من يتابع ممارسات الإعلام الخاص "صحفا وفضائيات" يجد حالة غريبة من التحول والتربص ومعاداة دولة "30 يونيو".. ولا أجد تبريرات المهنية والسياسات التحريرية ذات جدوي أو منطق خاصة إذا ما كان الوطن يواجه تحديات وتهديدات خطيرة في الداخل والخارج هي أقرب للحرب الشاملة تستهدف تقويض الدولة واسقاطها واجبارها عن التراجع والتنازل عن حالة الشموخ والكبرياء ومشروعها الوطني الهادف إلي استعادة المكان والمكانة ونفض غبار التبعية تحت أي مسمي. الإعلام الخاص بطبيعة الحال يدرك خطورة الحالة المصرية خاصة فيما يتعلق بتصدير خارجي للأزمات لعرقلة البلاد مثلما حدث في ملف سقوط الطائرة الروسية ومقتل الشاب الإيطالي "ريجيني".. وسوف اتخذ مثالين من الصحف الخاصة حرصت علي متابعتهما خلال الأيام الماضية هما جريدتا "المصري اليوم".. و"الشرق" وطريقة تعاملهما مع قضية الشاب الإيطالي "ريجيني" الذي يدرك الجميع انها قضية تأتي استمرارا لمحاولة اصطياد مصر في فخ جديد بعد الاجهاز علي السياحة عقب سقوط الطائرة الروسية ثم الابتزاز بملفات مضروبة هي الاختفاء القسري والحريات وحقوق الانسان. في قضية الشاب الإيطالي "ريجيني" تتباري جريدتا "المصري اليوم" و"الشروق" في فرد مساحات كبيرة علي صدر الصفحة الأولي لا تصب في مصلحة مصر وهناك اتهامات مباشرة أو تلميحات حول اتهام الشرطة المصرية في عملية التعذيب والقتل.. ولا أدري ما سر الربط في جريدة "المصري اليوم" بين الإيطالي "ريجيني" والشاب المصري خالد سعيد.. عندما نشرت الجريدة موضوعها عن رسالة والدة خالد سعيد الذي توفي قيل ثورة 25 يناير وهي رسالة إلي والدة الشاب الإيطالي ريجيني مضمونها.. اشعر بألمك.. وأدعو الله لك بالصبر.. ولا تخلو الرسالة من تحية لوالدة ريجيني بإصرارها إلي إعادة فتح ملف التعذيب في مصر. لا أجد مبررا للجريدة "المصري اليوم" للربط بين ريجيني وخالد سعيد ولا أم سعيد وأم ريجيني سوي الايحاء والزعم بأن ما حدث مع خالد سعيد هو نفسه ما حدث مع ريجيني فهل هذه صحافة تحرص علي سمعة بلد في حجم مصر وما تواجهه من تحديات وتهديدات ومحاولات لزنقها في خانة الاتهام بالتعذيب والقتل للأجانب والمصريين. وتنقل "المصري اليوم" عن صحيفة إيطالية في عنوان أسفل المانشيت ان هناك 533 حالة اختفاء قسري في مصر خلال 8 أشهر. الوضع أكثر سوءاً في جريدة "الشروق".. حيث تحرص الجريدة الخاصة علي نشر أخبار عن قضية الشاب "ريجيني" في معظمها أخبار منقولة من صحف أمريكية أو انجليزية أو إيطالية.. ومعروف ان بعض الصحف الأمريكية والانجليزية مرتبطة بأجهزة المخابرات في البلدين. تفاجئنا جريدة "الشروق" بمانشيت أحمر يكيل الاتهامات للأمن المصري في العنوانين الأول والثاني.. والمفاجأة في العنوان الثالث أن هذه الاتهامات جاءت في تقرير لاحدي الصحف الأمريكية الكبري المعروف عداؤها لمصر وارتباطها بالأجهزة المخابراتية.. وهنا يمكن أن نقول ان هناك نوايا غير طيبة من الجريدة "الشروق" حتي تمط في نشر التقرير ولكن أيضا في عدم اسناد العناوين لمصدرها حتي يتعرف القارئ علي حقيقة الموضوع قبل قراءة المتن وهو تلاعب بالعناوين في إطار توجهات الصحيفة الخاصة في موضوعاتها ومقالاتها غير الداعمة أو المساندة للدولة المصرية. الخطير في الأمر أن الجانب الايطالي يستند في تعامله مع القضية علي التقارير الاعلامية المصرية خاصة ما تنشره الصحافة المصرية وما تعلمه جيداً "المصري اليوم" و"الشروق" أن