تلقينا رسالة من "ص ن" عبر البريد الالكتروني للصفحة تقول فيها : أنا شابة عمري 29 عاماً. تزوجت عن حب من جاري الذي تربينا معاً منذ الصغر. وحياتنا ظلت لسنوات مستقرة ولا يوجد لدينا أية مشكلات أو منغصات في الحياة . وأكرمنا الله بعد تسعة أشعر من زواجنا بطفل جميل. لكن فجأة اصيب زوجي دون اية اسباب بحالة غريبة جعلت الحياة تظلم أمام عيني. فأصبح شخصاً أكولاً بطريقة مرضية حتي مع شعوره بالشبع. وتحول من شاب وسيم ورشيق إلي شخص مخيف يختلف تماماً عمن احببته منذ الصغر. ولن أنسي أن اخبرك انني لا أجيد الطهي للدرجة التي تجعل زوجي مدمن للآكل ولا أطبق نظرية أقرب طريق إلي قلب جوزك معدته. ووصلت معه إلي نفق مظلم للاقلاع عن عاداته الغذائية السيئة. فبماذا تنصحيني أن أفعل ؟ ** عزيزتي صاحبة هذه الرسالة ان الرغبة في تناول الطعام رغم الشعور بالشبع والإفراط فيه يعتبر من أكثر المؤشرات وضوحاً علي سوء الحالة النفسية لزوجك . فلا يمكن فجأة أن يتحول زوجك إلي شخص أكول دون اسباب مرضية ونفسية. فلم تذكري في رسالتك طبيعة عمله الذي قد يكون له انعكاسه علي نفسيته ومشاعره حيث ثبت أن هذه الأحاسيس تجعل البعض يشعر بالجوع والرغبة في الأكل دون توقف. علي عكس البعض الآخر فكل ما أنصحك به هو أن تعرضيه علي طبيب متخصص في التغذية وأخر نفسي لمعرفة اسباب تغير حالته وادمانه للطعام . وحاولي أن تقتربي منه وتشغلي أوقات فراغه خلال اليوم لأنه قد يكون ممن يشعرون بالفراغ فيجعلون من الطعام خير صديق أو الهروب من بعض الظروف أو مشاعر الإحباط . كما أن أخصائيي الطب النفسي يؤكدون دائماً أن حالة الشراهة يمكن أن تستمر لفترة ثم تتوقف. كما يمكن ألا تتوقف مسببة بذلك أمراضا لا تحصي ولا تعد. الطريق المسدود أكتب إليك لكي تخففي عني ما تحمله نفسي من هموم لأنني مجموعة من المشاكل تمشي علي الأرض واحتاج لمساعدتك فهو قبل أن أموت حزناً علي ما فعلت الحياة بي . فنحن خمسة أشقاء أعمارنا تتراوح مابين 20 إلي 45 عاماً. عشنا طفولة قاسية للغاية عذاب لا يمكن وصفه أو تخيله بسبب قسوة والدنا الذي تجرد من كل مشاعر الإنسانية. فكان من البداية زواجه من والدتنا يرحمها الله غير متكافيء علي الإطلاق. فكانت أمي من عائلة ثرية. لها اسمها بين العائلات الكبري ذات الحسب والنسب . وعلي العكس تماماً كانت عائلة أبي. لكن شاء القدر أن يتزوجا وبطبيعة الحال كانت حياتهما مأساوية تملؤها المشاكل والأحزان . و ظل والدنا شغله الشاغل ميراث أمي وفقط. لا يهتم بها أو بنا. ولايفي بمتطلبات الأسرة والبيت والمعيشة منذ أن كنا في عمر الزهور وللاسف لم نجد منه سوي العصبية والقسوة لاتفه الاسباب. أخذ يقسو ويسب الجميع كأداة للضغط علي أمي حتي تحصل علي أموالها . وفي المقابل كانت أسرتها من العائلات التي لا تمنح الميراث بسهولة لبناتها . كنا ضحية الطمع والاهمال بعد أن اختار والدنا أن يظل يضغط علي أمي ويحرمنا من نعم الحياة حتي تطالب بميراثها الذي اصبح نقمة عليها وعلينا وحول حياتنا إلي جحيم. ومضت بنا رحلة الحياة صعبة وكئيبة