في اعتقادي الشخصي أن تنظيم السوق وضبط أدواته هو أهم دور للدولة في النظام الرأسمالي ولا يجب أن نأخذ بعض الأدوات التي تتوافق مع ما نؤمن به ونترك البعض الآخر الذي يتعارض معها أو لا يحقق أعلي المكاسب الممكنة والتي في غالبية الوقت تكون علي حساب المستهلك المطحون.. وزمان عندما كانت الدولة تعمل كل شيء وتبيع أي شيء كان المستهلك يحصل علي ما تقدمه له الدولة بأسعار محددة وبجودة أقل ووصل الأمر إلي حد إجبار التجار علي بيع بعض السلع بسعر يقل كثيرا عن تكلفة الانتاج كما حدث في الستينيات عندما دخل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وطلب بيع الأرز ب 4 قروش للكيلو لصالح المستهلك وانصاع التجار طواعية وغالبيتهم كرها. ولا نريد اليوم أن تعود مثل هذه القبضة الحديدية علي السوق حيث تنشط السوق السوداء وأعمال التهريب والفساد في مختلف المواقع وتفتح الأبواب لاصحاب النفوذ والقادرين وتغلق أمام الصغار وضعفاء الحيلة ولكن نريد أن يتم تفعيل الآليات المعمول بها في السوق الحر مثل إحكام الرقابة علي المصانع المخالفة ونشر قائمة سوداء بالمخالفين من التجار والمصانع والمهنيين الجشعين سواء كانوا أطباء أو محامين أو إعلاميين وغيرهم. وكم مرة دفعت المغالاة في أسعار العلاج في المستشفيات وعيادات الأطباء الخاصة والمحامين وغيرهم من المهنيين إلي بيع الغالي والنفيس لدفع مصروفات العلاج للمستشفي والطبيب وهناك حالات كثيرة تحدث كل يوم للتخلص من لحظة ألم وشراء يوم صحة. وها هو الرئيس عبد الفتاح السيسي يجتهد لخفض أسعار السلع الغذائية من خلال مبادرة شخصية وتدخل الدولة بمنافذ البيع المملوكة لها بزيادة المعروض من السلع وكان الأمل أن يدرك باقي المجتمع مضمون الرسالة ويكتفي بهامش ربح متواضع في السلعة أو الخدمة المقدمة للمستهلك طواعية دون الزام. وكنت أود أن يتم نشر قوائم بيضاء بأسماء رجال الأعمال الذين يراعون الله والوطن ويكسبون القليل في ظل ظروف صعبة يعيشها الوطن ويكثر فيها الاعداء ويقف الإرهاب متربصا يبحث عن اجندات وأهداف مغلوطة. وكم كنت أود أن تقوم جمعيات حماية المستهلك بدور أساسي في توجيه المستهلك لشراء سلع معينة ومقاطعة الأخري ورفع قضايا ضد الجشعين وأصحاب الذمم الخربة ومن علي شاكلتهم وأن تقوم الدولة وأجهزتها بدور رقابي علي المصانع تشجع الملتزم وتعاقب المخالف. وحضرت اجتماعا سابقا لاصحاب مصانع الغزل من القطاع الخاص يرأسه د. مصطفي الرفاعي وزير الصناعة الأسبق وإذا بأحد رجال الأعمال يتحدث عن خسائر كبيرة في ظل تجاهل الدولة وإذا بالوزير يصد السائل بعد أن سأله عن موديل السيارة المرسيدس التي يركبها. يا سادة السوق الحالية سداح مداح ولا ينظمها أي ضوابط ويجب أن تأخذ الدولة دورها في ضبط هذه السوق وردع الفاسدين لصالح الطبقات الفقيرة والمتوسطة الدخول التي انضمت حديثا لهم بسبب غول الاسعار.