"ولا يا حمو.. التمساحة يالا"، جملة قيلت في مسلسل "الراية البيضا" حفظها ويرددها الجمهور للفنانة العظيمة سناء جميل التي تألقت فيه بدور المعلمة "فضة المعداوي" ودخلت فيه سريعًا إلى قلب المشاهد ويتذكر "إفيهاتها" في المسلسل إلى يومنا هذا. وُلدت الفنانة سناء جميل يوم 27 أبريل عام 1930 في مدينة ملوي بمحافظة المنيا، واسمها الحقيقي ثريا يوسف عطا الله، وتخرجت من المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1953، وعملت بعدها في الفرقة القومية وتميزت بأدئها باللغة العربية الفصحى إلى جانب إتقانها اللغة الفرنسية، ورغم المعارضة الشديدة التي واجهتها من أهلها لعملها بالفن؛ إلا أنها أصرت على الاستمرار في هذا الطريق رغم كل الظروف المعاكسة.
تزوجت سناء جميل من الكاتب الصحفي لويس جريس في منتصف الستينات بعد قصة حب ملتهبة، لم تهدأ بمرور الأيام بل استمرت مشتعلة طيلة سنوات الزواج بل وحتى بعد وفاة الفنانة سناء جميل في 22 ديسمبر 2002 عن عمر ناهز ال72 عامًا بعد صراع مع مرض السرطان. وتحدث لويس جريس، في أحد اللقاءات الصحفية، عن أسرار حبه العميق لسناء جميل وما جذبه إليها وكواليس لقائه الأول بها الذي كان شرارة هذا الحب، وقال إن أهم ما يميز زوجته الراحلة هو ما تتمتع به من روح التحدي، التي دفعتها إلى امتهان تفصيل الملابس لمواجهة ظروف الحياة الصعبة، بعد أن تركت أهلها بسبب رفضهم ممارستها للفن، حيث كان المجتمع يتعامل مع خروج البنت لممارسة بعض الأعمال ذنبًا كبيرًا. سرد جريس تفاصيل أول لقاء جمعه بزوجته سناء جميل والذي كان في إحدى الحفلات التي أقامتها صحفية سودانية لتوديع أصدقائها بمناسبة انتهاء فترة دراستها في مصر، وكان الحفل في منزل سناء جميل وحضره لويس جريس وكان هذا الحفل بداية التعارف بينهما وبداية قصة الحب، ويقول جريس عن زوجته في هذا اليوم إنه كان يظنها مسلمة لكثرة تكرار كلمات مثل "والنبي، ووالله العظيم" لكنها أخبرته أنها مسيحية أرثوذوكسية اعتادت مثل هذه العبارات من كثرة سماعها من زميلتيها سميحة أيوب وزهرة العلا. وكشف لويس عن أن سبب طرد سناء جميل من بيت أهلها أنها صارحت شقيقها برغبتها في ممارسة التمثيل فصفعها على وجهها وطردها من المنزل لتجد نفسها وحيدة مع حلمها، لم ينقذها من ذلك إلا وقوف الفنان زكي طليمات وسعيد أبو بكر إلى جوارها حتى تم تعيينها في المسرح القومي بأجر. استمرت القطيعة بين سناء جميل وعائلتها حتى وفاتها، لكن الأمل بقي لدى لويس جريس في أن يحاول أحد أقاربها التواصل معها، حيث كانت تخبره بأن لها أخت توأم تتمنى لقائها، وهو ما دفعه عند وفاتها إلى تأجيل دفن الجثة لمدة ثلاث أيام، حتى يتمكن من نشر خبر الوفاة في الصحف على أمل أن يصل الخبر لأقاربها ليحضروا المراسم الدفن إلا أن ذلك لم يحدث أيضًا. ومن بين المواقف التي تظهر مدى التضحيات التي قدمتها من أجل الفن ما حدث عندما تلقت صفعة حقيقة من الفنان عمر الشريف أثناء تصوير فيلم "بداية ونهاية"، حيث اندمج عمر الشريف مع أداء المشهد وانفعل لتتسبب صفعته لها في فقدانها حاسة السمع في إحدى أذنيها.