حتي كبرنا وانهينا دراستنا المتوسطة كنا نسعي بكل ما اوتينا من قوة في إيجاد حياة أفضل نعتمد خلالها علي انفسنا لكي نعوض والدتنا جزءاً من المرار والأسي الذي عاشته مع أبي. ويعلم الله كم جاهدت من أجل اسعادنا لتري البسمة علي شفاههنا . لكن دائماً كان يقف لنا الفقر والمرض بالمرصاد. فمرض أبي واصيب بأزمة قلبية عنيفة. وهنا أدرك اشقاء والدتي انه حان الوقت لتأخذ جزءاً من ميراثها. وللاسف حينما حدثت هذه الانفراجة المالية انفقت معظمها علي علاج أبي وتكاليف الاطباء. والأدوية. ولن أطيل عليك لكن لابد أن اقول لكي إننا ووالدتنا تحملنا العناء وصبرنا. وتعافي والدنا وعاد لممارسة حياته طبيعية وهدأت الحياة واستقرت بعض الشيء. ودقت الأفراح بابنا وتزوج منا ثلاثة. ولأن دوام الحال من المحال. اصيبت والدتي بارتفاع مفاجئ في ضغط الدم. وتدهورت حالتها الصحية وتوفيت . وبوفاتها شعرنا أن السبب وراء كل ما عاشته من آلام كان والدنا. لم نغفر له ما فعله بها وبنا طوال حياتنا . وللاسف الآن هو رجل مسن تجاوز الخامسة والستين وما أحوج الانسان في هذا العمر للرعاية والاهتمام لكن لن أكذب عليك جميعنا مقصر مع أبي الذي قرر فجأة بعد وفاة والدتنا ان يفتح معنا صفحة جديدة لكن للاسف اخواتي يرفضون احتواءه في هذا العمر . وليست أزمتنا الآن فيما فات لكن نعيش الآن في أزمة بين ضمائرنا وبين ذكرياتنا المؤلمة. وكل ما يعذبني أن اشقائي يرفضون السماح وكل ما اخشاه أن يغضب علينا الله لتقصيرنا في حق والدنا فهل من خلال صفحتك ترسلين برسالة لاشقائي قبل فوات الأوان. ** عزيزتي صاحبة هذه الرسالة اقدر الجرح الكبير الذي يترسخ بداخلك واشقائك. فمن يقرأ الجزء الأكبر من رسالتك لا بد أن يغضب ويتألم ويطلب القصاص من هذا الأب ومن يقرأ الجزء الأخير لا بد أن يتمهل ويعيد النظر إلي الصورة مكتملة قبل أن يصدر حكمه بدون قسوة أو اندفاع عاطفي. فلن أستطيع أن انصحك رغم كل ما قصصتيه علينا من أسي وعذاب وحرمان سوي بالصبر علي أبيكم والإحسان إليه بكل سبيل فإن بره خصوصا إذا بلغ كبره والسماح والغفران له في هذه الحالة وفي هذه الظروف من أعظم الطاعات. وعقوقه من أعظم الكبائر والموبقات. فجاء في صحيح البخاري وغيره أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: الكبائر: الإشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس واليمين الغموس. كما اذكرك أيضاً بقول النبي صلي الله عليه وسلم: الوالد أوسط أبواب الجنة. فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه. رواه الترمذي, وصححه الألباني. وقال عليه الصلاة والسلام: رغم أنف رجل بلغ والداه عنده الكبر أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة. رواه الترمذي وصححه الألباني. . واعلمي أن حق الوالدين يستمر حتي مع إساءتهما وتقصيرهما في حق الأبناء لأن الله سبحانه لم يعلق الأمر ببر الآباء وإكرامهم علي كونهم محسنين لأبنائهم وإنما علقه علي مجرد الأبوة حتي ولو كانا مشركين يدعوان ابنهما إلي الشرك بالله والكفر به فعليه