صوتت مصر في بداية هذا الأسبوع علي مشروع قرارين أحدهما روسي والآخر فرنسي في جلسة لمجلس الأمن لوقف العمليات القتالية في حلب وسوريا وعلي الرغم من عدم إمرار مجلس الأمن للقرارين إلا أن هذا التصويت كانت له ردود فعل متباينة. وخرجت بعض الدول تنتقد موقف مصر من التصويت. إلا أن الخارجية المصرية أصدرت بياناً رسمياً في هذا الشأن يوضح السبب وراء تصويتها علي القرارين اللذين يهدف محتواهما إلي وقف المجازر والأعمال القتالية في حلب ويعطي الفرصة لإدخال المساعدات الإنسانية. التصويت حاز أيضاً علي تأييد الدبلوماسيين المصريين الذين وجدوا فيه موقفاً مصرياً واضحاً ومحترماً لإنقاذ الشعب السوري من كافة محاولات إبادته وتهجيره. يقول السفير أحمد أبوزيد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية في مداخلة هاتفية معه عبر إحدي القنوات التليفزيونية أن هناك مشروعين طرحا علي مجلس الأمن. المشروعان لم يتم التصويت عليهما في نفس الوقت. ولكن عندما فشل مجلس الأمن في اعتماد المشروع الأول المطروح من فرنسا وإسبانيا طرحت روسيا المشروع الثاني. وعندما تقرر مصر التصويت لصالح مشروع من عدمه تنظر إلي مضمون هذا المشروع ومحتواه.. المشروعان يحتويان علي عناصر تنسق مع الموقف المصري منذ البداية وهو المطالبة بوقف إطلاق النار والهدنة وتوصيل المساعدات الإنسانية إلي الشعب السوري الخاضع للحصار ومكافحة الإرهاب في سوريا وإطلاق العملية السياسية والمفاوضات. أضاف: هذه العناصر أكد عليها المشروعان. ولكن توجد أيضا اختلافات في عنصر المشروعين نابعة من الاختلاف بين عدد من الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن. فرنسا وإسبانيا والولايات المتحدةالأمريكية علي سبيل المثال لديها رغبة في فرض حظر للطيران علي الأراضي السورية. في حين تري روسيا أهمية أن حظر الطيران هذا لا يمنع من قدرتها علي مكافحة التنظيمات الإرهابية في سوريا. السفير هاني خلاف مساعد وزير الخارجية الأسبق يقول إن تصويت مصر لصالح القرارين الروسي والفرنسي يؤكد موقفها الثابت والصريح الداعم لوقف الأعمال العدائية في سوريا وعلي الرغم من أنه لم يتم تمرير أي من المشروعين إلا أن ذلك يوضح أن مصر علي الحياد وما يهمها هو الشعب السوري الذي أرهقه القتال والدمار. فحكمة مصر وعقلانيتها تتفق مع مصالح السوريين . والدعم الإيجابي المصري للقرارين هو شجاعة أدبية اتسمت بها مصر والتي دائما ما تتسم بالموضوعية و الصدق في صياغة قرارات تتفق مع مبادئها وذلك علي الرغم من أن الفترة المتبقية لها في مجلس الأمن قصيرة. ويستنكر السفير عبد الرءوف الريدي الرئيس السابق للمجلس المصري للشئون الخارجية موقف بعض الدول العربية المعارضة للتصويت المصري علي القرار ويؤكد أن مصر كل ما يهمها هو إيقاف عملية نزف الدماء المستمر في حلب وسوريا ووضع حدا لما يحدث من انتهاكات هناك. فكل ما تضمنه مشروع القرارين هو في صالح الشعب السوري وإنهاء القتال في مدينة حلب و التي كانت تعد من أجمل مدن العالم العربي والإسلامي. أضاف أن تصويت مصر في محله فهي عليها مسئولية كبيرة في مجلس الأمن ومن منطلق عضويتها الحالية في مجلس الأمن فهي تنظر إلي الأمور بموضوعية وبالتأكيد مصر مدركة تماما وواعية لتبعات التصويت علي مشروعي القرارين اللذين صوتت عليهما. السفير سيد شلبي المدير التنفيذي السابق للمجلس المصري للشئون الخارجية يقول التصويت المصري علي القرارين ايجابي وموضوعي وبناء علي فالقراران لديهما عناصر إيجابية لصالح الشعب السوري والسلام في سوريا . لا أحد يستطيع أن يتجاهل التصويت علي عدم وقف العمليات الجوية في سوريا وحماية المدنيين وتمرير حملات الإغاثة لإنقاذ مئات الآلاف من الشعب السوري. يضيف: لا أحد ينكر وجود نقاط خلاف بين المشروعين ولكن كان يتبين علي المجتمع الدولي أن يجمع هذه النقاط الإيجابية في قرار واحد و أن يضع الآليات لتنفيذها علي الأرض . ومن وجهة نظري اعتبر المسئولية الكبري تقع علي روسيا بحكم وجودها السياسي و العسكري المكثف منذ عام في سوريا و الذي حولها من ثورة شعب انتفض بشكل سلمي ليتحرر من حكم ديكتاتوري ضدة أسرة الأسد إلي صراع دولي علي النفوذ و المكانة في سوريا و الشرق الأوسط ولا ننسي أيضا الدور الإيراني في زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط . وما يحدث في حلب وسوريا هو مأساة إنسانية ربما لايتذكر التاريخ مثلها إلا في مذابح بوروندي والبوسنة وسربنيتشا. وهذا الوضع المأساوي ضحيته الوحيدة سوريا كدولة وكيان موحد وشعب كامل يتعرض للإبادة والنزوح و الهجرة فأي قراءة حقيقية في الملف السوري توضح أن بشار بعنفه وتدميره أدي إلي دخول داعش إلي سوريا وهذه حقيقة لا يستطيع أي مراقب أن يجادل فيها . فداعش دخلت علي أنقاض الخراب و الدمار الذي أحدثه الأسد في سوريا. وكانت الخارجية المصرية قد أصدرت بيانا أكدت فيه علي لسان مندوبنا في الأممالمتحدة السفير عمرو أبو العطا تأييدها لكل الجهود الهادفة لوقف مأساة الشعب السوري و أنها صوتت لصالح قراري التهدئة في سوريا بناء علي محتوي القرارات وليس من منطلق المزايدات السياسية التي تعوق عمل مجلس الأمن موضحاً أن السبب الرئيسي في فشل المشروعين يعود للخلافات بين الدول دائمة العضوية وأعرب البيان في ذات الوقت عن أسفه ازاء عجز مجلس الأمن عن اتخاذ قرارات فاعلة ترفع المعاناة عن الشعب السوري.