مهما تحدثنا عن مشكلة ارتفاع أسعار السلع الغذائية, خاصة مع قدوم شهر رمضان المبارك, وكثرت تصريحات المسئولين عن خطة عاجلة وتحركات فورية وإجراءات حاسمة لضبطها, فلن تتمكن الحكومة من السيطرة عليها, إلا بأنواع ثلاثة من الإجراءات: طرح المزيد من السلع في الأسواق, إحكام الرقابة علي منافذ السلع المدعمة من الدولة, حث المستهلكين علي ترشيد الاستهلاك وتجربة أسلوب المقاطعة للتجار الجشعين حتي يرتدعوا. حل المشكلة ليست بالتصريحات والكلام الكبير عن الاستراتيجيات, وإنما هي مسألة عرض وطلب, أي كلما زادت كمية السلع المطروحة بالأسواق انخفضت أسعارها تلقائيا, لأن البائع مضطر للتخلص منها قبل انتهاء فترة صلاحيتها, والمستهلك لن يفكر في تخزينها, لأنها متاحة ويمكن الحصول عليها وقت الحاجة إليها. أما الإجراء الثاني, فهو إحكام الرقابة علي منافذ بيع السلع المدعمة في شركات قطاع الأعمال العام حتي لا يهربها العاملون فيها إلي التجار والفنادق, خاصة اللحو=م مقابل منافع مادية, ولابد أن يكون الأفراد المكلفون بذلك من ذوي السيرة الطيبة والاستقامة, حتي لا يشاركوا الموظفين المخالفين في الإثم مقابل منافع مماثلة, علي أن تكون العقوبة رادعة للجميع. أما الضلع الثالث والمهم في خطة تفادي أزمة ارتفاع الأسعار أو حلها عندما تحدث, فهو دور جمهور المستهلكين أنفسهم, فإذا قللوا الكميات المستهلكة, وامتنعوا عن تخزين السلع المرتفعة السعر, واتخذوا خطوة أقوي وهي مقاطعة السلع المبالغ في أسعارها والتجار الجشعين, كما يحدث في المجتمعات الغربية مثلا, فسيجد التجار أنفسهم مجبرين علي خفض الأسعار لتصريف سلعهم قبل أن تنتهي فترة صلاحيتها, فلنجرب الفكرة ولو مرة واحدة, وعندما تنجح لن يفكر الجشعون في رفع الأسعار فوق معدلها الطبيعي بعد ذلك.