حينئذ أن يصاحبهما بالمعروف. ولو ستقولين أنه الماضي الذي يعيش بداخلك واشقائك حتي الآن ولكن الآن ليس أمامك إلا التعامل مع الحاضر من أجل المستقبل فالعيش مع الماضي لا يزيدكم إلا ألماً. وخذي وعد الله سبحانه وتعالي في كتابه الكريم نصب عينك عفا الله عما سلف , ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام . فما أروع حياة البر. وما تمنحه لنا من سعادة و طمأنينة. وأمن وأمان. فيالها من لذة فيها نشعر بانشراح صدورنا. والتيسير لنا في خطانا . وأؤكد لك أن الله سيوسع عليك وعلي اشقائك يا عزيزتي في رزقك. بل سيبارك لكم في عمرك لبرك لوالدك. آراء القراء تلقينا خلال الأسبوع الماضي العديد من رسائل قراءنا الأعزاء رداً علي قصة الأسبوع التي نشرت بعنوان "كفر بالحب" والتي تجسد معاناة سيدة جميلة تحدت أهلها والظروف لتتزوج من زميل لها يكبرها ب20عاماً. رغم الفوارق الإجتماعية والمادية والعلمية.. وفي النهاية وبعد أن فتر الحب وغابت الرومانسية التي صورت لها الحياة جنة فوجئت أنها اندفعت في الاختيار وكان مع اهلها كل الحق في رفضهم هذه الزيجة التي أنتهت إلي الطلاق والتسبب في ظلم طفلين بريئين حرموا من العيش في أسرة سوية ومستفرة. في البداية يقول صديق الصفحة الدائم محمد عبدالمطلب البهنساوي أن اختيار شريك الحياة ليس بالأمر الهين لكن يحتاج إلي التريث والتفكير والأقتداء بآراء الآخرين خاصة المقربين منا. من لهم تجارب حياتية وخبرات إنسانية في شتي مناحي الحياة. لافتا إلي أن اختيار بطلة القصة لزوجها قائماً علي الانبهار والجاذبية والاحتواء العاطفي البعيد كل البعد عن المنطق والعقل وأساسيات الارتباط خاصة السن والأخلاق وأصول التربية بدليل نصائح الآخرين والتحدي السافر لرغبة الأهل والأسرة. ويضيف "البهنساوي" أن أبسط قواعد التوافق والتلاقي هي التكأفو والتفاهم والحب القائم علي مكنون النفس البشرية أو مايسمي بالراحة النفسية ومن هنا تأتي المشاركة الوجدانية في التضحية والاحترام المتبادل بين الطرفين لبناء أسرة سوية. مؤكدا أن الطلاق نتيجة طبيعية لزوج سلبي ضعيف الشخصية علي مشارف نهاية العمر ولاينشغل في الحياة سوي بطاعة أمه وأخواته. وينصح صديق الصفحة الدائم بطلة القصة قائلاً: ما عليك إلا أن تركزي في طفليكي البريئين. لأنهما زهرة حياتك وعطرها الصافي ولاتقبلي بالزواج مرة أخري إلامن إنسان يتقي الله فيكي وفي أبنائك واعلمي أنك قد تكوني أوفر حظاً من غيرك فلم تحرمي من نعمة الإنجاب والأمومة ومازال المستقبل أمامك واسعاً ولايحتاج منك إلا تضميد الجراح والتغلب علي الأحزان. ومن جانبها تقول سلمي علي "طالبة" أن صاحبة القصة أندفعت وصدقت أوهام هذا الرجل غير المناسب لها علي جميع المستويات العمرية والإجتماعية والتعليمية وكان لابد وأن تعذب كل هذا العذاب مثلما حدث لشقيقتي الكبري بالضبط لأنها رفضت أيضاً نصائح والدينا لها في أن تحسن الأختيار بعيداً عن الكلام المعسول والعواطف الخداعة. لافتة إلي أن نسبة كبيرة من الفتيات يفضلن خوض التجارب العملية ليتأكدن