تلقينا عبر البريد الالكتروني للصفحة رسالة من "م.س" تقول فيها: أنا شابة عمري 38 عاماً . تزوجت زواجاً تقليدياً من رجل يمتلك كل الصفات الجميلة التي يمكن ان تجتمع في شريك الحياة وانجذبت لطيبته ولوقاره ولم التفت إلي انه شخصية جادة لا تعرف المشاعر والرومانسية. ومن هنا جاء الصدام بيننا طوال الوقت وعلي أتفه الاسباب لأنني عاطفية جداً وللاسف هو لا يحب الرومانسية أبداً ولا يهتم بما يسعدني حتي لو بكلمة جميلة نابعة من القلب. وكل ما افعله له من تنوع في الحياة الزوجية يمر عليه كالهواء دون أي تأثير. مرت السنون وانجبت طفلتين جميلتين اصحبتا الآن في المرحلة الابتدائية . وكنت أظن انني مع الوقت سأنسي أنني أمرأة يجب ان تعيش بلا قلب تنجب وتغسل وتطهو وليس لها الحق أن تسمع كلمة تسعدها وتخفف عليها مصاعب الحياة. كل من يراني اتحدث عن فقدان الحب والرومانسية يتهمني بالجنون . لكن حقاً هذه المشكلة تؤرقني وتنغص عليّ حياتي فكنت منذ الصغر احلم بفارس الاحلام الذي يأخذني علي حصانه الابيض قد لا يكون ميسور الحال لكن حبه دفعني ان اتقبل معه اصعب الظروف وللاسف استيقظت علي كابوس يبدو انني لن أفيق منه ابداً. قد تكون رسالتي ليست بقيمة أصحاب الالام والحاجات الذين يرسلون لك بأوجاعهم لكن حقاً احببت ان افتح لك قلبي لانني كرهت حياتي واصبحت في حالة نفسية سيئة مع زوج ابذل كل ما في وسعي لاسعاده ولا يشعر بي. ** يا أختي الكريمة نحن أمام واقع ومجتمع يمر بظروف مادية صعبة جداً تحتاج العقل لا العاطفة خاصة اذا كانت الأمور كما تعيشين وقفت عند حائط سد. أغلب النساء تتفق علي أن الرجال لا يتمتعون بحس رومانسي قوي . أو علي الأقل ليس بقوة الحس الذي تتمتع به المرأة .. والحقيقة أن الرجال رومانسيون بنفس القدر مثل النساء. إلا انهم يعبرون عن رومانسيتهم بطريقة مختلفة. أما عن عدم رومانسية زوجك بعد الزواج رغم أنه في فترة الخطوبة كان رومانسيا.. فأقول لك صحيح فترة الخطوبة فترة يغلب عليها إظهار المشاعر والرومانسية والشوق .. لكن ما أن تبدأ الحياة الزوجية حتي تخلو بيوتنا من هذه المشاعر لأن الزوج يغرق في عمله وتلبية احتياجات اسرته.. وهنا أختي الكريمة تظهر الفجوة والمشكلات التي لا حصر لها في كثير من الأحايين. الزوجة تريده شاعرياً رومانسياً. وهو يعاني ظروف الحياة الصعبة فالزوجة الذكية الواعية تحاول أن تقرب المسافات بينها وبين زوجها وتري الجانب المضئ في حياتها بأنك زوجة وام لطفلتين جميلتين تهون مهما مصاعب الحياة. حاولي أن تكوني زوجة وصديقه وحبيبه لزوجك . اجعليه يحبك ويحب ان يشعرك ويسمعك حبه لايردد كلمات في الهواء لارضائك وانصحك ان تغيري دائماً من مظهرك وكوني أنيقه ..فالمظهر له تاثير علي النفس . والأناقه المتجددة للزوجة ووفري الراحة لزوجك في بيته.. وكوني أنيسة وحدته وأنيسة متاعبه وهمومه انظري إلي محاسن زوجك قبل عيوبه.. فكل إنسان له محاسن وعيوب وساعديه للتخلص من عيوبه.