يوم الخامس والعشرين من يناير. دخل التاريخ بما له. وما عليه.. الذين اعترفوا به بداية لثورة.. والذين رأوا في ذلك اليوم بداية لمؤامرة.. وكذلك الذين رأوا أن 25 يناير كان بداية لثورة.. تم الاستيلاء عليها.. وتنفيذ المخطط الذي كان مُقَدَّراً ومُرتباً.. ليبدأ تنفيذه مع ذلك اليوم وما تلاه من أيام. كان يوم 25 يناير في البداية عيداً للشرطة المصرية فحسب.. سطرت فيه الشرطة في عام 1952 ملحمة تاريخية.. حين صمدت مجموعة صغيرة من شرطة مصر في الإسماعيلية.. مسلحة بتسليح بدائي.. ولكن قلبها وعقلها كانا مسلحين بحب الوطن والإيمان به.. صمدت في وجه جنود الإمبراطورية البريطانية التي لم تكن الشمس تغرب عنها في تلك الأيام.. وواجهت ببسالة وفدائية.. وبنادقها فقط.. مدافع ودبابات الجيش الإنجليزي الذي كان يحتل مصر وقتذاك.. ويرابط علي امتداد مدن قناة السويس.. ورفض ضباط وجنود الشرطة البواسل الاستسلام.. وقاتلوا حتي آخر طلقة معهم.. ليسقط منهم 64 شهيداً. ويصاب أكثر من مائتي ضابط وجندي.. ولم يكن أمام جيش الاحتلال البريطاني غير أن ينحني إكباراً لبطولة هؤلاء لجنود شبه العُزَّل.. الذين صمدوا لمدافعه ودباباته. وخرجت مصر في اليوم الثاني تلعن المحتل الإنجليزي. ومن يتواطئون معه. وكانت باقي عناصر المؤامرة جاهزة للتنفيذ.. لإيقاف الكفاح المسلح الذي كان الشعب المصري قد بدأه لطرد الاحتلال الإنجليزي. وما أن بدأت المظاهرات تنتشر في شوارع القاهرة غاضبة ثائرة منذ صباح يوم السبت 26 يناير 1952. حتي كانت العناصر الخائنة. قد اندست بينها.. لتحرق العاصمة.. كان الهدف القضاء علي انتفاضة الشعب المصري ضد المحتل.. وإسكات الفدائيين من أبنائه الذين أوجعوا جنوده وقادته في حرب عصابات أقَضَّتْ مضاجعه.. وتصاعدت حدة المعارك يوماً بعد يوم.. بين أبناء الوطن.. والاستعمار الذي جثم علي صدور الوطن نحو سبعين عاماً في ذلك الوقت.. واشتدت أيضاً المقاطعة للمحتل.. وغادر العمال المصريون قواعد الجيش البريطاني التي كانوا يعملون فيها.. وقاطعهم أيضاً الموردون للأطعمة ومختلف التوريدات.. الكل ترك عمله.. وضحي الجميع بأرزاقهم.. ليحكموا الحصار علي جيش الاحتلال.. حتي أشعل ذلك المحتل معركة الخامس والعشرين من يناير .1952 عندما أنذر المحافظ بإخلاء مبني المحافظة في الإسماعيلية.. بدعوي أنه يؤوي الفدائيين.. ولم تكن مصر لتقبل بهذا الإنذار.. ولم يكن لجنودها أن يسلموا.. وما كان أمامهم إلا المقاومة حتي النفس الأخير.. حتي وإن كانت القوي غير متكافئة.. دارت رحي المعركة وسقط فيها الشهداء والجرحي.. بنادق.. أمام دبابات ومدافع.. ولكن الإيمان بالوطن.. والتضحية من أجله. كانت أقوي من كل شيء. وكأنما يعيد التاريخ نفسه.. يأتي يوم 25 يناير 2011. يتحدد هذا اليوم ليكون احتجاجاً علي سوء الأوضاع في عهد مبارك.. واحتجاجاً علي بعض ممارسات الشرطة في ذلك العهد.. ولم يكن عبثاً اختيار اليوم الذي يسجل جانباً من أمجاد الشرطة.. ليكون اليوم الذي يبدأ فيه هدم جهاز الشرطة.. ويكون أيضاً بداية للاحتجاجات ضد الحكم أيضاً.. ثم تتلوه جمعة الغضب في 28 يناير.. ليتم في ذلك اليوم حرق العديد من المنشآت والمباني.. وتنتشر عمليات السلب والنهب.. وتتسارع خطوات المؤامرة علي شعب مصر باقتحام السجون.. وإطلاق المتآمرين واللصوص.. ويجري تنفيذ المخطط الذي جري الإعداد له بعناية.. وتم تدريب المشاركين فيه في عدة عواصم ومدن عالمية وأمريكية.. وينتهي الأمر بقفز أصحاب المخطط للاستيلاء علي الوطن.. ويعيش الوطن أياماً سوداء.. ينهار فيها كل شيء.. ويعود الوطن عشرات السنين إلي الوراء.. حتي نصل إلي يوم الثلاثين من يونيه ..2013 ليخرج الشعب بعشرات الملايين. يسانده جيشه.. ليوقف المؤامرة.. ويخلع العصابة التي استولت علي مقدرات الوطن. وحاولت تغيير هويته..التاريخ يكاد يعيد نفسه في أكثر من نقطة تتشابه بين التاريخين 25 يناير ..1952 و25 يناير .2011 مؤامرة الحريق في التاريخين: مؤامرة جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية مع التاريخين أيضاً.. فشلت بعد يناير 1952. مع ثورة يوليو.. ونجحت مؤقتاً مع 25 يناير 2011. إلي أن أفشلها الشعب وجيشه ثورة 30 يونيه ..2013 وتبعها أيضاً نفس تكتيك الإخوان الحرق والتدمير.. ومازال مخطط الإخوان متواصلاً.. ولكن الشعب أيضاً يواصل دحر إرهابهم وهزيمتهم بإذن الله.