عند استضافتي في برنامج "الحصاد" في القناة الزراعية الذي يعده الزميلان الصديقان متولي سالم ومحمد أبوعمرة. سألتني مقدمة البرنامج المذيعة المتألقة آية طارق عن آفاق الاستثمار بين مصر والسودان. فأجبتها بدون تردد. وبلا تفكير. بأن الزراعة هي المجال الأرحب للتعاون بين البلدين والشعبين الشقيقين. فلم أقل ذلك لأني أتحدث في قناة زراعية تابعة لوزارة الزراعة. ولا لأني في الاصل مزارع وزراعي. ولكنها الحقيقة. التي يعلمها القاصي قبل الداني. ولأن ما حبا الله به دولتي وادي النيل من إمكانات طبيعية وبشرية في مجال الزراعة بجوانبها المختلفة النباتية والحيوانية. يجعل تعاونهما في هذا المجال حتميا. ولا يدانيه أي مجال آخر. ولا توجد دولتان في العالم كله. تتكامل امكاناتهما في مجال الزراعة مثل السودان ومصر. بعد خروجي من الاستوديو وجدت المهندس مختار عبدالغفار مدير المتابعة والتسويق بالقناة الزراعية ينتظرني في الخارج. وكان قد بدأ متابعة مشاهدة البرنامج في منزله. حيث كان يعاني من بعض آلام البرد. إلا أن حديثي حول آفاق الاستثمار الزراعي المتاحة بين مصر والسودان. حركه فجاء لمقابلتي ليتشاور معي حول ما يقلقه في هذا المجال. فالمهندس مختار قناعته بحتمية التعاون في مجال الزراعة بين مصر والسودان. لا تحدها حدود. ولكن يقلقه أن كثيرين من المزارعين المصريين الراغبين في الاستثمار في السودان. وتحديدا متوسطي الحال. الذين يمتلكون ما بين مائتي إلي ثلاثمائة ألف جنيه مصري. يرغبون التوجه بها إلي جنوب الوادي. وقبلها يمتلكون خبرات السنين المتراكمة الموروثة والمتوارثة في مجال الزراعة. لا يجدون لذلك سبيلا. هذا النوع من المزارعين المصريين هو الأهم. فهم أصحاب خبرات كبيرة. ويقفون علي استثماراتهم بأنفسهم. وبعضهم. إن لم يكن كلهم يمارسون العمليات الزراعية بأنفسهم. ومثل هؤلاء هم الذين ينقلون الخبرات والمعارف الزراعية المصرية لرصفائهم السودانيين. ويصنعون تواصلا حميما بين المزارع المصري والمزارع السوداني. ومثل هذه الاستثمارات لو انفتح بابها. سيلج منه الملايين من المزارعين المصريين. وسيحدثون فوارق ضخمة في مجال الزراعة. ومجال التواصل الإنساني أيضا. وهؤلاء لا يتأثرون بأي متغيرات يمكن أن تحدث في مجال السياسة. وبرغم أننا لا نتوقع ردة أخري في مسار العلاقات السودانية المصرية. بعد هذا الانفتاح العظيم. الذي يقوده الرئيسان المصري عبدالفتاح السيسي. والسوداني عمر البشير. ولكن من باب الاحتياط والاحتراز. فإن مثل هذه الاستثمارات الزراعية التي يقوم بها مزارعون مصريون في السودان. ستشكل عاصما لعلاقات البلدين من التدهور. ولو حدث مساس سياسي بالعلاقة. لا قدر الله. فإن الذين ساروا في الطريق الزراعي لن يرجعوا عنه أبدا. لاسيما أن مثل هذا الطريق. سوف يتبعه تواصل اجتماعي. فتكون هناك زيجات ومصاهرات. وبنين وبنات وأحفاد. ولنضع قدما علي هذا الطريق. ذهبت مع المهندس مختار للسفارة السودانية. والتقينا المستشار الاقتصادي محمد علي عبدالله. وهو رجل عملي وخلوق. فملك المهندس مختار كل المعلومات المتاحة عن الاستثمار في السودان. وأعلن أن باب السفارة مفتوح لكل الراغبين في الاستثمار في السودان من المؤسسات والشركات. ثم اتصلت بوزارة الاستثمار في الولاية الشمالية. والذين انشأوا مكتبا للتنسيق في مصر. وأبدوا ترحيبا واسعا بالمستثمرين المصريين في مجال الزراعة من الأفراد والشركات. وبدأوا بالفعل تنسيقا لذلك. هذا فضلا عما تقوده وزارتا الزراعة في البلدين.