وإذا أردت شيئاً من زوجك فاستخدمي رقتك وحنانك وأنوثتك وعقلك. وإذا غضبت منه فاصمتي واغلقي فمك واحترسي من لسانك. الفستان الأبيض أنا أم أعطت وربت وسهرت وكافحت. ولم تجن ثمرة "شقي السنين". فبداية مأساتي تعود إلي قبل 30 عاماً عندما توفي زوجي وابن عمي في حادث ولم يمر علي زواجنا خمس سنوات وكنت في هذه الاثناء شابة جميلة لم يتجاوز عمرها ال 25 عاماً وفي عنقها طفلان الاكبر 4 سنوات والصغري عامان. كنت أقيم في بيت عائلة زوجي بين والده ووالدته واشقائه. وبعد عدة شهور من صدمتي في فقدان زوجي و"خراب بيتي" كما يقولون لم أجد أمامي سوي تجاوز هذه المحنة من أجل صغاري الايتام. وساعدني شقيق زوجي في أن أجد فرصة عمل في أحد المصانع القريبة. وبالفعل استقرت بي الحياة بلاأي مضايقات وكنت أحد في نجاح أبنائي في دراستهم خير سلوي في مصابي الاليم. ومرت بي السنون كان الجميع يحسدني علي قوتي وصمودي أمام حملي الثقيل ولم يكن لأحد فضلاً عليّ في تربية أبنائي. وظلت علي هذا الحال حتي حصل ابني الأكبر علي دبلوم تجارة وكانت ابنتي بالصف الأول الثانوي. وهنا استشعرت انني بدأت اجني ثمار رحلة الكفاح القاسية خاصة أن ابني تمكن من السفر للسعودية والعمل في احدي شركات الأمن ومن ثم تحسنت أوضاعنا المعيشية والمادية وبدأ يرسل الأموال ليساعدني في متطلبات أخته التي بلغت سن الزواج..وأصبح يتقدم لها "العرسان". ولأن دوام الحال من المحال فبعد أن فتحت لي الحياة ذراعيها أغلقتها وأظلمت في وجهي مرة أخري عندما فوجئت بابنتي تعيش قصة حب مع أحد جيراننا لكن للاسف انه سبق وأمضي عدة سنوات في السجن في قضية مخدرات. لم أجد أي مبرر لأن تقع ابنتي المتعلمة التي افنيت حياتي من أجلها وشقيقها وربيتها تربية حسنة وتحملت كل مصاعب الحياة ومشكلاتها من اجلها في هذا المستنقع وبدلاً من أن تعوضني عما مررت به ظلمتني وظلمت نفسها بتعلقها بهذا الشاب سيئ السمعة. حاولت ابنتي اقناعي بأنها ستغيره لما هو أفضل وانه تعلم من الدرس الذي مر به بعد أن عوقب وسجن وبعد خروجه قرر أن يفتح صفحة جديدة مع الحياة.. ويحتاجها إلي جواره كل هذه الاحاديث الساذجة رفضتها تماما وكنت أقاطعها لعدة أيام واحيانا لاسابيع عقابا لها لأنها تصر علي التواصل مع هذا المنحرف. وللاسف يا سيدتي في الوقت الذي اعتقدت انني احسنت تربية ابنتي وكنت بمثابة الام والاب لها طوال هذه السنوات.. فجأتني هي وتركت البيت ولم أعلم عنها شيئاً.. وبعد اسبوعين علمت أن هذا الشاب اقنعها بالهروب وتزوجها رغم الجميع ويعيشان في شقة بنظام الايجار الجديد باحد الاحياء الشعبية بالقاهرة. كانت صدمتي كبيرة تفوق فاجعتي في وفاة زوجي وبعدها كنت أشعر بالخجل ليس من الاخرين ولكن أمام نفسي التي كتب لها القدر ان تعيش في محن متعاقبة.. وبطبيعة الحال كانت سيرتنا علي ¢ كل لسان ¢ ولا لأحد ¢ سيرة ¢ سوي عن قصة ابنتي والمجرم. وعشت أسود أيام عمري أقف مكتوفة الايدي لا أعرف أي ذنب اقترفته لكي اعاقب هذا العقاب الشديد بعد كل ما قدمت وضحيت.. وبعدها مرضت واصيبت بالضغط والسكر وتبدل حالي فكان لم يمر عليّ يوم إلا وينقلني الجيران والاقارب إلي المستشفي لاحصل علي المحاليل والادوية. ظللت علي هذا الحال عدة شهور كنت خلالها طريحة الفراش أعاني من الاكتئاب والاحباط و لا أريد رؤية أحد كنت أتمني الموت بين