نصَّب المصريون القدماء المرأة ملكة علي عرش مصر وتفصح التماثيل والرسوم علي جدران المعابد والمقابر عن مكانة رفيعة للمرأة. أماً وزوجة وملكة. يؤكد هذا تنصيبها علي رأس السلطة في البلاد. فسمعنا بالسيدة ميريت نيت تحكم مصر كأول ملكة في التاريخ المصري بل والإنساني. ليأتي من بعدها ملكات عظام كحتشبسوت وكليوباترا. ونفرتيتي. ونفرتاري. ومؤخراً شجرة الدُر اللاتي قدمن الكثير من الإنجازات بفترات حكمهن في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والمعرفية والعسكرية. وأحداث التاريخ خير شاهد علي ذلك. ومع مطلع القرن الماضي شاركت المرأة المصرية الرجل في فعاليات ثورة 1919. لدرجة أن الزعيم خالد الذكر سعد زغلول بعد عودته من منفاه أثني علي الدور الريادي للمرأة في الثورة وحياها. ولكن عند وضع دستور 23 لم تقر كامل الحقوق الدستورية للمرأة. ولم يكفل لها المشاركة الفاعلة في الحياة السياسية.وبعد قيام ثورة 23 يوليو ووضع دستور 1956. تم إقرار الحقوق السياسية للمرأة المصرية كاملة. ليكون الحكم للشعب بكامل مكوناته وليس لجزء منه فقط. وذلك تمشياً مع الآليات الديمقراطية. كما أقر أحقية المرأة في تقلد الوظائف. بل والعمل في جميع الوظائف التي كانت محرمة عليها من قبل. كما اعترف بها كقوة إنتاجية مع الرجل. وتوجه ذلك بنجاح نائبتين في الوصول إلي البرلمان وعينت د.حكمت أبو زيد كأول وزيرة بالحكومة المصرية في عام .1957 ومنذ ذلك التاريخ عينت بعض السيدات في مناصب وزارية. وبعضهن دخل البرلمان ومارسن الحياة النيابية. إما انتخاباً وإما تعييناً. ولكن نسبة تمثيلها في جميع المحافل كانت لا ترتقي إلي الوزن النسبي لثقلها في المجتمع. ولا ينكر أحد أن المرأة المصرية كان لها دور رائد ورائع في ثورتي يناير ويونيه. فكانت إلي جوار الرجل بالشوارع والميادين تهتف لتنادي بالعيش الكريم والحرية والعدالة الاجتماعية. ورأينا سيدات منهن يدفعن حياتهن ثمناً لهذه المشاركة. ومن جديد يبرز دور المرأة المصرية بعد إقرار خارطة الطريق. فرأيناها مصرة علي المشاركة الفاعلة في إقرار الحياة السياسية المصرية. ووجدناها تمارس دورها السياسي في إقرار الدستور. كما وجدناها أيضاً في طليعة الصفوف التي شاركت في الانتخابات الرئاسية. وإحقاقاً للحق ورداً للجميل وتمشياً مع الدستور وصحيح القانون وجدنا ثلاث سيدات يترأسن ثلاث وزارات مهمة في الحكومة الحالية. بل وتم إقرار 70 مقعداً للمرأة في قانون الانتخابات الحالي علي أن يحدد 56 مقعداً بالانتخابات. و14 مقعداً بالتعيين من قبل رئيس الدولة. يؤكد هذا بما لا يدع مجالاً للشك أن المرأة المصرية في طريقها لانتزاع كامل حقوقها السياسية. عن كفاءة واقتدار. بما يلقي عليها عبئاً إضافياً علي أدائها سواء بالوظائف العامة. أو عند تحمل مسئولية الحقائب الوزارية. أو عند عملها كنائبة تحت قبة البرلمان. من ثم ينبغي علي السيدة المصرية التي تخوض منافسة الالتحاق بالبرلمان الآن أن تكون علي ثقة أن المال السياسي والعصبيات وغيرها من الأمور لن تكون عقبة في طريقها. لأن الشعب المصري أصبح يمتلك من الثقافة والجرأة أن يختار من يمثله بحرية ودون إملاءات. وفي الإطار ذاته وللمستقبل القريب يمكننا أن نساهم في إعادة صياغة نظرة المجتمع للسيدة المصرية. والتي أثبتت عبر مواقفها الوطنية أنها جديرة بالثقة والاحترام. فللمؤسسات التعليمية والثقافية والإعلامية دور في ذلك. كما لمنابر الجوامع والكنائس دور أكبر وهذا يتسق مع صحيح الدين والموروث الثقافي للمصريين.