أكد خبير الآبار البترولية والطاقة الشمسية العالمي المهندس محمد مخلوف وجود امكانات غير محدودة لمصر في مختلف مجالات الطاقة وأن المكامن البترولية التي لم تكتشف بعد خاصة في منطقة البحر الأحمروجنوب الوادي ستجعل مصر من أهم المناطق الواعدة في المستقبل القريب.. كما أن امكاناتها في الطاقات المتجددة خاصة الشمس تؤهلها لأن تكون محور مشروعات استغلال وإنتاج الطاقات النظيفة وتصديرها لكافة دول العالم خاصة الأوروبية. الخبير العالمي المهندس محمد مخلوف الذي شغل عدة مناصب قيادية في كبري شركات البترول العالمية علي مدار الثلاثين عاماً الماضية كأهم الخبراء في استخدام أجهزة الاستشعار وخصائص الآبار البترولية والتربة المحيطة والقياسات وحاصل علي أعلي الدراسات في مجال الإدارة الدولية من الجامعات الأمريكية في مجال الآبار البترولية تحدث إلي جريدة "الجمهورية" حول مستقبل التنمية في مصر مؤكدا أنه واعد لكنه يحتاج المزيد من الجهد والاعتماد علي النفس لا علي الآخرين حيث تمتلك مصر كافة المؤهلات لأن تصبح بلداً تنموياً واقتصادياً ينافس أهم الدول العالمية بما تمتلكه من قدرات في مختلف المجالات سواء الطاقة والبترول والمعادن والثروات البشرية وحتي المياه التي نعاني الآن من ندرتها ولدينا العديد من المصادر غير المستغلة التي يمكن استغلالها لزراعة ملايين الافدنة وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء. البحث والتنقيب * الجمهورية: من خلال خبراتك في مجال البحث والتنقيب عن البترول كيف تري مستقبل عمليات البحث في مصر؟ ** مخلوف: مشكلة مصر في مجال الاكتشافات البترولية وكذلك كافة الدول العربية هي الاستعانة بالشركات العالمية وعدم وجود إمكانات محلية وعدم الاعتماد علي الذات وتفضيل الأجنبي وبالتالي نصبح تحت ضغط هذه الشركات التي لا تعرف إلا لغة الربح وتعطي الاولوية لمصالحها كما انها ترتبط باجندات سياسية لبلادها ويمكنها ان تتلاعب بالنتائج الكشفية كما تريد وهناك قصة معروفة في الصحراء الغربية عندما كانت إحدي هذه الشركات تعمل في البحث وحدث توتر للعلاقات مع بلادها مما دفعها لعدم الرغبة في الاعلان عن اكتشافات وعندما صمم أحد المهندسين المصريين علي مواصلة الحفر وعثر علي اهم اكتشاف بها تم معاقبته من هذه الشركة لأن مسئوله طلب منه التوقف وهو استمر في العمل بعد ان احتجز هذا المسئول في الستينيات. * الجمهورية: أين توجد المشكلة إذن وكيف نتخلص منها؟ ** الكل يعرف مكمن المشكلة في مجالات البحث والتنقيب في مصر وهي عدم المخاطرة في مجال البحث والتنقيب عن البترول والغاز والخوف من الخسارة أو الفشل عكس الشركات العالمية التي تتحمل المخاطرة والفشل عشرات المرات ورجال الاعمال عندنا غير متعودين علي مثل هذا العمل ويفضلون السهل رغم أن العائد في هذا المجال هو الاعلي وأن نجاح كشف واحد من بين 10 محاولات هو نجاح كبير لأي شركة تقوم باعمال البحث والتنقيب. مؤكداً أن اكتشاف البترول في الدول المحيطة وبكميات هائلة يؤكد أن مصر بها مكامن بترولية علي نفس المستوي لكنها تحتاج لبعض الوقت وعلماء مخلصين كما أن البحث في المياة العميقة مكلف جدا والبئر الواحدة تحتاج لاستثمارات تصل إلي 500 مليون دولار. * الجمهورية: آبار البترول في الدول المحيطة تنتج مئات الآلاف من البراميل والحقول المصرية تنتج المئات فقط فما السر في ذلك؟ ** مخلوف: نعم غالبية الآبار البترولية المصرية صغيرة الإنتاج عكس الدول المجاورة وهذا ليس دليلاً علي ضعف الامكانات او الاحتياطات البترولية المصرية لكنه يعود لاسباب جيولوجية فمثلا منطقة خليج السويس وسيناء حدث بها انزلاق للطبقات الارضية مما ادي إلي عدم اتصال الآبار بعضها ببعض عكس السعودية التي لم تشهد مثل هذا الانزلاق وبالتالي مناطقها متصلة نتيجة لنوع التربة وأن مناطق جنوب مصر وخليج السويسوالبحر الاحمر تحتاج إلي تكثيف أعمال البحث والتنقيب مؤكداً أن هذه المناطق تعوم علي بركة من البترول والغاز وتحتاج لاستثمارات كبيرة وشركات البترول العالمية تحتاج إلي تسهيلات وامتيازات للعمل والمفروض ان يكون لدينا شركات وطنية للقيام بأعمال المخاطرة والبحث بنفسها وإذا ما تم ذلك فستكون مصر دولة بترولية من المقام الاول. * الجمهورية: ما السبيل إذن لتكثيف أعمال البحث في مصر؟ ** مخلوف: لابد من توافر الاستثمارات والتكنولوجيا الحديثة وهي متاحة.. وانا عن نفسي تقدمت باقتراح إلي البنك المركزي المصري لجذب الاستثمارات لهذا البرنامج وبما يسمح بتعظيم اعمال البحث الوطني عن البترول والغاز بأيد مصرية وذلك من خلال تقييم الموارد البترولية والغازية وطرحها في البورصة ويكون لك سهم وكوبون حصة من الاكتشافات والإنتاج وهو ما يمكن من جذب اكثر من 10 مليارات دولار من الشركات العالمية نخصص نصفها لأعمال البحث والتنقيب فقط خلال السنوات القادمة وهو ما يضمن تدفق الشركات العالمية إلي مصر باستثماراتها الكبيرة. الحدود الليبية أكد خبير الآبار البترولية أن الحدود المصرية الليبية بها امكانات كبيرة لكن المشكلة تكمن في الجيولوجيا التي تجعل استخراج البترول في مصر يختلف عن ليبيا لانعزال الطبقات الحاملة للخام وهناك دلائل كبيرة تؤكد ثراء منطقة منخفض القطارة بمكامن البترول والغاز. أضاف أن مناطق جنوب الوادي والصعيد مناطق واعدة وهناك ما يؤكد وجود البترول بها خاصة أن هذه المنطقة هي امتداد لمناطق البحر الاحمر ومشكلتها هي الاصطدام بالأراضي الزراعية كما أن الفترة الماضية لم تشهد مشروعات بحثية كبيرة في هذه المنطقة باستثناء منطقة كوم أمبو وبعض المناطق في اسيوط لا يمكنها أن تكون الحكم علي مكامن هذه المنطقة الشاسعة من الاراضي. الطاقة الشمسية إبداع مصري * الجمهورية: من البترول والطاقة الناضبة إلي الطاقات المتجددة وبالتحديد الشمس.. كيف تري مستقبل هذه الطاقة خاصة وأنك تدير أول مصنع في مصر والشرق الأوسط لإنتاج الخلايا الشمسية؟ ** مصر كانت أول دول العالم في استغلال الطاقة الشمسية منذ أيام الفراعنة حيث كان يتم استخدام الشمس في تسخين حمامات الملوك والامراء في الشتاء باستخدام نظرية تخزين الحرارة في الماء حيث كان يتم استخدام أسطح تسمح بدخول أشعة الشمس ولا تسمح بخروجها وذلك في العهد القديم أما في العصر الحديث فقد تمت إقامة اول محطة شمسية في العالم عام 1913 بمنطقة المعادي.. كما كانت مصر في مقدمة دول العالم تصنيعاً لمعدات طاقة الشمس حيث أقيم بها اول مصنع للخلايا الشمسية عام 1992 بمبادرة مجموعة من أساتذة الجامعات بقيادة الدكتور يحيي بهنسي أستاذ الإلكترونيات وذلك بمدينة العاشر من رمضان والذي انتقل بعد ذلك إلي مدينة الاسماعيلية وكان بالتعاون مع شركة سيمنس الألمانية والتي خرجت منه بعد الأزمة الاقتصادية في أوروبا وانخفاض الطلب علي معدات الطاقة الشمسية بنسبة 45%. رغم الارتفاع الكبير لأسعار العملات الأجنبية فإنه من خلال المنتج المصري يمكن إنارة منزل ريفي ب 5 آلاف جنيه حيث يبلغ سعر اللوحة قدرة 250 فولت حوالي 2000 جنيه ومثلها لاستكمال منظومة الإنارة والتخزين مما يؤدي لحل الكثير من المشاكل ويوفر احتياجات المواطنين في المناطق النائية والبعيدة عن الشبكة الكهربائية مشيرا إلي أن المشاكل تكمن في الصيانة نتيجة للأجواء المصرية ومعدلات تساقط الاتربة وتعرض البطاريات للسرقة إلا أن هناك حلولاً كثيرة باستخدام مواد كيماوية تؤدي لانزلاق الأتربة. نصدر.. فقط * الجمهورية: هل إنتاجنا قادر للمنافسة والتصدير للأسواق العالمية؟ ** فرصة مصر كبيرة جداً في تصدير الخلايا الشمسية لكافة دول العالم خاصة أوروبا التي وضعت حواجز إغراق علي المنتجات الصينية لكونها الأقل سعراً علي مستوي العالم مؤكداً أن الشعب المصري مبدع وعبقري ويمكنه أن ينتج ويصدر كافة المهمات الصناعية لكن نفتقد للرؤية الصناعية الجيدة كما ان نظم ولوائح العمل والروتين هما العائق ضد النجاح. ومصنع الخلايا الشمسية المصري البالغ قدراته 50 ميجاوات سنويا دليل علي ذلك فإنتاج هذا المصنع ممنوع من التداول في مصر مباشرة لكن يتم تصديره إلي ألمانيا بلد الطاقة الشمسية في العالم وكذلك اوروبا ويتم وضع لافتة وشعار ألمانيا عليه ليعود بأضعاف سعره إلي السوق المصري بعد تحميله لتكاليف الشحن وأرباح المستورد والمصدر مشيراً إلي أن مصر كانت ترفض دخول المنتج مباشرة وهذا ما كان العائق الكبير أمام تطور ونمو هذه الصناعة التي كانت في باكورة الصناعات العالمية. أشار إلي مبادرة وزارة الإنتاج الحربي برئاسة وزيرها اللواء العصار الذي يتبني الآن مشروعاً عملاقاً لتصنيع كافة مهمات ومعدات الطاقة الشمسية من خلال تنفيذ مشروع بطاقة ألف ميجاوات من الخلايا الشمسية سنوياً ويتضمن كافة مراحل إنتاج هذه الطاقة بدءا من تنقية الرمال وإعدادها للتصنيع نهاية بإنتاج الخلايا الشمسية ومستلزماتها إلي جانب مصنع للزجاج والالمونيوم المستخدم حول اللوحة ووصلات اللحام والمواد الكيماوية وغيرها. مشيراً إلي أن ذلك يتضمن 10 مراحل وصناعات لا يتم حالياً إنتاج إلا صناعة واحدة منها وجاري الدخول في عدد من الصناعات إلا أن الإنتاج المصري من الخلايا الشمسية يعادل الكفاءة الالمانية من حيث الجودة والمواصفات وينافس الصناعة الصينية سعرياً. * الجمهورية: ما أهم المناطق المناسبة لنشر محطات الطاقة الشمسية؟ ** مخلوف: أهم مناطق مصر لإنتاج الطاقة الشمسية في الجنوب والساحل الشمالي الغربي وأن شدة الاضاءة ليس لها علاقة بدرجة الحرارة لكن الامر يتعلق بسطوع الشمس فمثلاً من الممكن أن تكون درجة الحرارة منخفضة لكن الضوء موجود فيتم إنتاج الكهرباء حيث تقاس بكمية الطاقة التي تنزل من الشمس علي الأرض حيث يمكن إنتاج ما يزيد علي الكيلووات من مساحة 10 أمتار وهي نسبة لا تزيد علي 18% من كمية الطاقة المتساقطة من الشمس وفقا لكفاءة المعدات التكنولوجية المتاحة حالياً. تكنولوجيا مصرية * الجمهورية: تقود تجربة فريدة أنت ومجموعة من العلماء لإنتاج تكنولوجيا مصرية هل تحدثنا عن هذه التجربة؟ ** الخبير المصري: تم تكوين فريق من العلماء والخبراء في مصر لتطوير وإيجاد تكنولوجيا مصرية 100% لأول مرة حيث يتم تصميم وتصنيع وتطوير التكنولوجيا ويضم الفريق علماء من استراليا وعدداً من الدول الاوروبية وتم تدريب وتأهيل مجموعة من اوائل الجامعات وكليات الهندسة ويضم الفريق الآن 60 مهندساً وعالماً شركاء في أول برنامج وطني لتطوير تكنولوجيا مصرية 100% وقامت المجموعة بانشاء مصنع في دبي وآخر في كندا لتوفير نوعية معينة من الصلب لتلبية متطلبات الصناعات الدقيقة وتم إقامة مصنع آخر في ماليزيا كله من المصريين وآخر في الاسكندرية. قال إنه تم الحصول علي براءات اختراع مصرية وعالمية وأن الهدف من هذه الخطوة تصنيع منتج مصري هو الأفضل والاكفأ في الجودة عالمياً حتي تتحول مصر إلي اسم معروف مشيراً إلي أن المشروع بدأ عام 2013 وتم الحصول علي توكيل في الشرق الاوسط من خلال شركة أمريكية تتولي تسويق الانتاج الذي تفوق علي الانتاج الأمريكي نفسه كما تفوق علي الإنتاج الاسترالي والانجليزي وطلبت الشركة الامريكية مضاعفة الكميات لتغذية السوق البرازيلي بعد أن أثبت الإنتاج المصري تفوقه. اضاف أن الانتاج اليدوي المصري لمعدات الطاقة الشمسية تفوق علي الانتاج الآلي من حيث الجودة والكفاءة والاقبال العالمي وهذا مؤشر علي إمكانية استيعاب أعداد كبيرة جداً من الشباب في هذه الصناعة التي تدر أرباحا كبيرة من التصدير إذا اهتمت الدولة بها إلي جانب نشر استخدام الطاقة الشمسية حيث إن مصر تمتلك كافة المقومات في هذا المجال لأن الشمس تسطع فيها أغلب أيام العام كما أن السحب والغيوم لا تمنع من استغلال الشمس وإنتاج الكهرباء ولدينا الأراضي الصحراوية الشاسعة الملائمة لهذه الطاقة والأهم من ذلك توافر الايدي العاملة الرخيصة والمؤهلة لذلك.