ارتبط الفانوس بشهر رمضان عندما استقبل أهل القاهرة "المعز لدين الله الفاطمي" عند قدومه ليلا في الخامس من رمضان عام 363ه وكان الأطفال يحملون المشاعل ويقومون بغناء أغنية "حللو ياحللو رمضان كريم ياحللو". ولم تشهد صناعة فوانيس رمضان عصرا أزهي من العشرين سنة التي تقع بين نهاية الحرب العالمية الأولي وبين بداية الحرب العالمية الثانية.. أما بعد الحرب العالمية الأولي فقد ازدهرت هذه الصناعة نتيجة لظاهرة اجتماعية من آثار ثورة سنة 1919 هي ظاهرة "الاختلاط" فقبل سنة 1919 لم يكن مسموحا لابن الطبقة المتوسطة وما فوقها أن يخالط أبناء الطبقة التي تحتها.. أما بعد سنة 1919 بعد أن اشتركت البنات في المظاهرات وبعد أن سار العامل الصغير مع طالب المدارس العليا جنبا إلي جنب في الحركة الوطنية فقد ظهرت ظاهرة جديدة من الاختلاط بين الناس الظاهرة هي زيادة حجم الصبية والصبايا الذين يحملون الفوانيس في ليالي رمضان. كانت الفوانيس مجرد أحجام صغيرة مربعة أو مخمسة فكبر حجمها وتعددت أشكالها بتعدد فئات الأولاد الذين يقتلونها.. ظهر الفانوس المصنوع علي شكل عربة ترام. والفانوس المصنوع علي شكل قاطرة تجر عربات علي صورة عربات السكك الحديدة. ومع التطور ظهرت فوانيس لا تضاء بالشموع التقليدية بل بمادة كيميائية جديدة هي مادة الكرون الأبيض الذي كان يجعل من فانوس رمضان وكأنه مصباح كهربائي.. ثم زاد التطور فظهرت فوانيس تضاء بالبطاريات أيضا وانتقلت صناعة الفوانيس الرمضانية من الأحياء الشعبية إلي الأحياء التجارية الكبري والراقية. ولقد غزت الفوانيس الصينية الأسواق واصبحت الفوانيس تمثل استيرادا وتصديرا وتجارة دولية حتي إن الصناعة الصينية ضمت الفوانيس أغاني رمضانية وأحاديث دينية لتحقيق الزيادة في الرواج واصبحت الفوانيس الصينية تخاطب رغبات الكبار والصغار وعلي أشكال متعددة منها عربة "توكتوك وشخصية كورونيو" ورغم الإضاءة الحديثة إلا أن الأطفال يحرصون علي شراء الفانوس في رمضان. ولقد كان منذ فترات استبدال الفانوس بغيره امرا ميسورا فثمن الفانوس في أول كان كان يتراوح بين خمسة مليمات وخمسة قروش.. أما إذا انتصف الشهر فإن سعر الفانوس يهبط إلي النصف وكان الصبية يشكلون بهذه الفوانيس حلقة مضيئة بأضواء بيضاء وحمراء وخضراء تبعا لألوان زجاج الفوانيس وقد اقتضي التطور الثقافي بين الصبية أن يتوسط هذه الحلقة صبي أو صبية يحمل فانوسا كبيرا قد ركب علي قمته علم. لقد دخلت الوطنية صناعة الفوانيس وامتد التطور بلعبتها لكي تمسي يوما وسيلة من وسائل التوعية الوطنية بعدما كانت مجرد أداء للهو أبناء الفقراء الذين يطلبون شيئا من خيرات رمضان. ومع أن فوانيس رمضان كانت تبدو مجرد لهو للصغار إلا أنها في الواقع كانت تمثل مظاهر الاحتفال القومي بقدوم شهر الصيام الشهر الذي كان دائما شهر عبادة بالنهار وشهر مباهج لا نهاية لها بالليل. ويعتبر الفانوس أهم مظاهر الاحتفال بالشهر الكريم عند الأطفال.. ففوانيس رمصان ذات الألوان والأشكال والأحجام المختلفة وبالرغم من طول الزمان والفوانيس البلاستيكية مازال الشكل التقليدي للفانون الزجاجي الملون سحره الخاص ويتفنن صناع الفوانيس في ابتكار اشكال جديدة كل عام لجذب الأطفال..