جاءت جوائز مهرجان "كان" السينمائي لتعيد الاعتبار للمدرسة الواقعية في السينما. عندما حصل المخرج البريطاني الكبير كين لوتش علي السعفة الذهبية عن فيلم "أنا دانييل بليك" الذي يكشف عيوب نظام الرعاية الاجتماعية في بريطانيا. كذلك منح "كان" جائزة الكاميرا الذهبية للمخرجة الفرنسية من أصل مغربي هدي بن يمينة عن فيلم "شئون إلهية" الواقعي الاجتماعي الذي يتحدث عن مشاكل سكان المناطق الفقيرة في ضواحي باريس وهو من أصول مغربية وجزائرية. وانحازت لجنة تحكيم "كان" برئاسة المخرج الاسترالي جورج ميللر للواقعية أيضاً في الفيلم الفلبيني "ماما روزا" والتي حصلت بطلته جاكلين جوزيه علي جائزة أحسن ممثلة. وقامت بدور أم لأربعة أطفال تكافح وتقاوم الفقر من أجل تربيتهم. بالإضافة الي جائزتين حصلت عليهما السينما الايرانية. أحسن سيناريو للمخرج أصغر فرهادي. وأحسن ممثل لشهاب حسيني بطل فيلم "البائع". وكانت صفحة السينما بالجمهورية قد انفردت الأسبوع الماضي بنشر مقال للناقدة د.أمل الجمل من مهرجان "كان" عن فيلم "أنا دانييل بليك" الذي فاز بالسعفة الذهبية. ويعرض خلاله المخرج كين لوتش مأساة عامل فقير ومريض بالقلب نصحه الأطباء بضرورة التوقف عن العمل بسبب مرضه والحصول علي معاش الضمان الاجتماعي. ولكن المسئولين يطبقون سياسة الحكومة البريطانية لحزب المحافظين ويماطلون من أجل عدم منحه الإعانة اللازمة ويجبرونه علي البحث عن عمل آخر. لأن السياسة الجديدة ترفض إعانة البطالة وتسميها اعانة الباحثين عن عمل. ويقف المخرج كين لوتش أمام السعفة الذهبية في حفل الختام ويقول بإن فيلمه يوجه رسالة أمل بأنه من الضروري ايجاد عالم جديد يعمل لصالح الإنسان الكادح. ويخوض معركة عادلة ضد الليبرالية الجديدة والتي يعتبرها المخرج "كارثية" ويؤكد لوتش أن من تقاليد السينما الاهتمام بالشعوب والناس البسطاء واختيار الإنسانية لحماية الفقراء وليس لاذلالهم. وهذه هي المرة الثانية التي يحصل فيها كين لوتش علي السعفة الذهبية وأول مرة كانت منذ 10 سنوات عام 2006 قام ببطولة فيلمه الممثل ديف جونز في دور العامل. كما قامت هيلي سكوليرز بدور "كاتي" التي مات زوجها وتسعي للمعاش الاجتماعي من أجل تربية أطفالها وتضطر للعمل بالدعارة. أما هدي بن يمينة الفرنسية من أصل مغربي فقد صاحت وهي تتسلم جائزة الكاميرا الذهبية وخاطبت والدتها المغربية قائلة: "زغردي يا أمي.. لقد احتلينا مهرجان كان" وكانت الصحافة الفرنسية قد وصفت فيلم هدي بأنه "لطمة" علي وجه المجتمع الفرنسي بسبب حياة البؤس لسكان الضواحي الفقيرة لباريس وأشادوا بفيلمها وقالوا إن به مسحة كوميدية بوليسية. الي جانب التصوير الواقعي لحياة الشوارع لهؤلاء البؤساء حيث تعمل النساء في مجالات كانت حكراً علي الرجال فقط. وقد فاز المخرج الكندي الشاب زفيار دولان "27 سنة" بالجائزة الكبري للمهرجان عن فيلم "إنها فقط نهاية العالم" وفازت البريطانية أندريا أرنولد بجائزة لجنة التحكيم عن فيلم "عسل أمريكي" وفاز الفيلم الفنلندي "أسعد يوم في حياة أوللي" للمخرج جويو كوسمانن بجائزة أحسن فيلم في برنامج "نظرة خاصة" الذي افتتح بالفيلم المصري "اشتباك" للمخرج محمد دياب.