شعب وأرض وجيش وقانون هكذا يتشكل جسد الدولة.. لكن أين يكمن الجانب المعنوي لهذا الكيان. الأمر يتعلق بالروح المعنوية للمواطنين كبارا وشبابا وصغارا. فهل للدولة موظف يمر في الشوارع يعطي المشردين في ليل الشتاء القارس ما يسترون به أجسادهم؟ أشعر أن ما نطلق عليه "مؤسسات المجتمع المدني" تحولت لمؤسسات دعائية تنتج الإعلانات المضيئة في الشوارع وتتفنن في إنتاج المادة التليفزيونية تماما كأفضل شركات المشروبات الغازية والبطاطس المقلية.. وأتساءل كما يتساءل الجميع كيف تدعو جمعيات دعم الفقراء المواطن البسيط للتبرع بجنيه واحد وهي تنفق الملايين علي إعلانات التليفزيون والشوارع.. أو المسألة مجرد علاقات مصلحة مع شركات الدعاية؟ وإذا كان الأمر كذلك فلماذا إذن يتبرع المواطن المطحون أصلا!! ولماذا لا يتم التعامل مع هذه التبرعات بشكل أكثر فائدة للفقراء أنفسهم. بعض مؤسسات الدولة تقدم دعما ماديا للفقراء.. الشئون الاجتماعية.. الأوقاف.. التموين.. التعليم.. الصحة فلماذا لا نتعامل بتكاملية مع الفقير.. والأشد فقرا وبمنطق شامل لا يعطي الملبس دون الغذاء ولا يغرس الانتماء دون الدواء؟ تظهر علينا إعلانات المؤسسات الخيرية وهي توزع البطاطين علي القري الفقيرة في صعيد وضواحي مصر. ولكن هل منهم من نظر إلي هؤلاء المنبوذين الذين يفترشون أرصفة الشوارع؟ ولا يتذكرهم مليونيرات الإعلانات ببرامج التوك شو! وهل بالفعل توفي الشركات والجمعيات بالكم الهائل من الوعود الرمضانية بداية من بناء المستشفيات وتطوير القري وكفالة اليتيم.. أعتقد أن الأمر ينطوي علي عشوائية ويبتعد عن الدور الأصيل للدولة في المتابعة والإشراف والتنفيذ والتوزيع.. فبعد أن لعبت الدولة دورا محوريا في الرقابة علي التمويل الخارجي أصبحت هناك ضرورة لتنسيق ومتابعة التمويل والعمل الأهلي داخليا لا لشيء سوي مصلحة المواطنين الأشد فقرا. فالمواطن المصري الملقي ليلا علي الرصيف دون غطاء علي جسده أو بطاقة رقم قومي هو أحق أبناء الوطن بالدعم والرعاية والأولي أن تتذكره مؤسساتها جميعا في العام الجديد. فهل تقوم الدولة بواجبها الإنساني تجاه هؤلاء الذين لا يمتلكون بطاقة تموين أو تأمين صحي.