من الكتب العظيمة التي تمثل معلما مهما من معالم الفقه الاسلامي التي من الحكمة أن يتسلح بها العلماء: كتاب الفروق اللقرافي وهو كتاب من شأنه أن يضبط فكر المفكر بحيث يحميه من الخلط في قواعد الفقه فينجو من السقوط بالتضاد في الفتاوي. وقد انشغل اللقرافي بفكرة الكتاب زمنا طويلا يجمع مسائله التي بلغت 548 قاعدة بعضها أخد من الوقت في البحث ما يتجاوز الثماني سنوات وقد اختار لها اسما وهو أنوار البروق في أنواء الفروق ثم اقترح علي القاريء عددا من الأسماء يمكنه أن يطلقها عليه فقال ولك أن تسميه كتاب ا لأنوار والأنواء. ولك أن تسميه كتاب الأنوار والقواعد السنية في الأسرار الفقهية. والطريف أنه من حرصه أن يشير إلي ما في كلمة العنوان من فروق وهي الكلمة التي أصبحت اسما مختصرا للكتاب حيث يقول الناس كتاب الفروق فقال: فرقت العرب بين فرق بتخفيف الراء وفرّق بتشديد الراء فقالوا إن فرق بفتح الراء يتعلق بالمعاني أي الأمور المعنوية أما إذا وضعنا شدة علي الراء فتكون للأجسام أي الفروق المادية. وسر هذه التفرقة أن كثرة الحروف عند العرب تقتضي كثرة المعني أو زيادته أو قوته. أما المعاني فلطيفة يناسبها تخفيف الراء في مقابل الأجسام فكثيفة يناسبها التشديد ويعد أن يذكر ما قالته العرب يقول: مع أنه قد وقع في كتاب الله خلاف ذلك قال الله تعالي: "وإذ فرقنا بكم البحر" فخفف الراء رغم أن البحر مادة وجسم وفي الحدث ما فيه من القوة. وقال تعالي "مَافْرُق بيننا وبين القوم الفاسقين" أما ما جاء علي القاعدة وهو التشديد في موطن القوة وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته. وقوله فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه. أما أول القواعد أو الفروق في الكتاب فقد كان بين الرواية والشهادة وقد بدأ بهذا لأنه ظل ثماني سنوات يبحث عن هذا الفرق كما يقول فكان يسأل العلماء فيقولون له: إن الشهادة يشترط فيها العدد "2" والذكورية والحرية بخلاف الرواية فإنها تصح من الواحد والمرأة والعيد فيقول لهم هذا في حالة تحديد إن كان هذا رواية أو شهادة وما دمنا حددنا فنقول باشتراط ما نشترطه أما ما دمنا لا نعرف إن كان هذا رواية أو شهادة فلا نستطيع أن نضع شروطا لأي منهما لأننا لا نعرف الموضوع إن كان رواية أم شهادة أي إنه إذا وقعت حادثة غير منصوص عليها فكيف لنا أن نحددها إن كانت رواية أم شهادة لنطبق عليها شروطها. وظل في بحثه حتي قرأ في شرح البرهان للمازري فذكر القاعدة التي تميز الامرين حقيقة: فقال الشهادة والرواية كلاهما خير غير أن المخبر عنه إن كان أمرا عاما فهو رواية كأن يروي أحدهم حديثا لرسول الله مثل إنما الأعمال بالنيات فهو رواية تختص بالجميع وفي كل العصور والأماكن بخلاف أن يتقدم رجل للحاكم ليذكر أن فلانا له عند فلان دينارا بعد أن يسأله الحاكم فهنا شهادة لأنها إلزام لمعين أي شخص معين لا يتعداه العيرة لذا يشترط في الشهادة العدد لتوقع الذيغ بسبب عداوة مثلا بين الشاهد و المشهود عليه أو مجاملة بين الشاهد و المشهود له.. علي عكس الرواية كما أنه يذكر أن هناك رواية محصنة كالأحاديث النبوية وشهادة محصنة كإخبار الشهود بما رأوه بين متحاكمين ثم شهادة ورواية في وقت واحد أي أن هناك من الاخبار ما يتصف بالشهادة وكذلك بالرواية في وقت واحد مثل "القائف" والقائف هو شخص خبير في تحديد الانساب من خلال علامات خبير بها بين الشخصين كما أنه يحسن تتبع الأثر ويعرف من خلال رؤيته لاثر القدم علي الرمال مثلا ما لا يستطيع معرفته الشخص العادي. فما يقوله القائف يشبه الشهادة لأنه مثلا يقول هذا الولد ابن فلان وليسا بن فلان فهو يشهد لشخص معين لا يتعداه لغيره فهنا تكون شهادة لكنه من ناحية أخري فهو خبير عام للناس أجمعين وهنا يصبح حكمه أو كلامه أشبه بالرواية لأنه محدد لهذه المهمة لمن يحتاج إليها بذهابه عند الحاكم وبالتالي لا يحتاج إلي قواعد الشهادة في الحكم لأنه أقرب إلي الرواية "تقديم الخبرة" منها عن الشهادة رغم أنه يتعامل مع معين وليس عاما.