خطورة الأحداث التي تمر بها المنطقة الآن. كانت تقتضي أن أخصص هذا المقال للحديث عنها.. لكنني سأواصل اليوم ما بدأته الاسبوع الماضي من حديث عن قناة "النيل للأخبار".. لسببين: - الأول: أن قناة "النيل للأخبار" كما قلت الاسبوع الماضي. هي إحدي جبهات الدفاع عن الأمن القومي المصري.. من ثم فإن خطورة الاحداث التي تدور حولنا في المنطقة. تحتم علينا تقوية هذه الجبهة بكل الوسائل الممكنة.. لاسيما أن الأمن القومي المصري يواجه الآن تحديات خطيرة في الداخل والخارج.. - الثاني: أنني تلقيت عدة اتصالات من قراء وأصدقاء يضمون صوتهم إلي صوتي. في ضرورة النهوض بالخطاب الاعلامي للقناة. وتنقيته من الاخطاء التي قد تلحق به بسبب عدم توفر المعلومة الصحيحة لدي الضيف. أو بسبب قيام الضيف عن عمد بتزييف التاريخ وقلب الحقائق. كما سقت الامثلة علي ذلك الاسبوع الماضي.. لفت نظري في الاتصالات التي تلقيتها. وقوف المشاهدين علي الاخطاء التي تصدر من بعض الضيوف.. وإدراكهم للكلام المرسل الذي يحاول بعض الضيوف ان يملأ به الوقت. فيستمر في الكلام دون توقف كي يخدع المشاهد بأن معلوماته غزيرة. وأنه خبير استراتيجي.. وبعض الضيوف يكثر من استخدام كلمتي "استراتيجي" و"تكتيكي" بمناسبة وبدون مناسبة. كي يضفي أهمية علي كلامه المرسل.. طبعا في مثل هذه الحالات يجب ان يتدخل المذيع فيحاصر الضيف بالاسئلة ويفند كلامه. في نفس الوقت الذي يكون فيه معد البرنامج قد أحضر ضيفا آخر علي الهاتف. لانقاذ ما يمكن انقاذه من وقت البرنامج بضيف جديد متخصص ومتابع للأحداث ولديه المعلومة الصحيحة. لكن للاسف هذا لايحدث.. الذي يحدث هو ان اختيار الضيف يخضع في بعض الاحيان للعلاقات الشخصية.. وفي بعض الاحيان للصفة التي يحملها الضيف. حتي لو كانت هذه الصفة لاتعبر عن قيمته الحقيقية.. فالاستاذ "فلان" مدير تحرير جريدة مهمة.. والاستاذ "علان" خبير استراتيجي ومدير مركز أبحاث استراتيجية.. - لابد أن أتوقف هنا لأقول ان قيمة الصحفي لاتقدر بمنصبه إنما تقدر بما يكتبه.. هناك مقوله معروفة تقول إن "الصحفي قلم".. وأنا هنا أضيف إليها مقولتي التي أقولها دائما لكل زملائي في الصحافة "إن الصحفي الذي يستمد قيمته من حجم المكتب الذي يجلس عليه.. قيمته لا تزيد عن خشب المكتب..!! - أما بالنسبة لمراكز الابحاث الاستراتيجية فأريد ان يعرف القارئ أن تأسيس مركز أبحاث استراتيجية أسهل كثيرا من إقامة "كشك سجائر" وأكثر ربحا.. فضلا عن الأبهة و "البرستيج" والظهور الإعلامي..! وأن مراكز الابحاث الاستراتيجية مثل جمعيات حقوق الانسان.. أسهل الطرق وأقصرها للتواصل مع الجهات الاجنبية وتلقي المساعدات المالية منها.. "بشياكة" ودون حرج! القصة طويلة وهي ليست موضوع هذا المقال.. لكني عرجت عليها فقط للفت الانتباه إلي أن قيمة الضيف هي بما يقوله وليس بالصفة التي يحملها. ويجب مراعاة ذلك عند اختيار ضيوف البرامج. أعود للاتصالات التي تلقيتها تعقيبا علي مقال الاسبوع الماضي.. أسعدني ان يكون أحدها من الشاعر الكبير محمد ناجي حبيشة رئيس رابطة الادباء بشمال سيناء. الذي اعتبره من أعظم شعراء العرب في هذا الجيل مشكلته أنه يعيش في العريش.. مدينة لاتذهب إليها وسائل الاعلام إلا في المناسبات فقط. بالتالي فهو لم يحظ بالشهرة التي تساوي حجم موهبته الفذة.. ولو كان صحفيا أو مذيعا لحظي ببعض البريق الاعلامي.. لكن الرجل سار علي خطي الشاعر العظيم محمد عفيفي مطر.. حيث أعطي