علي مدار ثلاثة عقود متتالية ظل نزيف الفساد مستمرا حتي وصلت فاتورته إلي ما يقارب 5.1 تريليون جنيه والتقارير الاقتصادية تشير إلي أن البداية كانت عام 1974 مع تطبيق سياسة الانفتاح الاقتصادي وان الفساد بدأ يخطو أولي خطواته عام 1976 واطلق عليه الفساد المقنن حيث تم ادارة البلاد منذ هذا التاريخ بالعلاقة بين السلطة ورجال الاعمال وأخذ الفساد بعد ذلك يأخذ طابعه المؤسسي منذ عام 1981 مما تسبب في انهيار موارد البلاد. هذا ما يؤكده د.عبدالخالق فاروق الخبير الاقتصادي ومدير مركز النيل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية قائلا باختصار نحن أمام عالم سفلي جديد وضخم تشكل بصورة اكثر عمقا وشمولا منذ بداية تطبيق سياسة الانفتاح الاقتصادي في مصر عام 1974 ومنذ تولي حسني مبارك مقاليد الحكم في البلاد نهاية عام 1981 تحلقت جماعات رجال المال والاعمال حول مائدته الاسرية لتخلق بذلك اسوأ شبكة سرية للفساد والافساد وفي عام 1992 كانت البداية الحقيقية لاختلاط المال الحرام بالسلطة وقراراتها من خلال سياسات معينة وقرارات جمهورية استهدفت افساد افراد وجماعات ومؤسسات من خلال تشريع قوانين اقتصادية فاسدة ليتحول الأمر رويدا رويدا وعاما بعد آخر وخلال ربع قرن كامل إلي افساد المجتمع بأكمله وتتمثل أوجه هذا الفساد في سوء تشغيل القطاعات الحكومية وشركات قطاع الأعمال العام والخاص بهدف اهدار مالي يتكسب من ورائه فئات بعينها كما جاء نمط الانفاق والصرف ليمثل فسادا من نوع جديد خصوصا في أبواب الموازنة العامة للدولة كما تأتي الصناديق الخاصة في الأجهزة الحكومية والادارات لتمثل ظاهرة شاذة غير معترف بها في كل النظم المالية والمحترمة وقد كانت الباب الخلفي للافساد المالي هذا بخلاف الكارثة الكبري بعد تعديل قانون الاستثمار والذي فتح الباب علي مصراعيه للتربح والاستيلاء لتمنح الأراضي بالمجان لرجال المال والاعمال مما تسبب في طفرة كبيرة في فاتورة الفساد. وقد أوضح التقرير الصادر عن مركز الدراسات الاقتصادية ان فاتورة الفساد في مصر خلال الثلاثة عقود الماضية كلفت الاقتصاد المصري ما لا يقل عن 5.1 تريليون جنيه وكان يتحكم بها 20 فردا فقط ممن كانوا يديرون دفة الامور الاقتصادية والسياسية خلال هذه الفترة وانه للأسف تم تهريب هذه الأموال إلي الخارج ولم تستفد منها خزانة الدولة مما تسبب في ارتفاع فاتورة الفساد وتجريف الخزانة المصرية. واضاف التقرير ان الفساد خلال هذه الفترة انتشر واستشري كالوباء في جسد الأمةالمصرية سواء كان سياسيا أو اقتصاديا أو ظلماً اجتماعياً متمثلا في الرشاوي التي كانت تدفع لكبار الساسة والمسئولين والاهدار الذي تم في قوانين الخصخصة من بداية التسعينيات وحتي عام 2010 وكذلك الاهدار في المال العام والتربح والاستيلاء علي أراضي الدولة وجرائم تسهيل الاستيلاء للغير كما ان هناك عنصرا هاما من عناصر الافساد الاقتصادي وهو صدور قرارات اقتصادية وقوانين من أكبر المجالس التشريعية تخدم فئة معينة ضالة مما انتج حالات اثراء غير مشروعة. واشار التقرير إلي انه علي الجانب الآخر انه إذا بقيت هذه الأموال داخل البلاد كان يمكن الاستفادة منها في سداد كافة المديونيات مما يقارب 100 مليار جنيه سنويا فوائد القروض المستحقة داخليا وخارجيا كما ان هذه الأموال كان يمكن الاستفادة منها في خلق مشروعات جديدة والعمل علي خلق فرص عمل تقدر وبنحو مليون فرصة عمل سنويا وبالتالي فإن عدد هذه الأموال كان سيتم ضخه داخل شرايين الاقتصاد القومي. ويشير شحاتة محمد مدير المركز العربي للنزاهة والشفافية إلي أن حجم فاتورة الفساد 2015 في مصر بلغ 200 مليار جنيه طبقا لتقرير اعده المركز وجاء ذلك متمثلا فيما تم اهداره من المال العام في شركات القطاع العام فهناك 124 شركة يتم نهبها وتحقق خسائر فادحة بسبب الفساد الاداري حتي أصبحت عبئا علي الدولة هذا وجاءت قضية وزير الزراعة وقضية السلمانية الأشهر في قضايا الفساد هذا العام. واضاف شحاتة ان وزارة التموين احتلت المرتبة الأولي في الفساد بعدد 10 وقائع شهدتها المخابز والجمعيات التعاونية ومستودعات السلع التموينية جاءت بعدها في المرتبة الثانية المحليات بعدد 7 وقائع ثم في المرتبة الثالثة للقطاعات الأكثر فسادا جاءت وزارتا الزراعة والتربية والتعليم بعدد 5 وقائع لكل منها وجاءت في المرتبة الأخيرة للفساد بعدد واقعة واحدة فقط كل من وزارة المالية والقوي العاملة وقد تنوعت وقائع الفساد ما بين الاختلاس والرشاوي واستغلال الوظيفة الرسمية وجاء اهدار المال العام في المركز الأول فبلغ 8.2 مليار جنيه منها 320 مليون جنيه تم اهدارها علي الحملة الاعلانية لكروت البترول الذكية وحل الاستيلاء علي المال العام بالمركز الثاني حيث بلغت 221 مليون جنيه بينما جاءت جريمة استغلال المناصب في الدولة للتربح وتريح الغير بالمركز الثالث بقيمة مالية قدرها 200 مليون جنيه واحتلت جريمة الاختلاس المركز الرابع وبلغت 122 مليون وجاءت جريمة الرشوة بالمركز الخامس ويبلغ حجم الرشاوي 1.1 مليون جنيه بالاضافة إلي 190 ألف جنيه نتيجة المخالفات والفساد المالي والاداري.