أن الله حق. وتضيف "سلمي" أن علي هذه الزوجة أن تكفر عن ذنبها في حق أبنائها المساكين الذين لاذئب لهم في الحياة أن يفتحوا أعينهم علي الدنيا ليجدوا كل معاني التشتت والأنفصال وعدم الشعور بالأمان بأن يتعلموا تعليماً سليماً ويعيشوا في أجواء مستقرة حتي لايصابوا بأمراض نفسية تجعلهم قنابل موقوتة في المجتمع ومفتقدين الرغبة في الحياة. وعلي الجانب الآخر يري الحاج محمود علي محمود "تاجر" أنه سأل رجل الحسن رحمة الله قائلاً: "ممن أزوج أبنتي؟ قال: زوجها من يتقي الله. فإنه إن أحبها إكرمها وإن أبغضها لم يظلمها". فيا لها من نعمة أن تعيش المرأة في كنف رجل صالح يتقي الله تعالي ويراقبه في السر والعلن. ويؤدي ما عليه من واجب. وما له من حق. مؤكداً أنه علي الأسر أن تحكم سيطرتها علي أبنائها بشكل يجعلهم تحت طوعهم لكي لايشعر أبنائنا أنهم حين وصولهم لسن الزواج أنهم كبروا وأصبحوا في غني عنا وعن خبرتنا في الحياة. وتقول خديجة مصطفي "موظفة" بأحد البنوك بالإسكندرية أن علي فتياتنا المقبلات علي الزواج لابد أن يعو مدي أهمية نصائح الأهل وخبراتهم الحياتية. لأن مهما ظنوا أنهم يختارون الأفضل في حين أنهم قد يكونوا مخدوعين أو تحت سيطرة الحب والعاطفة فغابت عقولهم ويحتاجون إلي نصيحة الأهل الذين لن يضلونهم أو يخدوعونهم تحت أي سبب من الأسباب. ومن جانبه يقول مازن محمود "محاسب" أنه لايختار أحد في الحياة أن يفشل أو يعيش معذب لكنها هي الحياة خير وشر نجاح وفشل ولو لم تقع مثل هذه الأخطاء والمأسي فكيف ستدور عجلة هذه الحياة. لافتا إلي أن الحياة الزوجية كما تقول الأمثال الشعبية مثل البطيخة أي أنها "بختك يا أبو بخيت" يعني حظوظ ويا صابت أو خابت. وتقول علياء عبدالله "ربة منزل" أن القدر هو الحاكم للأمر فلي قريبة أحسنت الأختيار وتزوجت من شخص قريب لها في العمر والمستوي الإجتماعي وعاشوا خلال فترة الخطوبة التي أستمرت أكثر من عامين قصة حب قوية كانت مسار إعجاب عائلتنا ومعارفنا وجيراننا ورغم ذلك لم تستمر زيجتهما سوي عاماً واحداً بسبب أن الأشخاص قبل الزواج يختلفون ويتصنعون علي بعضهم البعض وما قد أغلق عليهما باب واحد وينكشف كل منها علي الأخر يظهر كل منهما علي الأخر. وتضيف "علياء" أن هناك من يتحمل الطرف الأخر بكل عيويه. وهناك من يفضل الانفصال حتي في حالة وجود أطفال أبرياء هم ضحايا هذه الزيجات غير متكافئة مؤكدة ان علي أبطال هذه القصة أن يراعيا الله في أولادهما يحتفظوا بأبسط معاني الاحترام والود حتي لايدفعوا الأولاد لأن يكرهوا الحياة الزوجية ويفقدوا الثقة في والديهما. وتري صابرين إبراهيم "ربة منزل" أن بطال القصة أجرموا في حق أنفسهم وأبنائهم ولم يفكروا سوي في رغباتهم. وأن أبنائهم من المؤكد سيصابون بحالة من الأكتئاب وعدم الثقة بالنفس وقد يؤثر هذا سلبا علي مستواهم التعليمي وعلاقاتهم بالآخرين. مطالبة الطرفين أن يختاورا أبنائهم طالما فشلوا في الحفاظ علي زيجتهما وأل ايشوه كل طرف الأخر أمام الأبناء حتي يكمل أولادهم الحياة في ظروف أقرب إلي الطبيعية.