك اتصال دائم لتعزيز التعاون الثقافي. مما أكد علي عمق وقوة العلاقة بينهما والتي تتسم بصفات متفردة. ففي مجال المسرح. شاركت مصر متمثلة في البيت الفني للمسرح في مهرجان المسرح العربي الذي اقيم مؤخرا. وقبل ذلك تم توقيع ميثاق للتآخي بين الجمعية المصرية لهواة المسرح. وجمعية أعضاء هيئة التدريس بأكاديمية الفنون الكويتية عام 2012 . وهو ميثاق يفتح المجال لمزيد من تبادل الأفكار والرؤي بشكل إيجابي بناء والذي يصب في النهاية في مصلحة فن المسرح في البلدين. كما حلت مصر في العام ذاته كضيف شرف للدورة العاشرة من أعمال الملتقي الإعلامي العربي المنعقد بالكويت والذي كرم خلاله عدد من الشخصيات الثقافية والإعلامية المصرية والتي وضعت بصمات واضحة ومؤثرة في العالم العربي مثل الشاعر الراحل عبد الرحمن الأبنودي. والإعلامية الكبيرة ليلي رستم أما عن مجال الدراما. تم الاتفاق علي التعاون بين البلدين في مجال الإنتاج الدرامي حيث تمت زيارات متبادلة بين قيادات مدينة الانتاج الإعلامي و اتحاد الاذاعة والتليفزيون وبين عدد من المسئولين في الإعلام الكويتي للاتفاق علي انتاج دراما مصرية كويتية مشتركة. وفي مجال الثقافة. شاركت الكويت هذا العام مشاركة قوية في معرض القاهرة الدولي للكتاب متمثلة في جناحين لوزارة الإعلام الكويتية والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وغيرها من الهيئات ودور النشر. واختيرت الكويت العام قبل سنوات ضيف شرف الدورة ال45 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب . الامر الذي يدل علي عمق العلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والمكانة الثقافية الرفيعة لها. وهو ما قابلته الكويت بترحيب كبير معلنة عن منحها 10 جوائز لأفضل 10 كتب في شتي المجالات قيمة تم توزيعها في نهاية المعرض. ولاشك ان تلك الفاعليات المختلفة تعد لمحة بسيطة من روابط المحبة والتقدير بين المبدعين من الفنانين والأدباء والشعراء المصريين والكويتيين بإعتبار مصر قلعة الإبداع العربي والكويت منارته في الخليج وهي الروابط التي تتمازج مع صور العلاقات الأخوية الآخري لترسم ملامح تعاون أخوي بناء ومستمر لصالح البلدين الشقيقين دعم رسمي وكان للدعم الرسمي دور كبير في إستمرار وتعضيد المجال الثقافي التنويري في الكويت حيث اتضح ذلك في دعم المؤسسات الحكومية وغير الحكومية التي تهتم بالشأن الثقافي والأدبي والفني. وفي مقدمة ذلك الدعم توجيهات الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت والذي يبدي حرصا دائماً علي الارتقاء بالمكانة الثقافية للبلاد عبر التوسع في انشاء المراكز الثقافية المتطورة وفق أحدث المعايير التكنولوجية العالمية ووضع أمير الكويت بلاده علي مشارف نهضة ثقافية جديدة من حيث المنشآت الثقافية ولعل المثال الأبرز في هذا الصدد تمثل في المكرمة الأميرية لإنشاء مركزين ثقافيين الأول يحمل اسم مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي بمنطقة الشويخ والذي تم افتتاحه في اكتوبر الماضي . أما الثاني فيحمل اسم مركز الشيخ عبدالله السالم الثقافي بمنطقة ميدان حولي واللذين من شأنهما توفير عدد من المسارح ودور العرض المتخصصة وتخدم الجانب الثقافي والفني والأدبي بشكل كبير في البلاد. هذا فضلا عن إعادة تأهيل قصر السلام والذي يعد أحد معالم الكويت قديما مع ضم ساحة العلم له لتصبح الساحة مركزاً مجهزاً لاحتضان مختلف الاحتفالات الوطنية والشعبية كما أن التطور الأبرز تمثل في مقترح تطوير مجلة العربي من خلال تأسيس كيان جديد بإسم مؤسسة العربي الثقافية من خلال اعتماد مطبعة حكومية متطورة لها. إضافة إلي إنشاء قناة ثقافية تلفزيونية وأخري اذاعية وذلك للحفاظ علي مكانة المجلة التي تعد خير سفير للكويت في العالم العربي وتفعيل دورها بما يتواكب مع التطورات الحديثة. وكانت احدث تجليات الدور الثقافي النشط للكويت اختيارها عاصمة للثقافة الاسلامية للعام الماضي . حيث اعدت الجهات الثقافية المتعددة سلسلة من الفعاليات المتواصلة التي امتدت طوال العام معبرة عن الوجه الحضاري المشرق للكويت في محيطها العربي والاسلامي