لحظة وأخري لأنجو مما أنا فيه. ففوجئت بابنتي تحاول العودة لاغفر لها ما فعلت لكن يا سيدتي لم استطع ولم يحن قلبي لتوسولاتها ولو لحظة واحدة واخبرتها أن أمها قد ماتت ولن أسامحها مهما فعلت. ومر عام ونصف العام بعدها علمت أن ابنتي انجبت طفلة وان زوجها يسئ معاملتها وطلبت منه الطلاق وتريد العودة إليّ مرة أخري بعد أن عاد زوجها للاجرام والمخدرات مرة أخري. فبدأ قلبي يتمزق علي حالي فكم كنت أنتظر اليوم الذي أحمل فيه حفيدتي بين ذراعي وأربيها وارعاها كما يقول المثل الشعبي "أغلي من الولد ولد الولد". وكنت طوال هذه المدة علي موقفي ولم يستطع أحد أن يثنيني عن قراري بالبعد عن ابنتي وزوجها المجرم. وبالفعل طلقت ابنتي واضطرت للجوء وابنتها لأحد الجيران بعد أن أغلقت أمامها جميع الابواب. والآن وبعد كل هذا الظلم والالم والأسي الذي تعرضت له تطالبني ابنتي و الأهل والجيران بالسماح والغفران ففي الحقيقة حاولت ولم أستطع بل أريد أن تتعلم ابنتي الدرس وتدفع الثمن غالياً علي هذه الفعلة التي لا تغتفر. وبعد أن قصصت عليك قصتي ومعاناتي أريد فقط من خلال صفحتكم التي ادعو كل شاب وشابة في مقتبل العمر أن يقرؤها بشكل أسبوعي حتي يتعلموا من تجارب الحياة.. واتمني أن يصل صوتي لكل فتاة تقع فريسة سهلة وتنجرف وراء الذئاب البشرية ويخرجن عن طوع اسرهم ويجلبن لهم العار باسم الزواج ويحرمن اباءهم من أبسط حقوقهم في ان يروا فتياتهم يرتدين الفستان الابيض.. فلن يخلف ذلك للاسف سوي ضحايا مثل ابنتي سامحها الله علي ما فعلت بي وبنفسها. ** عزيزتي صاحبة هذه الرسالة أحزنتني رسالتك وما عشتيه من محن بداية من فقد زوجك "رحمه الله" فجأة وانت في مقتبل العمر وتحملتي مسئولية طفلين حتي خرجتي بهما الي بر الامان لو لا ما مرت به ابنتك. كان الله في عونك. فأشعر بمدي الألم الذي يتفجر في نفوس الآباء والأمهات حين تخونهم الظروف وتضعهم أمام انحراف أبنائهم. فلا أدري ماذا تركت ابنتك بهذه الفعلة النكراء لمن القوا بهم اباءهم علي الارصفة بدون تربية اوتعليم أو رعاية. فأي أم ضحت وربت. ومرت بمثل ظروفك تنتظر اليوم الذي تري فيه فرحة عمرها وابنتها ترتدي الفستان الابيض وسط فرحة الاهل والاقارب والجيران. لكن من بعد عناء ومشقه وتضحيه سنين طويلة لم يكن ابداً هذا هو رد الجميل لك من قبل ابنتك فما فعلته لا أجد له مبرراً فهي فتاة متعلمة ومن اسرة محترمة ومستقرة ضحت فيها الام وتحملت وصمدت من أجل تربية ابنائها. فما انصحك به ايتها الأم المعذبة هو العفو والصفح والمسامحة. واحتساب الأجر عند الله تعالي ولا تغلقي الباب أمام ابنتك التي دفعت الثمن غالياً. فالله عز وجل يسامح ويغفر للعباد مهما كانت ذنوبهم وقال في محكم آياته "فاعفوا واصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم". فأنت أم لطفلتين ابنتك وطفلتها ولم يعد أمامهما سواك فاذا لم يتسع قلبك لها واذا لم تجد الاحتواء فإلي من تلجأ. وابنتها. ولا اعتقد أن قلبك سيطاوعك أم ستتركيهما يواجها مصيرا مجهول لا يعلمه إلا الله. فأخاطب بداخلك الأم التي ذاقت مرارة المحن وقسوة الايام فلاتتركي ابنتك وحفيدتك واحتضنيهما