حياته للشعر.. في زمن انتصر فيه المسلسل التليفزيوني علي قصيدة الشعر بالضربة القاضية! أمتعني الشاعر الكبير محمد ناجي حبيشة بملاحظاته علي أخطاء الضيوف في البرامج التليفزيونية. ثم أثني علي مقالي الاسبوع الماضي بكلمات طيبة. واستأذن في أن يصوره ويضعه علي شبكة التواصل الاجتماعي فوافقت علي الفور وشكرته. إنني بهذه المناسبة أدعو القائمين علي قناة النيل للاخبار إلي الاهتمام بشعراء الاقاليم بالذات.. أولا: لأن القناة الثقافية فاشلة- وثانيا: لان أدباء القاهرة أخذوا أكثر مما يستحقون من الاهتمام الاعلامي- وثالثا: لان "قصيدة الشعر" هي من أهم الاسلحة في معارك الشعوب.. كلنا يذكر الاثر الخطير لقصيدة "الله أكبر فوق كيد المعتدي" للشاعر عبدالله شمس الدين أثناء العدوان الثلاثي علي مصر عام 1956 التي لحنها الموسيقار محمود الشريف.. وقد أصبحت هذه القصيدة فيما بعد النشيد الوطني لليبيا طوال فترة حكم القذافي. لذلك فإذا كانت قناة النيل للاخبار قد أضافت إلي برامجها برنامج "المجلة السياحية" الذي تقدمه ياسمين القفاص. وبرنامج "فنون" الذي تقدمه حنان الخولي وتعرض فيه أغاني لطيفة.. فلماذا لا تضيف القناة برنامجا آخر عن "الشعر"..؟ سأركز في المساحة المتبقية من المقال علي إبداء بعض الملاحظات حول ما نراه علي شاشة النيل للاخبار.. * الملاحظة الأولي: تتعلق بمقدمة نشرة الاخبار.. عبارة عن موسيقي تصاحبها صور لمترو الانفاق والسلالم الكهربائية المتحركة في محطة المترو.. لا أعرف بالضبط ما هي الحكمة من اختيار هذه الصور ووضعها في مقدمة نشرة الاخبار علي رأس كل ساعة.. أي أنها تعرض علي الشاشة 24 مرة في اليوم الواحد.. هل نحن الذين اخترعنا مترو الانفاق؟.. ونعرضه في مقدمة كل نشرة لكي يأتي السياح الاجانب لمشاهدته؟.. هل نحن الذين اخترعنا السلم الكهربائي لكي نعرض صورته 24 مرة في ال24 ساعة؟.. إذا كانت الدول الاخري قد وصلت إلي القمر. والهند أرسلت مركبة فضائية إلي المريخ.. فهل يليق بمصر أن تفتخر بالسلم الكهربائي ومترو الانفاق؟ لماذا لا نعرض في مقدمة النشرة صورا من الآثار الفرعونية القديمة التي بناها أجدادنا منذ الاف السنين ومازالت تبهر العالم.. مع صور من انجازاتنا الحديثة كمشروع قناة السويس الجديدة مثلا؟.. لماذا لانعرض صورا من انتصارتنا المجيدة في حرب اكتوبر 73؟.. وصورا للمصانع والمزارع والمساجد والكنائس والجامعات. بما يجسد معاني الوطنية وتلاحم الشعب المصري وكفاحة علي مر العصور. - ثم ما هي حكاية المثلثات التي تملأ الشاشة كلما كتب عليها اسم القناة؟.. هل القناة اسمها "الاهرام" ونرمز للاسم بالمثلثات؟.. أم أن القناة اسمها "النيل"؟.. بالتالي كان يجب ان يكتب اسم القناة علي صفحة مياه النيل لاسيما ان مكتبة التليفزيون بها صورا رائعة لنهر النيل!! * الملاحظة الثانية: تتعلق بما حدث في نشرة الساعة الثامنة مساء الاربعاء الماضي 9/9/2015 التي قدمتها المذيعتان أمل نعمان. وريهام الديب.. كانتا متألقتان.. رصانة ويقظة وإتقان.. ثم جاء موعد الفقرة الاقتصادية في النشرة فقدمها المذيع محمد سليمان.. بعد قليل جاء موعد الفقرة الرياضية ففوجئنا بمحمد سليمان يقدم الفقرة الرياضية أيضا.. لابد ان يعرف المذيع محمد سليمان أن المسألة ليست مجرد قراءة ورق مكتوب.. لابد ان يتخصص المذيع في مجال واحد كي يتفوق فيه .. كنت أراهن علي محمد سليمان كمذيع برامج اقتصادية في أنه يمكن ان يسبق محمد الحسيني