أنا سيدة اقترب من سن الاربعين, تزوجت شابا من أسرة ميسورة الحال يكبرني بسنوات وعشت معه حياة هادئة, ومرت سنوات علي زواجنا دون إنجاب, وأصبح شغلي الشاغل هو أن أتردد علي الأطباء للاطمئنان علي حالتي الصحية. وقد أجمعوا علي انني وزوجي طبيعيان جدا ولا يوجد لدينا أي عائق للإنجاب, وأن القضية مسألة وقت.. وبرغم كلماتهم المطمئنة كنت اشعر بالضيق كثيرا عندما ألاحظ لهفة زوجي علي ومحاولاته الدائمة لإسعادي والتخفيف من متاعبي وآلامي, فبحث لي كثيرا عن عمل أشغل به وقتي وتفكيري وشجعني علي ارتداء الحجاب والتقرب إلي الله حتي يرضي عنا ويمن علينا بطفل, ولكن لم يهدأ لي بال ولم أكترث لكلامه, وأخذت اتحدث إلي كل الأقارب والجيران والأصدقاء في مسألة الإنجاب, حتي إنني سمحت لنفسي بالخوض في علاقتي الحميمية مع زوجي, ونسيت أن الكلام في مثل هذه الأمور أسرار لايجوز البوح بها لأي إنسان, ونصحني زوجي مرارا بألا أتكلم عن علاقتنا الخاصة ولكنني لم استجب له, وبدأت اشعر بنفوره مني, وازدادت المشكلات بيننا, وتدخلت أمي وعمتي بشكل محرج لدرجة أنهما اتهماه بأنه مريض ولن يستطيع الإنجاب, وانتقل هذا الحديث إلي أهله فتدهورت علاقتنا, وعلي الرغم من ذلك فإنه لم يحاول إهانتي أمام الناس, وكانت معاملته لي طبيعية جدا ومرت اربع سنوات علي هذه الحالة القاسية ثم اذا بي افاجأ بأنني حامل, وأنجبت ولدا ركزت كل حياتي لتربيته, وكان هو كل شيء في حياتنا, ومحور اهتمام والده, والمؤلم في قصتي أن زوجي لم ينس اساءتي له والتشكيك في رجولته بين الأهل والأصدقاء, إذ لا يعيرني أي اهتمام وزادت الفجوة بيننا كثيرا, وبدلا من أن أستوعبه وأحاول استرجاعه إذا بي اتجاوز في الحديث عنه, وطلبت مني أمي أن أهدده بطلبي الطلاق وهدم البيت لعله يخاف ويرتدع وتعود علاقتنا إلي سابق عهدها ولكن شعوره بالتجاهل لم يتغير تجاهي بل زاد تعنته, وهنا أصررت علي طلب الطلاق فوافقني علي طلبي وأخذني بمنتهي الهدوء إلي المأذون وطلقني ودفع أمامي في حضور الجميع مؤخر الصداق وحاولت أن أضغط عليه بطلب نفقة متعة لعله يتراجع عن الطلاق فوافق أيضا وكتبنا عقد اتفاق بالتزامه بجميع متطلبات ابنه من مأكل وملبس ومدرسة في مقابل أن يراه يومين في الأسبوع ويقضي معه الإجازات. وعرض علي أن أقيم في شقة الزوجية ويكتبها باسم ابننا ولكنني رفضت لمجرد أنها في عمارة أهله, واستأجرت شقة أخري مجاورة لهم. وبعد ذلك علمت أنه تزوج من أخري وأنجب منها بنتا فذهبت إلي منطقة سكنهم, وقلت لكل الناس من حولهم سواء الجيران أو أصحاب المحال أن هذه السيدة سيئة السمعة, ولعب بي الشيطان حتي خلعت حجابي وابتعدت عن طريق الهداية, وأصبح كل همي هو أن أتزوج من آخر حتي أغيظه كما أغاظني وأدمر هذه الزيجة التي جعلتني أفقد صوابي وأسهر الليالي وأنا اتحسر علي ما صنعته في نفسي, وفكرت بمساعدة أمي في أن أحرمه من رؤية ابنه وخالفت الشروط التي اتفقنا عليها عند الطلاق.. وبالرغم من ذلك دفع مصاريف ابنه شهورا عديدة وهو لا يراه ولم اكتف بذلك فرفعت عليه قضايا كثيرة حتي أتمكن من الشقة التي عرضها علي من قبل بالمعروف ورفضتها. وبعد تفكير عميق مع نفسي فيما فعلته وجدتني قد دمرت حياتي بنفسي وخسرت احترام الناس لي, وخسرت ابني أيضا الذي اصيب بآثار نفسية مدمرة منها التبول اللا إرادي والمشي في أثناء النوم بسبب بعده عن أبيه, ومحاولتي إخافته وبث الرعب في نفسه بأنه يكرهه وسوف يخطفه, فلقد تزوج من أخري وأنجب منها ويعيش حياة مستقرة وهادئة بعيدا عنه!.. انني نادمة علي ما فعلته وأحكي لك قصتي هذه بعد أن استيقظ ضميري وأنصح كل زوجة أو فتاة مقبلة علي الزواج بأن تحافظ علي زوجها وأن تحمي بيتها وأقول لها ان الطلاق شيء مدمر حقا. فمهما كانت الحياة الزوجية مليئة بالمشكلات فإن مشكلات الطلاق أكبر بكثير, وقد تخسر المطلقة كل شيء ولن ينفعها الندم بعد فوات الآوان. وأقول لكاتبة هذه الرسالة: أي بناء يقوم علي غير أساس متين, يصبح مهددا بالانهيار أمام أي عاصفة, وكذلك الحياة الزوجية, إذا عكر صفوها شيء لا تعود إلي هدوئها السابق, ويكون مصيرها الفشل والانفصال. وأنت يا سيدتي لم تعكري صفو حياتك الزوجية فقط, وانما أيضا سعيت بإرادتك إلي تدميرها لأسباب غير مفهومة, ولعلك رأيت أن هجومك علي زوجك والحديث عن علاقتك الزوجية به أمام الناس, سوف يؤكد لهم أن العيب في تأخر الإنجاب منه وليس قصورا فيك. وكان طبيعيا والحال كذلك, أن تتوتر حياتك الزوجية, وأن يؤدي تدخل الآخرين فيها إلي تشجيعك علي طلب الانفصال وتجاهلت أن النار لا تحرق إلا من يمسك بها وأنت أمسكت بلهيب الشائعات, وجعلت زوجك مضغة علي كل الألسنة, ووجدت نفسك محاطة بالشكوك والأقاويل, فآثرت الانسحاب من حياة زوجك ظنا منك أنك سوف تعيشين حياة أكثر راحة, وربما تهافت عليك رجال آخرون يرون في أنفسهم ما ليس موجودا في زوجك. وهنا كان قراره الشجاع بالانفصال عنك بل وتلبية كل مطالبك, ثم الزواج من أخري تحفظ له قدره ومكانته يا سيدتي عودي إلي جادة الصواب, واعلمي أنك تماديت كثيرا في الإساءة إلي زوجك السابق, وهتك أعراض الآخرين, وسوف تدور الدوائر عليك حين تشربين من الكأس نفسها عندما ينبذك من حولك وتسبحين وحدك في بحر الحياة بلا سند ولا معين, ولا سبيل أمامك الآن سوي الإقرار بخطئك وندمك علي ما فات والتقرب إلي الله بالصبر والصلاة والدعاء إليه بأن يعفو عنك وأن يجعلك آمنة مطمئنة.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.