قبل أن يسلكا طريق الانحراف وينجرا إلي طريق الرذيلة. فكوني أحن عليهما من الشارع رحمة بالطفلة التي لا ذنب لها. ورغم كل ما فعلته ابنتك ستبقي هي جزءاً لا ينفَصِل عنك وأن الله سيسألك عنها. وستندمين اذا ما اصابها مكروه. ولابد أن تقاومي ضعفك وحزنك باللجوء إلي الله فهو الملاذُ في الشدة. والأنيس في الوحشة. والنصير في القلة واللجوء إليه. منزلة عظيمة من منازل الإيمان واليقين بالله. والتوجه والاعتماد عليه سبحانه. ولاتنس الآية الكريمة "إن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم ¢ فكم نحن بحاجةي إلي اللجوءِ إلي اللهِ في أوقات الأزماتِ والشدائد. وفي كل ما نتعرض له من ظُلمي أوحرمان أو غيرِ ذلك مما لا يملك كشفَه وإزالته إلا الله. رأيك يهمنا تجربة تستحق البحث تلقينا رسالة من صديق الصفحة الدائم محمد عبدالمطلب البهنساوي الموجه الأول السابق بسيدي سالم بمحافظة كفر الشيخ يقول فيها: قرأت بصفحتنا "حكاوي الروح" الأسبوعية المفضلة بجريدتنا الغراء الجمهورية يوم الجمعة الموافق 27/5/2016 بعد احتجابها لعدة أسابيع متتالية بعثت في نفوسنا القلق والتوتر والخوف من أن تتواري شيئاً فشيئاً وهي زاد عاطفي وإنساني نروي به ظمأ حياتنا القاحلة ومشاعرنا الجافة وتقلبنا علي مآسي إيقاع ورتم الحياة من حولنا. قرأت قصة الاجادة الزوجية ويسعدني ويشرفي أن أشارك بهذا التعليق المتواضع علي نصيحة هذه السيدة صغيرة السن قليلة الخبرة والتي جعلت ابتعاد كل من الزوجين عن الآخر وسيلة لمنع الصدام وتجنب الخلافات والصراعات ثم استئناف الحياة معاً مرة أخري وحول هذه التجربة أقول: مما لا شك فيه أن حياة الزوجين كثيراً ما تتعرض لخلافات وتباينات ووجهات نظر قد تكون متوافقة أحياناً من البعض وقد تكون متعارضة من البعض الآخر وهنا يجب علي كل طرف ان يكون له استعداد للتسامح والعفو وضبط النفس واحتواء الطرف الآخر وكما يقول علماء الطبيعة أن الاقطاب المتشابهة تتنافر بينما المتنافرة تتجاذب دليل علي ان إذا كان من في مواجهتك عنيداً وعصبياً فعليك أن تكون هادئاً وذا أعصاب باردة وكما يقولون انحني للعاصفة حتي تمر فتكون كالحشيش الناعم الذي لا تضره العواصف والاعاصير. وحول هذه المشكلة والتي أري انها مسكنات وقتية ومهدئات طبيعية تؤتي ثمارها المرجوة من الهدوء والسكينة وتنأي بالإنسان أو بمعني آخر بالطرفين بعيداً عن الصدام والانفعالات والتي قد تكون نتائجها التدمير والخراب وربما تكون النهاية الانفصال والطلاق لأسباب قد يراها البعض انه كان من الممكن التريث وضبط النفس وتحكيم العقل والنجاة من العواقب الأليمة والنتائج المدمرة. وأقول ايضا انه لنجاح هذه التجربة الحياتية للحفاظ علي العلاقة الزوجية ورباطها المقدس وميثاقها الغليظ عدة شروط إذا توافرت كان النجاح حليفها أن يكون هذا الارتباط قائماً علي التفاهم والتكافؤ والتضحية والاحساس بالمسئولية وان يكون النبل والاخلاص نبراسا لهما وان يعملا معاً علي تجنب أسباب الشجار والنزاع والخلافات بشيئ من الصبر والتريث والسمو بأخلاق الفرسان إلي مراتب الرفعة والكمال وفي حياتنا نماذج كثيرة بسفر الزوج