في قناة "الحرة" ونديم الملاح في قناة "الجزيرة" كما كنت أراهن علي حنان الخولي في أنها يمكن ان تسبق نادين هاني أشهر مذيعة برامج اقتصادية في قناة "العربية" كذلك زملائهما في الادارة الاقتصادية: ماجدة القاضي. ومحمد شعبان. ومحمد عاطف. وشهاب شعلان.. كنت أتمني ان يركزوا ويبدعوا في مجال البرامج الاقتصادية.. لكن للاسف كلهم يتسابقون لتقديم كل انواع البرامج.. بالتالي لن يزيد مستوي أي واحد فيهم عن مجرد "قارئ" للورق المكتوب. - ربما يقول المذيع محمد سليمان انه اضطر لقراءة الفقرة الرياضية لانقاذ موقف بسبب عدم وجود أحد من المذيعين في الادارة الرياضية.. والرد علي ذلك ان المذيعة فاتن عبدالمعبون قدمت بعد نشرة السادسة مساء ذلك اليوم برنامجا رياضيا.. أي أنها كانت موجودة في القناة.. ولو اضطرت للانصراف فكان يمكن ان تسجل الفقرة الرياضية قبل انصرافها. ثم تذاع في نشرة الثامنة بعد فاصل قصير بين الاخبار السياسية. * الملاحظة الثالثة: تتعلق بما حدث علي شاشة النيل للاخبار بعد موجز أنباء السابعة مساء الخميس الماضي 10/9/2015 الذي قدمته المذيعة ريهام الديب.. كان المفروض إذاعة حلقة من برنامج "خطوط تماس" كما أعلنت القناة عن ذلك قبل الموجز.. لكن البرنامج لم يذع لأي سبب.. في مثل هذه الحالة يجب ان يخرج المذيع أو المذيعة ويعتذر للمشاهدين عن عدم إذاعة البرنامج. وينقذ الموقف بإذاعة إعادة لحلقة من أحد البرامج الحوارية. كبرنامج "شهادة للتاريخ" مثلا. أو حلقة من الفيلم التسجيلي الرائع "خط عرض 22" الذي يتحدث عن حياة الناس في منطقة حلايب وشلاتين.. لاابد هنا ان اشيد بفرييق عمل الفيلم: السيناريو وكتابة التعليق علاء فياض- التصوير محمود صالح- والاخراج علي العطار- المهم كان يمكن انقاذ الموقف بشكل محترم.. لكن للاسف الشديد لم يحاول أحد إنقاذ الموقف. فحدثت "مهزلة" بكل المقاييس.. حيث استمرت القناة في تقديم اعلانات عن برامجها.. إعلانات طبعا منفرة وضعيفة المستوي.. كان من الواضح ان مخرج التنفيذ يحاول بكل ما يستطيع عمل أي شئ لانقاذ الموقف.. ثم وقع خطأ جسيم تحت ضغط العمل والارتباك الحاصل ف ي غرفة "الكونترول".. إعلانات طبعا منفرة وضعيفة المستوي.. كان من الواضح ان مخرج التنفيذ يحاول بكل ما يستطيع عمل أي شئ لانقاذ الموقف.. ثم وقع خطأ جسيم تحت ضغط العمل والارتباك الحاصل في غرفة "الكونترول".. حيث فوجئنا بالقناة تعلن في تمام الساعة 7 و 10 دقائق انه قد حان موعد آذان العشاء. ثم بدأت في إذاعة الاذان. بينما موعد آذان العشاء ذلك اليوم هو الساعة 7 و 26 دقيقة.. وعندما انتبه المخرج للخطأ قطع الآذان في منتصفه قبل ان يكتمل. ثم دخل بإعلان عن برنامج خاص بالانتخابات البرلمانية القادمة.. هكذا استمرت الفوضي 55 دقيقة حتي حان موعد نشرة الثامنة مساء.. تخللت الفوضي مشاهد متقطعة من برنامج عن مصر القديمة. دون ان نعرف اسم البرنامج ثم قطع البرنامج دون سبب واستأنف المخرج عرض الاعلانات المنفرة عنه برامج القناة.. 55 دقيقة من الارسال المتواصل لقناة النيل للاخبار علي القمر الصناعي كلفت الدولة عشرات الآلاف من الجنيهات.. أين كان المسئولون عن القناة ذلك الوقت.. ولو كان رئيس القناة غير موجود. ولا يتابع ما يعرض علي القناة.. لماذا لم يتصل به المذيع أحمد عتابي الذي كان موجودا بالقناة ذلك الوقت ويخبره بالمهزلة التي حدثت استغفر الله العظم.. كيف سننافس الفضائيات العربية ونحن علي هذه الحال؟!!