أي قرار ايطالي ضد مصر سوف يعمم علي دول الاتحاد الأوروبي وتصبح البلد لاقدر الله في حالة حصار وهو ما يضر بالمصالح الوطنية للبلاد. هناك علامات استفهام كبري في السياسة التحريرية لجريدتي "المصري اليوم" و"الشروق" وهنا لا أقصد في التناول للقضايا المحلية فهي محل وجهات نظر مختلفة ويمكن تبريرها سواء في فشل أو نجاحات الحكومة أو حتي ملفات الحريات والديمقراطية وحقوق الانسان ولكن في القضايا ذات الارتباطات الدولية والخارجية تثور علامات الاستفهام خاصة انها مرتبطة بملفات يحاول الغرب ابتزازنا بها. في "المصري اليوم" أيضا وعلي عكس جميع الصحف المصرية وحتي علي عكس "الشروق نفسها".. نجد ان "المصري اليوم" تناولت تصريحات السيناتور ليند سي جراهام "عضو الشيوخ الأمريكي" واشادته بالرئيس السيسي وقال انه يعرب أو يأمل في حدوث تقدم ملحوظ في ملف حقوق الانسان.. وقال ان الرئيس السيسي هو الرئيس المناسب في الوقت المناسب مشيداً بما يتخذه من إجراءات في مكافحة الإرهاب لكن "المصري اليوم" قالت في المانشيت الرئيسي لها ندعم السيسي رغم انتهاكات حقوق الانسان.. والجزء الثاني رغم انتهاكات حقوق الانسان لم يقله السيناتور الأمريكي علي الاطلاق حتي في متن الخبر الوارد في الصحيفة الخاصة وجاء العنوان مختلفا تماما عن مضمون الخبر.. وهنا أجد تلاعبا وتربصا ومزايدة تعكس نوايا غير طيبة من الجريدة اعتادت عليها. الأمر يتطلب وقفة.. والسؤال في مصلحة من تشويه سمعة مصر والسعي الدءوب لالصاق التهم بها.. رغم ان ريجيني ليس أول ولا آخر شاب أجنبي يلقي مصرعه في دولة ولا يمكن ان تتوقف الحياة وتتدهور العلاقات بين بلدين بسبب ذلك.. ولا أقول ان شبابا مصريين كثر لقوا مصرعهم أو اختفوا في ظروف غامضة في إيطاليا ولم تصل درجة التصعيد إلي ذلك.. لكن قضية "ريجيني" مجرد "تلكيكة".. ومحاولة "لزنق مصر" في خانة تدفعها إلي حصار أو مساومة وابتزاز.. والأمر حتي الآن خاضع إلي التحقيقات التي لم تشر إلي مقتل الشاب ريجيني علي يد الشرطة المصرية.. وفي اعتقادي الشخصي انه عمل مخابراتي بحت سعي إلي ضرب علاقة مصر مع إيطاليا في ظل تقارب العلاقات والمصالح بين البلدين. والرئيس السيسي قال لصحيفة إيطالية في حوار مطول: ان مصرع الشاب "ريجيني" في ظل تصاعد وتيرة العلاقات مع إيطاليا أمر يثير الشك وفي اعتقادي أيضا ان من روج الأكاذيب حول الطائرة الروسية وتدمير السياحة المصرية هو من قتل "ريجيني" وهذه القضايا تصب في مسلسل محاولة حصار مصر وتركيعها لكن هذا لن يحدث. جنينة ليس بطلاً قومياً فوجئت علي مدار الأيام الماضية بسلسلة من المقالات والبرامج تحاول أن تجعل من المستشار هشام جنينة بطلا قوميا وشعبيا أو انه شهيد وضحية.. وتوقفت كثيرا عن مقال الأستاذ عبدالله السناوي في جريدة "الشروق" تحت عنوان "جنينة والآخرون" قبل الرد علي الأستاذ السناوي لابد من وضع مجموعة من الحقائق في الاعتبار. * أولاً ان الفساد قضية ومرض تعاني منه مصر علي مدار العقود الماضية واستشرت في معظم مفاصل الدولة المصرية من المسئول الكبير وحتي الموظف الصغير أو حتي المواطن البسيط فقد عمت ثقافة الفساد الجميع إلا من رحم ربي. * الحقيقة المؤكدة ان الفساد لم يكن وليد السنوات الثلاث الأخيرة وان النظام الحالي ليس مسئولا بالمرة عن استشراء هذا المرض.. بل ويبذل جهودا مضنية لمحاربته من خلال مجموعة من الإجراءات. * تواجد الرقابة الإدارية في كل