مرت يوم الأربعاء الماضي الذكري ال 46 علي رحيل الزعيم الخالد جمال عبدالناصر وامام الضريح حرصت علي الذهاب مبكرا ولفت انتباهي في قراءة الوجوه التي قدمت من كل ربوع الوطن قبل وصول الفريق صدقي صبحي وزير الدفاع والانتاج الحربي الي الضريح أنها ترسم خريطة مصر وعالمنا العربي. اللافت كان هؤلاء الشباب الذين حملوا صور الزعيم إضافة الي البسطاء من أبناء مصر الذين استفادوا من ناصر من العمال في فترة الستينيات ومعهم أحفادهم الذين لم يعايشوا ناصر ولكن استمعوا منهم دروس العدالة الاجتماعية التي طبقها الزعيم وحافظ علي حقوقهم. تحدثوا عن قوانين العمل وكيف حفظ ناصر كرامتهم أمام رأسمالية متوحشة كانت تستغلهم فهذا فلاح بسيط جلس بجوار المسجد يتحدث عن مجانية التعليم وعلاج اسرته وتوزيع الاراضي الزراعية. واخر من نجع حمادي يتحدث عن منطقة ¢الهو¢ التي تحولت الي أهم مصنع المنيوم في الشرق الاوسط واخرون من عمال الحديد والصلب بحلوان والمحلة الكبري وكفر الدوار... وبجوارهم بعض السوريين يتحدثون عن الوحدة والجيش الأول الذي يواجه عصابات الإرهاب في الشام. أحاديث الجميع كانت ترسم في الذهن صورة مصر ناصر الذي اختار صفوف الجماهير ليعيش بينها وكان واضحا ان درس العدالة الاجتماعية وإنجازات التجربة الناصرية الغالب في كلامهم. رغم مرور 46 عاما علي رحيل الزعيم ومحاولات البعض الظالمة لتشويه احد اهم ثورات القرن العشرين التي لم تغير وجه مصر أو العروبة فقط بل غيرت وأثرت في العالم الثالث والعالم أجمع برؤية استراتيجية لم تغب شمسها حتي اليوم. ظن دعاة الشر والاخوان الذين حاولوا اغتيال ناصر في المنشية لاغتيال تجربة وطنية متميزة أن التجربة مرتبطة بالزعيم وحياته لكن خاب طنهم كعادتهم لأنها تجربة بحجم وطن لزعيم مخلص يبني ولايهدم لايبحث عن مجد شخصي بل عن بناء وطن وكرامة الإانسان وحريته. وأتذكر حكاية المواطن الصعيدي عامل ¢التراحيل ¢الذي كان يشارك في الترحيب بالزعيم في إحدي جولاته بالقطار جنوب مصر وعند خروجه من بيته البسيط وضعت له زوجته المنديل المحلاوي الذي تضع به الغذاء يوميا والمكون من رغيف خبز مع قطعة جبنة ¢قديمة¢ و¢فحل¢ بصل. وعند وصول القطار الي المحطة قذف بالمنديل وبه غذاؤه الي داخل القطار و تسابق الحرس بالمحطة للقبض عليه لكن هناك من لمحه وايضا الرئيس فطالب بان يلحق به في المجطة التالية وعنما فتحوا اللفافة وشاهد ما بها للعامل الذي كان لايحصل الا علي قرشين صاغ .هنا قال عبدالناصر فهمت الرسالة ورفع أجر العامل اليومي إلي 25 قرشا وتوالت امتيازات العمال بعد ذلك في قراءة اجتماعية لعدالة مهم تطبيقها.للقضاء علي مثلث الرعب وهو الفقر والجهل والمرض الذي حاربه ناصر. فقد أحب الزعيم البسطاء وجلس وسطهم وعاش آلامهم وآمالهم في كل المواقع التي عمل بها خاصة معايشته للفلاحين في الخطاطبة وغيرها في كل ارجاء الوطن. وجاءت القوانين الزراعية لكي يصون كرامة المواطن وتبعها بالمساكن الشعبية والرقابة الصارمة علي الإيجارات والسلع ومحاسبة الفاسدين وذلك قبل تأميم القناة و بناء السد العالي ومع بناء 1000 مصنع كلفت الدولة مليارا ونصف المليار استوعبت كل العمال والخريجين قبل أن تباع في سوق الانفتاح وسياسة السداح مداح والمعش المبكر التي أعادت ¢القطط السمان ¢و توحشوا ونهبوا ثروة الشعب واستولوا علي ثرواته ومكتسباته وبرحيله غابت شمس الفقراء وتدنت الصحة والتعليم. إن ذكري الرحيل تجعلني اعيد زيارتي للتاريخ مستعرضا مآثر الزعيم في مواجهة مثلث الفقر والصحة والتعليم والاستعمار وأعوانه وبناء جيشنا العظيم.. كلها تؤكد أن ناصر عاش بآمال وآلام مصر والأمة العربية من المحيط الي الخليج فهو ضمير وطن.