دائماً الحكومة وأجهزتها التنفيذية لا تتحرك إلا بعد وقوع الكوارث والحوادث.. وما يجري في مدن مصر وشوارعها يؤكد أن الوزارات تعمل في جزر منعزلة.. وأن المرتشين كثر.. والرشوة متجذرة.. في عمل المحليات.. وأصبحت سائدة بفجور بين مسئولي الأحياء. حادث مقتل الشاب محمود بيومي في كافيه بمصر الجديدة.. فجر مشكلة فساد المحليات.. وترك المقاهي تعمل ليلاً ونهاراً بلا تراخيص.. حتي تكون فرصة للفاسدين بالأحياء للحصول علي الرشاوي.. فأجهزة الأحياء لا تمنح التراخيص.. ولا تقول لا.. أو ممنوع لأصحاب المقاهي وانما تترك الأمر معلقاً وأحياناً تقبل الطلب رغم علمها بأن التراخيص ممنوعة.. حتي تفسح المجال للرشوة.. والابتزاز.. والاتاوات. بعض رؤساء الأحياء يرون المقاهي ويدركون عملها ليلاً ونهاراً.. ولكنهم يغضون البصر.. ويتحركون فقط عندما تقع كارثة أو حادثة.. ويرفعون المعاول ومعدات الهدم والتكسير لإزالة المقاهي المخالفة. أو حتي التي تحمل ترخيصاً من وزارة السياحة.. فالأحياء لا تعترف بتصاريح السياحة إلا بالكيف والمزاج.. رغم أن صاحب الكافيه الذي يحصل علي ترخيص من وزارة السياحة لا يحصل عليه إلا بعد تسديد الرسوم والتكاليف الباهظة. في الحقيقة.. هناك آلاف الكافيهات التي صرف أصحابها ملايين الجنيهات لتجهيزها وتشغيلها.. رغم إدراكهم أن التراخيص ممنوعة.. أو أن طلبات التراخيص ستظل معلقة.. ولكنهم متأكدون من مزاولة العمل بدفع الرشاوي.. رغم أنف السكان والمتضررين.. وهؤلاء بصراحة لا ينبغي أن نبكي أو نحزن علي ما أنفقوه.. لأنهم ضلوا الطريق وفتحوا الأبواب للمرتشين والمفسدين.. ولكن ما يحزن المرأ أن هناك شباباً أراد أن يقيم مشروعاً.. ووجد أن الكافيه هو المشروع المناسب والمضمون له.. وأيضاً لتوفير فرص عمل لبعض زملائه.. وتقدم بشكل رسمي للحصول علي ترخيص من الحي.. ويعطي له المسئول الضوء الأخضر.. ويوهمه بأن فرصة الحصول علي الترخيص قائمة.. ويقع الشباب في فخ المرتشين. وهناك مناطق سكنية لا يجوز اقامة كافيهات أو مقاه بها.. ولكن لماذا لا نسمح بالترخيص لعمل كافيهات في المناطق والأماكن المناسبة لها.. في كل حي.. بعيداً عن إيذاء السكان والاضرار بهم.. وفي نفس الوقت نوفر فرصاً للشباب.. وتتقاضي منهم الدولة الرسوم والضرائب.. ويمكن أن تضيف مليارات الجنيهات لخزينة الدولة..! بعض الدول تسمح بالمقاهي والكافيهات.. واستغلال أجزاء من الأرصفة والمساحات الفضاء أمامها دون الإخلال بحقوق الناس وازعاجهم.. وهنا تقوم الدولة بالحصول علي حق الاستغلال والقيمة الإيجارية.. عن كل شبر.. وتدخل لخزينة الدولة أموالاً ضخمة.. وتوفر فرص عمل للشباب.. بعيداً عن الرشاوي ومعاول الهدم والتكسير.