المشروعات القومية.. ولا يفتتح أي مشروع إلا بعد استيفاء الشروط وتوقيع الرقابة الإدارية المدعومة ببعض أجهزة الدولة. * تواجد الرقابة الإدارية في كل الملفات الخدمية ولعل زياراتها الآن لكل المستشفيات الحكومية دليل علي ذلك.. للوقوف علي السلبيات ومظاهر الفساد والاهمال. * تشكيل لجنة لاسترداد حقوق الدولة برئاسة المهندس إبراهيم محلب لإعادة الأراضي المنهوبة والمليارات التي ضاعت علي مصر في ظل تواطؤ بعض المسئولين في العقود السابقة.. وبدأت التنفيذ منذ أيام وقبلها يقصم الدير المنحوت. * عندما تم الاقتراب من رجل أعمال شهير حصل علي امتيازات غير مشروعة في الطريق الصحراوي والجيزة.. اشهرت وسائل الإعلام وكتاب المقالات والفضائيات سيوفها وسهامها المسمومة للهجوم علي الدولة.. وان رجل الأعمال ملاك طاهر ولا تفهم من النخبة المصرية هل هم مع محاربة الفساد أم ضده؟ * المستشار هشام جنينة ليس من حقه وطبقا للقانون واللوائح نشر تقاريره في وسائل الإعلام ومخاطبة رئيس الجمهورية بها فقط. * المستشار جنينة قال: ان حجم الفساد في 2015 بلغ 600 مليار ثم تراجع وقال انه من "2012 - 2015".. ثم تراجع مرة أخري.. والتقرير اللجنة الذي كشف ان تقارير جنينة تضمنت وقائع فساد تعود للعشرينيات من القرن الماضي.. فهل كان هذا الفساد في 2015؟ * تصريحات جنينة في أول يناير وقبل الثورة المزعومة التي حرض عليها الإخوان في الاحتفال بذكري 25 يناير يثير الشكوك حول نوايا جنينة.. وهل كان يتوقع ان المصريين سوف يستجيبون لدعوات الإخوان وباقي المشبوهين وينزلون إلي الشوارع بالملايين؟.. وحرص جنينة علي أن يشعل الأمور برقم خطير وغير حقيقي يزيد من السخط الشعبي تمهيدا لانطلاق الثورة المزعومة. * ما أعرفه ان المستشار جنينة مثل اللاعب الذي انضم لفريق لا يحبه ولا يشعر بالانتماء له.. والولاء والانتماء فريق آخر كان له الفضل في مجيئه لهذا المنصب. في مقال الأستاذ السناوي يشعرنا أن جنينة برئ ونواياه حسنة وملائكية وطيبة وان الدولة هي الفاسدة وتجاهل ربما عن غير عمد حقائق الأمور وحقيقة الأرقام وتوقيتاتها رغم أن أحدا لم ينكر وجود فساد في مصر وان الرئيس بنفسه يحارب ويواجه هذا الفساد.. وليس هناك دليل أقوي من محاسبة وزير الزراعة في قضايا رشوة وفساد. الأستاذ السناوي يصف جنينة بالرجل الشجاع ولا يحمله سوي أحاديثه للإعلام ويتهم الدولة بحماية الفاسدين وإرهاب الأجهزة الرقابية فيقول: فأيدي الأجهزة الرقابية الأخري قد تهتز خشية مصائر مماثلة ويفقد المواطن العادي أمله في أي عدل وكل حساباته وهذا غير صحيح بالمرة إذ ان واقعة جنينة بالفعل تحمل نوايا غير طيبة.. وتضر بالبلاد رغم ان الرقم غير حقيقي ولا يمكن أن يحدث في بلد يتحسس فيه الوزير والمسئول رأسه خشية دخول السجن علي غرار نظيف وغيره من الوزراء وحتي مبارك نفسه وفارق الفساد الرأسي ووصل فقط إلي الذيل وأقصد هنا الموظفين الصغار في الأحياء والمناطق والجهات الخدمية التي ترتبط بالجمهور.. وهناك قبضة قوية علي أراضي الدولة التي كانت تشهد عصب الفساد قبل 2011 ووصل فيها حجم الفساد إلي مئات المليارات.. اذن من أين يأتي الفساد وبهذا الرقم؟! وعلي الأستاذ السناوي أن يخبرنا عن قضايا الفساد التي وقعت بعد "30 يونيو" وتم السكوت والتستر عليها.. وهل أراضي الدولة تشهد فسادا الآن وهي بالفعل كانت في زمن وزير الإسكان الأسبق محمد إبراهيم سليمان وزهير جرانة مرتعا للفساد