بعد دراساته المتعددة عن الرمز والرمزية في الشعر المعاصر. والمسرح المصري المعاصر. والنثر الكتابي في العصر الأموي. وواقع القصيدة المعاصرة. والروافد المستطرقة بين جدليات الإبداع والتلقي. والحداثة الشعرية ..الاصول والتجليات. عكف د. محمد فتوح أحمد. أستاذ الأدب الحديث في كلية دار العلوم جامعة القاهرة. علي موضوع أثير لديه. وهو رصد أصداء الفكر والإبداع في أدب راهب الفكر الروائي الروسي العظيم ليو تولستوي. عبر كتابه الجديد. الذي يندرج في إطار الدراسات الأدبية المقارنة. وهو ¢ الشرق العربي في أدب تولستوي¢. وذلك عبر قراءة تحليلية عميقة. أبانت عن أوجه تأثير وتأثر تولستوي بالشرق عامة في الصين والهند واليابان. والمشرق العربي خاصة. في مصر ولبنان والعراق وفلسطين وغيرها من بلدانه. ويكشف المؤلف عن ولع تولستوي بالقيم الروحية التي تميز الشرق. عل العكس من شتي ألوان الظلم والقهر والعنف السائدة في بلاده. ومن ثم كان تصديه وفضحه نفاق وأنانية عالم الملاك الاقطاعيين المستغلين في عصره. مؤكدا أنه كلما زاد عمق معرفة تولستوي بثقافات الشرق كان يزداد ولعه بالترويج لها في وطنه. وأن ما قام به تولستوي في توطيد عري الصداقة بين بلاده وشعوب آسيا وأفريقيا لم يستطع أحد أن يقوم به غيره من الشخصيات الثقافية الروسية الأخري. وكتطبيق عملي علي ذلك يعرض المؤلف نماذج من المراسلات التي تمت بين رواد الإصلاح العرب وتولستوي. متلمسين منه العون والنصيحة. ومن بين الذين راسلوه المفتي الأكبر الإمام محمد عبده "1849-1905". ففي رسالة إلي تولستوي حمّلها الناقد الفني الإنجليزي سيدني كوريل "ربيع 1904". نري محمد عبده. كما يشير المؤلف. يتحدث عن الأصول الدينية والأخلاقية لتيار الإصلاح الذي يرعاه. راجيا من الكاتب العالمي المعروف العون والسداد والمؤازرة. وهي رسالة تكشف. كما يقول الكاتب. عن نقاط التلاقي في فكريهما. والمتمثلة في إعلاء سلطة العلم والعقل في مقابل طاغوت الجهل والخرافة. وفي 13 مايو 1904 يرد تولستوي علي رسالة الإمام بخطاب مطول يلخص في ثناياه جوهر معتقداته الفلسفية والاجتماعية. ويبدي اغتباطه باتصاله بقطب التنوير الاجتماعي في العالم العربي الذي يشاطره مثله الأخلاقية. ويرصد المؤلف بعض الاصداء العربية في أدب تولستوي. ومنها حكايات ألف ليلة وليلة. التي كان لها أثرها الكبير في أدبه. وخصوصا حكاية ¢علي بابا والأربعين حرامي¢. وحكاية الأمير قمر الزمان ابن الملك شهرمان. وغيرها من الحكايات العربية التي استمع اليها الأديب العالمي في غرفة جدته من فم حكّاء أعمي. والتي أعاد تولستوي إنتاجها هي وغيرها لتلاءم البيئة الروسية في أثناء عكوفه علي وضع كتب للناشئة. فأصدر ¢دونياشا والأربعين حرامي¢ و¢حكم جائر¢. المأخوذة عن حكاية الشاب البغدادي. وغيرها. ويعد المؤلف مبحثا مهما عن الاستجابات العربية لابداع تولستوي عرض فيه لمترجمي تولستوي في الوطن العربي. ويأتي في مقدمتهم الفلسطيني سليم قبعين. الذي أصدر في القاهرة سنة 1901 كتابه ¢فكر الكونت تولستوي¢. وغير ذلك من روائعه مثل ¢سوناتا بحرية¢ تحت عنوان لقاء وفراق أو لحن البحّار. وانجيل تولستوي وعقيدته 1904. وثورة الجحيم 1909. وفي عام 1908 ترجم رشيد حداد رائعة تولستوي ¢البعث¢. ثم توالت بعد ذلك ترجمات أعماله في المجلات البيروتية والقاهرية. حتي نصل إلي خمسينيات القرن العشرين. فنشهد في دمشق صدور الحرب والسلام وآنا كارنينا. والبعث. والطفولة والصبا. والشباب. صدرت هذه الاعمال في ما بعد في القاهرة ومعظم أقطار الوطن العربي. وأخيرا يعرض الكتاب للشخصيات العربية التي تأثرت بإبداع تولستوي. ومنهم فرح انطون ومصطفي لطفي المنفلوطي وأحمد شوقي الذي كتب قصيدة طويلة سنة 1914 صاغها في صورة حوار متخيل بين تولستوي وأبي العلاء المعري. يعرض أيضا لتأثير تولستوي في الأدب اللبناني. متمثلا في الكاتب والشاعر أمين الريحاني. وتأثيره في ميخائيل نعيمة. وفي الكتّاب المصريين محمود تيمور. وسلامة موسي. وعبد الرحمن الشرقاوي.