إلي الخارج قد تهدأ المشاكل وتتلاشي الخلافات ويشتاق كل من الطرفين للآخر فالاجازة الزوجية لا نستطيع ان ننكرها كعلاج قائم ومؤثر وموجود في تهدئة النفوس ونبذ الخلافات والصراعات خاصة أن الإنسان كان ذكراً أو انثي مع تقدم العمر قد تتغير نظرية الكثير من الأمور واتخاذ قرارات قد تتباين وتختلف باختلاف الزمان والمكان والخبرة وتجارب السنين خاصة عندما يكون هناك قاسم مشترك أعظم بينهما ألا وهو الأطفال. وفي هذا السياق ايضا أود ان أقول يجب ان يتوفر مكان آخر للتغيير والتعامل مع انماط الحياة كما توفرت شقة أخري لصاحبة المشكلة وفي رأيي أنه يجب ان يكون التواصل قائماً وان يضع كل من الطرفين حدوداً وآداباً والتزاماً لكل تعاملاته وسلوكياته وعلاقاته بالآخرين ومن حوله حتي لا تجنح المشاعر وتشرد العواطف وتضعف النفوس فكما يقولون "ان البعيد عن العين بعيد عن القلب" فيحدث ما لا تحمد عقباه كما نري ونسمع ونشاهد في الدنيا من حولنا. حقيقة الأمر تجربة جديرة بالدراسة تستحق البحث والتأمل والتجربة فهي بلا شك ايجابياتها وفوائدها أفضل كثيراً من سلبياتها واضرارها حيث علي الأقل قد تؤجل إلي وقت ما التدمير الذاتي والخراب والوصول إلي ابغض الحلال عند الله وهو الطلاق فهل أنتم معي متفقون أم حول ما قلت مختلفون؟! الحقوق الضائعة أكتب إليك لكي تخففي عني ما تحمله نفسي من هموم لأنني مجموعة من المشاكل تمشي علي الأرض واحتاج لمساعدتك قبل أن أموت حزناً علي مافعلته الحياة بي. فنحن خمسة أشقاء أعمارنا تتراوح مابين 20 إلي 45 عاماً. عشنا طفولة قاسية للغاية في عذاب لا يمكن وصفه أو تخيله بسبب قسوة والدنا الذي تجرد من كل مشاعر الإنسانية. فكان من البداية زواجه من والدتنا يرحمها الله غير متكافيء علي الإطلاق. فكانت أمي من عائلة ثرية. لها اسمها بين العائلات الكبري ذات الحسب والنسب. وعلي العكس تماماً كانت عائلة أبي. لكن شاء القدر أن يتزوجا وبطبيعة الحال كانت حياتهما مأساوية تملؤها المشاكل والأحزان. و ظل والدنا شغله الشاغل ميراث أمي وفقط. لا يهتم بها أو بنا. ولايفي بمتطلبات الأسرة والبيت والمعيشة منذ أن كنا في عمر الزهور وللاسف لم نجد منه سوي العصبية والقسوة لاتفه الاسباب. أخذ يقسو ويسب الجميع كأداة للضغط علي أمي حتي تحصل علي أموالها. وفي المقابل كانت أسرتها من العائلات التي لا تمنح الميراث بسهولة لبناتها. كنا ضحية الطمع والاهمال بعد أن اختار والدنا أن يظل يضغط علي أمي ويحرمنا من نعم الحياة حتي تطالب بميراثها الذي اصبح نقمة عليها وعلينا وحول حياتنا إلي جحيم. ومضت بنا رحلة الحياة صعبة وكئيبة حتي كبرنا وانهينا دراستنا المتوسطة كنا نسعي بكل ما اوتينا من قوة في إيجاد حياة أفضل نعتمد خلالها علي انفسنا لكي نعوض والدتنا جزءاً من المرار والأسي الذي عاشته مع أبي. ويعلم الله كم جاهدت من أجل اسعادنا لتري البسمة علي شفاهنا. لكن دائماً كان يقف لنا الفقر والمرض بالمرصاد. فمرض أبي واصيب بأزمة قلبية عنيفة. وهنا أدرك اشقاء والدتي انه حان الوقت لتأخذ جزءاً من ميراثها. وللاسف حينما حدثت هذه الانفراجة المالية انفقت معظمها علي علاج