بعيداً عن كلمات التآمر والمؤامرة وغيرها.. ليس هناك من وصف يصدق علي ما فعلته بريطانيا ورئيس وزرائها مؤخراً في موضوع الطائرة الروسية أقل من كلمات وقاحة وصفاقة وجليطة. فأن يختار رئيس الوزراء البريطاني دافيد كاميرون توقيت زيارة رئيس مصر الرئيس عبدالفتاح السيسي إلي لندن بدعوة منه لكي يبادره بضربة قوية إلي اقتصاد مصر بشكل عام وسياحتها بشكل خاص.. فيما لا عجلة فيه.. ولا ضرورة إلا بدء مسلسل التآمر ضد مصر.. هو نوع من الجليطة الممتزجة بالوقاحة والصفاقة أيضاً.. ويبرر رئيس الوزراء البريطاني ما فعله. بأنه فضَّل مصلحة مواطنيه. والحرص علي حياتهم قبل كل شيء.. وقد كان يمكن أن يكون هذا الكلام مفهوماً. لو أن هناك خطراً داهماً يهدد هؤلاء المواطنين.. ولكن بعد سقوط الطائرة الروسية الخارجة من مطار شرم. فإن كل الشواهد والسوابق. تؤكد أن المطار في هذه الحالة سيكون في أقصي حالات الأمان.. لأنه بفرض اختراق أمن المطار وهو مجرد افتراض لا دليل عليه.. خاصة وقد أثبتت كاميرات المراقبة في المطار أن مسار حقائب الركاب منذ تسليمها في المطار لم تتعرض لأي اختراق.. كما أن نتائج التحقيق بعد لم تكن قد ظهرت وهي بكل تأكيد لن تظهر إلا بعد وقت يطول أو يقصر طبقاً لمجريات التحقيق وظروفه واحتمالاته وسيناريوهاته.. نقول حتي إذا افترضنا أن المطار قد اخترق وأدي هذا إلي سقوط الطائرة.. فإن هذا الأمر سيؤدي علي الفور إلي مزيد من التشدد والتدقيق الأمني.. وبالتالي فإن احتمالات الخطر علي المسافرين منه أو القادمين إليه تصبح شبه منعدمة.. وبالتالي أيضاً فإن الإسراع في الإعلان عن إيقاف رحلات السياح البريطانيين للحرص علي سلامتهم لا مبرر لها.. ولا داعي للعجلة في الإعلان عنها بهذا الشكل الفج الذي يناقض كل الأعراف الدبلوماسية.. بما يخرجها فعلاً من دائرة الرغبة في الحرص علي سلامة السياح.. إلي دائرة التآمر علي مصر وتشويه سمعة مقاصدها السياحية.. وعلي رأسها شرم الشيخ.. وهو أمر لا يحتاج إلي دليل وتوزيع الأدوار فيه واضح.. وكل الأطراف الداخلة فيه واضحة.. ويؤدي الإعلام الغربي الدور الرئيسي المرسوم له في تشويه صورة مصر.. وتمول قطر صحفاً بعينها.. لتكتمل حلقات المؤامرة.. بين بريطانيا وأمريكا وإسرائيل وقطر وتركيا.. وعصابة الإخوان الإرهابية. ويؤكد التآمر البريطاني.. توقيت إعلان قرارات منع السياح البريطانيين خلال زيارة الرئيس السيسي.. حيث لا ضرورة عاجلة أو ملحة تستدعي عدم الانتظار إلي ما بعد انتهاء الزيارة.. إلا الرغبة في سبق الزيارة بهذا الإعلان.. رغم كل ما فيه من جليطة ووقاحة وصفاقة.. حتي لا يضيع وقت ثمين من المتآمرين.. قبل أن يفسدوا علي مصر موسمها السياحي الرئيسي في الخريف والشتاء وبداية الربيع. وتكمل هذه الجليطة وهذا التآمر البريطاني تاريخاً طويلاً من التآمر والعداء البريطاني لمصر.. ليس فقط خلال فترة الاحتلال والاستنزاف البريطاني لمصر والذي دام منذ عام 1882 حتي عام ..1956 ومحاولة العودة مرة ثانية إلي احتلال مصر في مؤامرة العدوان الثلاثي عام 1956 أيضاً.. بل كل ما سبق هذا التاريخ منذ نهاية القرن التاسع عشر والصراع الإنجليزي الفرنسي علي أرض مصر وحملة فريزر والتآمر علي محمد علي بعد أن كاد جيش مصر يدق أبواب الخليفة العثماني في اسطنبول ثم معاهدة لندن عام 1841 وتحجيم مصر.. ولم يتوقف التآمر الإنجليزي والأوروبي علي مصر في عهد خلفائه.. خاصة إسماعيل الذي منحهم الفرصة بإسرافه.. فكانت ديونه مدخلهم ومقدمتهم إلي احتلال مصر في عام 1882 بعد أن تحكموا في كل قراراته واستولوا علي أسهم مصر في قناة السويس. تاريخ العداء البريطاني لمصر طويل.. وممتد عبر صفحات التاريخ.. ولا نريد أن ننكأ جراحاً قديمة حفظها التاريخ.. لنحو قرنين من الزمان.. وها هو في لحظة خاطفة يعود مرة أخري ليبرز مهدداً مصر في اقتصادها وفي معيشتها.. ويسخر سفيرها في مصر من المصريين قبل أيام من إعلان المؤامرة.. ليقول انتظروا أخباراً سعيدة بعد أيام.. وإذا بنا أمام أخبار المؤامرة.. ويقول مبشراً المصريين "حندوس بنزين شوية علي العلاقات".. وإذا بهم يدوسون البنزين فعلاً.. ولكن في عربة طائشة غادرة تحاول دهس الشعب المصري.. ولكن الشعب المصري الذي عاني تآمر الإنجليز طوال قرنين.. وانتصر في نهاية المطاف.. قادر أيضاً علي أن ينتصر بعون الله هذه المرة ويفسد تآمر المتآمرين.. ويخرج بإذن الله منصوراً.. من هذه المعركة الجديدة التي تفرض عليه.. وتأتي مع ذكري العدوان الثلاثي علي مصر الذي شاركت فيه بريطانيا عام .1956