أكتب لكم اليوم من كوالالمبور.. عاصمة ماليزيا التي لم يكن كثير من الناس يسمع عنها. أو يسأل عن موقعها الجغرافي.. حتي جاء الدكتور مهاتير محمد الي السلطة في 16 يوليو عام 1981. فقفز بماليزيا الي مصاف الدول المتقدمة صناعيا وتكنولوجيا.. حتي أصبحت الدولة رقم 17 في العالم من حيث حجم التجارة الدولية.. والدولة رقم 9 من حيث القدرة التنافسية الإقتصادية.. ثم ترك الدكتور مهاتير محمد السلطة بكامل إرادته وبمبادرة شخصية منه بعد 22 عاما قضاها في الحكم.. * كوالالمبور اليوم.. أصبحت من أهم العواصم الاقتصادية في العالم.. أصبحت مركز ثقل دولي.. إذا ¢عطست¢ تهتز بشدة مؤشرات البورصات العالمية..! * المدينة التي لم يكن كثير من الناس يسمع عنها في الماضي.. تستعد الليلة لحفل استقبال كبير. يحضره عدد من رؤساء الدول والحكومات والمؤسسات المالية العالمية وصناديق الاستثمار.. الفنادق ممتلئة.. الشوارع مزدحمة بالأوربيين والأمريكان والأفارقة والآسيويين.. مندوبي الصحف ووكالات الآنباء العالمية يتسابقون للحصول علي أنباء الصفقات المتوقعة بين المؤسسات المالية.. * المناسبة هي افتتاح المؤتمر السنوي الحادي عشر للمنتدي الاقتصادي الإسلامي العالمي غدا في كوالالمبور.. * هذا المنتدي تأسس في عام 2004.. انبثقت فكرته أثناء أحد اجتماعات منظمة المؤتمر الإسلامي. التي كانت ترأسها ماليزيا في ذلك الوقت. وأصبح اسمها الآن ¢منظمة التعاون الإسلامي¢.. الهدف من المنتدي هو تعزيز فرص التنمية الإقتصادية في الدول الإسلامية. وتشجيع التعاون بين الإقتصاديات الإسلامية وغير الإسلامية.. * تقول أوراق المنتدي: إنه منظمة دولية غير هادفة للربح مقرها كوالالمبور.. وإنه يعقد مؤتمرا سنويا في إحدي دول العالم.. يكون عبارة عن منصة أعمال عالمية.. تعرض فرص الأعمال في العالم الإسلامي.. وتقدم المبادرات المختلفة التي تعزز الشراكة بين الشعوب. وتبادل المعرفة بين المجتمعات المسلمة وغير المسلمة في جميع أنحاء العالم.. انطلاقا من فكرة أن الشراكة في قطاع الأعمال يمكن أن تتحول الي جسور حقيقية من الثقة بين العالمين الإسلامي وغير الإسلامي تحقق السلام والرخاء للبشرية.. * الدول التي عقدت بها مؤتمرات المنتدي في السابق هي: ماليزيا - كازاخستان - إندونيسيا - الكويت - باكستان - بريطانيا - الإمارات العربية المتحدة.. وقد شارك في هذه المؤتمرات رؤساء دول وحكومات. ورواد صناعة. ورؤساء مؤسسات مالية. وعلماء أكاديميون. وخبراء. ورجال أعمال.. *** كما هو واضح أن بريطانيا كانت الدولة الوحيدة غير الإسلامية التي عقد بها أحد مؤتمرات المنتدي.. كان ذلك في الفترة من 29 الي 31 أكتوبر 2013. حيث عقد المؤتمر السنوي التاسع للمنتدي في لندن تحت عنوان: ¢عالم متغير. علاقات جديدة¢. فدعا الي إقامة شراكات وروابط اقتصادية بين الشعوب عبر الحدود والأديان والثقافات.. كما كان المؤتمر بالنسبة لبريطانيا فرصة رائعة للترويج لسمعة الاقتصاد البريطاني. وتقديمه كوجهة عالمية مختارة لتقديم الخدمات المالية الإسلامية.. فضلا عن الدعاية لفرص الاستثمار في