أبي وتكاليف الاطباء. والأدوية. ولن أطيل عليك لكن لابد أن اقول لك أننا ووالدتنا تحملنا العناء وصبرنا. وتعافي والدنا وعاد لممارسة حياته طبيعية وهدأت الحياة واستقرت بعض الشئ. ودقت الأفراح بابنا وتزوج منا ثلاثة. ولأن دوام الحال من المحال. اصيبت والدتي بارتفاع مفاجئ في ضغط الدم. وتدهورت حالتها الصحية وتوفيت. وبوفاتها شعرنا أن السبب وراء كل ما عاشته من آلام كان والدنا. لم نغفر له ما فعله بها وبنا طوال حياتنا. وللاسف الآن هو رجل مسن تجاوز الخامسة والستين وما أحوج الانسان في هذا العمر للرعاية والاهتمام لكن لن أكذب عليك جميعنا مقصر مع أبي الذي قرر فجأة بعد وفاة والدتنا ان يفتح معنا صفحة جديدة لكن للاسف اخوتي يرفضون احتواءه في هذا العمر. و ليست أزمتنا الآن فيما فات لكن نعيش الآن في أزمة بين ضمائرنا وبين ذكرياتنا المؤلمة. وكل ما يعذبني أن اشقائي يرفضون السماح وكل ما اخشاه أن يغضب علينا الله لتقصيرنا في حق والدنا فهل من خلال صفحتك ترسلي برسالة لاشقائي قبل فوات الأوان. ** عزيزتي صاحبة هذه الرسالة يترسخ بداخلك جرح كبير واشقائك. فمن يقرأ الجزء الأكبر من رسالتك لا بد أن يغضب ويتألم ويطلب القصاص من هذا الأب ومن يقرأ الجزء الأخير لا بد أن يتمهل ويعيد النظر إلي الصورة مكتملة قبل أن يصدر حكمه بدون قسوة أو اندفاع عاطفي. فلن أستطيع أن انصحك رغم كل ما قصصته علينا من أسي وعذاب وحرمان سوي بالصبر علي أبيكم والإحسان إليه بكل سبيل فإن بره خصوصا إذا بلغ كبره والسماح والغفران له في هذه الحالة وفي هذه الظروف من أعظم الطاعات. وعقوقه من أعظم الكبائر والموبقات. فجاء في صحيح البخاري وغيره أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: الكبائر: الإشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس واليمين الغموس. كما اذكرك أيضاً بقول النبي صلي الله عليه وسلم: الوالد أوسط أبواب الجنة. فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه. رواه الترمذي, وصححه الألباني. وقال عليه الصلاة والسلام: رغم أنف رجل بلغ والداه عنده الكبر أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة. رواه الترمذي وصححه الألباني. واعلمي أن حق الوالدين يستمر حتي مع إساءتهما وتقصيرهما في حق الأبناء لأن الله سبحانه لم يعلق الأمر ببر الآباء وإكرامهم علي كونهم محسنين لأبنائهم وإنما علقه علي مجرد الأبوة حتي ولو كانا مشركين يدعوان ابنهما إلي الشرك بالله والكفر به فعليه حينئذ أن يصاحبهما بالمعروف. ولو ستقولين أنه الماضي الذي يعيش بداخلك واشقائك حتي الآن ولكن الآن ليس أمامك إلا التعامل مع الحاضر من أجل المستقبل فالعيش مع الماضي لا يزيدكم إلا آلماً. وخذي وعد الله سبحانه وتعالي في كتابه الكريم نصب عينك "عفا الله عما سلف. ومن عاد فينتقم الله منه. والله عزيز ذو انتقام". فما أروع حياة البر. وما تمنحه لنا من سعادة وطمأنينة. وأمن. وأمان. فيالها من لذة فيها نشعر بانشراح صدورنا. والتيسير لنا في خطانا. وأؤكد لك أن الله سيوسع عليك وعلي اشقائك يا عزيزتي في رزقك. بل سيبارك لكم في عمرك لبرك لوالدك.