في حياة كل منا قصص وحكايات تستحق أن تروي ومواقف تسجل للزمن.. ولكن حياة الفنانة الكبيرة الراحلة سناء جميل لا تتوقف عند السرد والحكايات بل انها تمتد لأن تكون سيناريو وقصة فيلم سينمائي به العديد من الدراما وتمر به قصص الكفاح والنضال والتحدي والتضحية والحب.. سناء جميل لم تكن فنانة بالمصادفة بل فنانة اكتشفت بنفسها موهبتها. ولدت ثريا يوسف عطاالله وهو الاسم الحقيقي للفنانة سناء جميل في 27 أبريل عام 1930 لأسرة مسيحية أرثوذكسية في مركز ملوي بمحافظة المنيا وكان والدها يعمل محامياً في المحاكم المختلطة بينما انهت أمها دراستها في كلية البنات الأمريكية بمحافظة أسيوط.. وقبل اندلاع الحرب العالمية الثانية انتقلت الأسرة إلي القاهرة واودع ابنته ثريا يوسف في المدرسة الداخلية الفرنسية "الميردي دييه" وعمرها تسع سنوات وفصل عنها شقيقتها التوأم.. وظلت ثريا في المدرسة حتي انهت دراستها الثانوية.. وأثناء الدراسة تفجرت موهبتها التمثيلية في المسرحيات باللغة الفرنسية.. الشقيق والعائلة ولولعها بالتمثيل التحقت سناء جميل بالمعهد العالي للفنون المسرحية وعندما علم شقيقها الأكبر طردها من المنزل بعدها صفعها علي وجهها جعلها تعاني من ضعف السمع في أذنها اليسري طيلة حياتها.. ثم تبرأت عائلتها منها.. وتواكب يوم خروجها من المنزل حريق القاهرة. ولم تجد لها مأوي سوي منزل صديقها وزميلها الفنان سعيد أبوبكر الذي كان متزوجاً حديثاً من فتاة ايطالية. علم عميد المعهد ومؤسسة زكي طليمات بما آل لتلميذته فوقف إلي جانبها ووفر لها مسكناً بايجار أربعة جنيهات في شارع عبدالعزيز بحي عابدين.. كما وفر لها وظيفة تعينها علي الحياة براتب "12 جنيهاً".. ولأن الراتب صغير عملت في أحد المحال الكبري في تفصيل وحياكة الملابس براتب ستة جنيهات. لم يكن عمل سناء جميل في الفن مفروشاً بالورود حيث كانت تعاني من عدم اتقانها للغة العربية بسبب دراستها المطلقة للغة الفرنسية بمدرستها الداخلية.. فساعدها عميد المعهد زكي طليمات في اتقان اللغة العربية عن طريق الفنان عبدالوارث عسر.. كما اختار لها اسمها الفني "سناء جميل". البداية انضمت للعمل في بدايتها مع فرقة فتوح نشاطي المسرحي.. ثم إلي فرقة إسماعيل ياسين.. وأخيراً المسرح القومي التي قدمت به معظم عروضها.. ومن بينها "الحجاج بن يوسف وزواج الحلاق والناس اللي فوق" وجاءت بدايتها السينمائية مع فيلم "أنا بنت مين" عام 1950 مع ليلي فوزي وفريد شوقي إخراج حسن الامام ثم "طيش الشباب" مع حسين رياض وسميحة مراد و"حكم القوي" مع هدي سلطان ومحسن سرحان. وتوالي رصيد أفلامها حيث وصل ما يقرب من 50 فيلماً اشهرها دورها في فيلم "بداية ونهاية" وهو أهم أدوارها يعتبر بدايتها الحقيقية والطريق إلي النجومية.. وهو الدور الذي رفضته الفنانة فاتن حمامة ليصل إلي سناء جميل ويصبح دور "نفيسة" فاتحة خير عليها حتي انها حصلت به علي الجائزة الثانية في التمثيل بمهرجان موسكو السينمائي كما كان دور "حفيظة" في فيلم "الزوجة الثانية" أحد أروع أدوارها حيث برعت في أداء كيد النساء مع الفنانة سعاد حسني. قصة حب عاشت سناء جميل قصة حب رومانسية مع الصحفي الشاب لويس جريس عندما التقت به في حفل اقامته في منزلها تكريماً وتوديعاً لصديقتها الصحفية السودانية.. وكان التعارف وبداية قصة حب وتعلق كل منهما بالآخر.. إلا ان لويس ظل يحبها في صمت لاعتقاده أنها فنانة مسلمة.. حتي صارحها يوماً قائلاً "لو لم تكوني مسلمة وأنا مسيحي لكنت تزوجت بك". فابتسمت سناء جميل ضاحكة وقالت أنا مسيحية يا لويس.. ولم يصدق الصحفي الشاب وطار من الفرحة وقرر الزواج بها علي الفور والتي وافقت ان تتزوجه بالرغم انه صحفي شاب في بداية الطريق وهي نجمة معروفة.. إلا أن الحب ربط بينهما وتزوج الحبيبان عام .1961 الأيام الأخيرة في آخر ايامها اصيبت سناء جميل بسرطان الرئة وظلت تعالج في المستشفي ثلاثة شهور حتي توفيت وحرص الزوج لويس جريس علي عدم دفن زوجته لمدة ثلاثة أيام حتي يعرف الجميع بوفاتها ويظهر أحد من اقاربها للمشاركة في جنازتها.. ولم يحدث لتخرج جنازتها من الكاتدرائية بالعباسية في 22 ديسمبر اليوم الرابع لوفاتها لتترك حبيبها بمفرده بعد ان عاشا أكثر من 40 عاماً.. وتأتي ذكري مرور 15 عاماً علي رحيلها يوم الخميس من الاسبوع الماضي 22 ديسمبر حيث توفيت في عام .2002 حصلت سناء جميل علي وسام العلوم عام 1967 وقبل وفاتها بأربع سنوات كرمها مهرجان الأفلام الروائية عام 1998 كما حصلت في مشوارها علي مجموعة جوائز من وزارتي الثقافة والاعلام.