بريطانيا.. * لكن الأهم من ذلك.. أن انعقاد المؤتمر التاسع للمنتدي في لندن. جاء في توقيت كانت تشهد فيه المؤسسات المصرفية والاقتصادية الإسلامية نموا سريعا وانتشارا واسعا. بينما كانت المصارف والمؤسسات المالية في الغرب مازالت تعاني من آثار الأزمة المالية التي عصفت بها بين عامي 2008 و2010.. فأتاح المؤتمر الفرصة لأصحاب القرار المالي والاقتصادي في الدول الغربية. للتعرف عن قرب علي الإيجابيات التي جعلت الاقتصاد الإسلامي ومؤسساته المالية والمصرفية ينجو من الأزمة المالية التي أدت الي إفلاس بعض الشركات والمصارف الغربية. ووصلت الي الدرجة التي هددت صناعة السيارات في الولاياتالمتحدةالأمريكية وإغلاق الكثير من المصارف.. مما اضطر الرئيس الأمريكي باراك أوباما الي التدخل وضخ 500 مليار دولار في المصارف الأمريكية خلال 10 أيام فقط لإنقاذ الإقتصاد الأمريكي.. كان ذلك في بدايه فترة حكمه الأولي عام 2009.. * هكذا أدرك صناع القرار المالي والإقتصادي في الدول الغربية الأسباب التي جعلت الإقتصاد الإسلامي محصنا ضد الإفلاس والإنهيارات.. فأعلن أحد رؤساء المصارف المالية في لندن عن تطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية في المعاملات المالية للمصرف.. كما بدأت الدول الغربية في استقطاب الاستثمارات الإسلامية في مختلف قطاعاتها الإنتاجية والتجارية. وأصبح الاقتصاد الإسلامي يفرض نفسه بقوة في الأسواق المالية بالدول الغربية.. * الأرقام التي أعلنت علي هامش انعقاد مؤتمر المنتدي الإقتصادي الإسلامي العالمي في لندن.. تقول إن حجم الإستثمارات العربية والإسلامية في بريطانيا وصل الي 12مليار جنيه استرليني.. وإن عدد المصارف البريطانية التي تطبق مبادئ الشريعة الإسلامية وصل الي 22 مصرفا إسلاميا.. كما يوجد في بريطانيا 25 شركة استشارات قانونية متخصصة في برامج التمويل الإسلامي.. لعل ذلك هو ما جعل رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون يعترف في كلمته التي افتتح بها أعمال المنتدي بأن الاستثمارات الإسلامية هي السبب في إنقاذ الإقتصادي البريطاني من الأزمة المالية العالمية الأخيرة.. وجعل صحيفة ¢التايمز¢ البريطانية تصف الإقتصاد الإسلامي بأنه ¢ذو رسالة أخلاقية¢..! * لا شك أن هذا النجاح الذي حققه الإقتصاد الإسلامي في الأسواق الدولية.. والسمعة الطيبة التي حظي بها. علي الرغم من حملات التشويه التي تعرض لها الإسلام من بعض الدوائر الغربية.. يفرض علي المؤسسات المالية والمصرفية الإسلامية تطوير آدائها وقدراتها التنافسية للاستجابة للطلب العالمي علي المنتجات المالية الإسلامية.. لاسيما أن بعض التقديرات الخاصة للأصول والاستثمارات الإسلامية في مختلف دول العالم. تقول إنه من المتوقع لها أن تصل إلي 2.6تريليون دولار في عام 2017. *** * أما المؤتمر السنوي العاشر للمنتدي.. فقد عقد العام الماضي بمدينة دبي في الفترة من 29 الي 31 أكتوبر. تحت عنوان: ¢شراكات مبتكرة لمستقبل اقتصادي واعد¢.. افتتحه نائب رئيس دولة الإمارات العربية رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.. * في الكلمة التي ألقاها أمام المؤتمر.. قال تون موسي هيتام رئيس المنتدي الاقتصاد الإسلامي العالمي: ¢إن الاقتصاد الإسلامي جزء لا يتجزأ من الأحداث في جميع أنحاء العالم. لذلك سنحرص في المنتدي الاقتصادي الإسلامي الدولي علي إظهار الفرص والمقومات التي يمتلكها الاقتصادي الإسلامي. التي تضمن التقدم المستمر في الاقتصاد وازدهار الشعوب.. لتحقيق ذلك سنعمل علي استكشاف الفرص الاستثمارية في الأسواق الإسلامية الصغيرة. والاستفادة من استمرار نمو التمويل الإسلامي. وإقامة شراكات مبتكرة لنجاح الأعمال¢.. أضاف: ¢ إن إمكانات النمو القوية للاقتصاد الإسلامي تجعل أولوياتنا في الدورة العاشرة للمنتدي الاقتصادي الإسلامي العالمي تتمحور حول جلب القادة العالميين والشركات ورجال الأعمال وجمعهم بجميع المؤثرين في مجتمع الأعمال والاقتصاد من أجل عرض الفرص الهائلة التي يوفرها الاقتصاد الإسلامي لتحقيق التنمية المستدامة في جميع أنحاء العالم¢.. *** المؤتمر السنوي الحادي عشر للمنتدي الإقتصادي الإسلامي العالمي. الذي يبدأ أعماله غدا في كوالالمبور.. يعقد تحت عنوان: ¢بناء القدرة علي التكيف من أجل تحقيق النمو العادل¢.. * لقد التقيت برئيس المنتدي تون موسي هيتام. خلال زيارته للقاهرة منتصف سبتمبر الماضي.. جاء حاملا دعوة رسمية من رئيس الوزراء الماليزي محمد نجيب تون حاج عبد الرزاق الي الرئيس عبد الفتاح السيسي لحضور المؤتمر. قام بتسليم الدعوة الي منير فخري عبد النور وزير التجارة والصناعة في الحكومة السابقة.. قال لي: إن مؤتمر هذا العام سيواصل مهمة المنتدي في تسهيل التجارة الدولية والتنمية الإقتصادية وتشجيع التعاون بين الإقتصاديات الإسلامية وغير الإسلامية.. أضاف: إننا لانعمل علي دمج الإقتصاد الإسلامي في الإقتصاد العالمي بصورة أكبر فحسب. بل نعمل علي تحقيق العدالة في التنمية.. بمعني أننا نعمل علي رفع مستوي المعيشة لجميع المواطنين في جميع أنحاء العالم.. * بالنسبة لمصر قال: ¢إن المؤتمر يوفر فرصة رائعة للشركات العالمية لإستكشاف فرص الإستثمار المتاحة في مصر كمركز رئيسي في الشرق الأوسط تربط بين أوربا وجنوب آسيا.. لاسيما بعد الإفتتاح الناجح لقناة السويس الجديدة.. وتوفر فرصاً للإستثمار في مصر في قطاعات السياحة والبتروكيماويات والصناعات الصغيرة¢.. * عن مستوي الحضور المتوقع لمؤتمر هذا العام في كوالالمبور.. قال تون موسي هيتام: سيحضر عدد من رؤساء دول العالم. ورؤساء الحكومات. ورواد الصناعة. ورجال الأعمال. والأكاديميون. والخبراء. ورؤساء المؤسسات المالية الدولية.. من بينهم: محمد نجيب عبدالرزاق رئيس وزراء ماليزيا. والرئيس عبد الله عبد القيوم رئيس جمهورية المالديف. وجون دراماني ماهاما رئيس غانا. ودراغان كوفيتش رئيس البوسنة والهرسك. ود. سوسيلو بامبانج يودويونو رئيس إندونيسيا السابق.. * أهم الموضوعات التي سيبحثها المؤتمر هذا العام: التمويل الإسلامي - الصناعات الحلال - التكنولوجيا الخضراء - التعليم والمعيشة - التنمية المستدامة - المرأة والشباب - الفنون الإبداعية..