جاع صاحب الشارع وشبعت الكلاب. وأغلقت في وجهه النوافذ والأبواب.. وهان أمره علي الناس رغم أنه من عائلة الذئاب. وكان لصاحب الرسالة الذي يعيش في جواره نصيب من البؤس والعذاب. نشرت هذه الرسالة علي صفحة "مع الناس" يوم الأربعاء 22/6/2011. صاحبها مواطن من حي الساحل يقيم بشارع متفرع من شارع عبدالحميد الديب بالخلفاوي. قال صاحب الرسالة إنه اضطر لإغلاق محل البقالة الذي يمثل مصدر الدخل الوحيد لأسرته سنة 1990. لكنه سدد اشتراك التأمينات حتي سنة 1995 ثم توقف لظروف خارجة عن إرادته وأزمة مالية عصفت به وأضاف أن التأمينات تطالبه بمبلغ 2500 جنيه لصرف المعاش. لا يملك منه شيئاً وناشد المسئولين بتقسيط المبلغ وصرف المعاش حتي يتمكن من تلبية الاحتياجات الضرورية لأسرته. وصاحب الشارع الرئيسي هو الشاعر عبدالحميد الديب الذي وصفه معاصروه بأنه شاعر البؤس والشقاء ووريث الشعراء الصعاليك. قضي صفحة حياته في فقر وحرمان وضياع وذل وهوان رغم أنه من الشعراء المرموقين.. من مواليد قرية كمشيش مركز تلا محافظة المنوفية "يوليو 1898" وتوفي بالقاهرة في 30 ابريل .1943 قادته ظروفه القاسية إلي حياة التشرد والضياع واللامبالاة وكتب يقول : دع الشكوي وهات الكأس نسكر ودعك من الزمان اذا تنكر وهام بي الأسي والبؤس حتي كأني عبلة والبؤس عنتر. وقال في قصيدة أخري عن أحوال المجتمع آنذاك: بكم يباع غباء الناس في بلد لا نافعي فيه علمي ولا أدبي القابضون علي أسباب نعمته من آكلي العرض أو من آكلي الذهب ظهر الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي تمردوا علي تقاليد قبائلهم لخلاف معها أو لظلم وقع عليهم. سرقرا من الأغنياء ليعطوا الفقراء. وكانوا من الفرسان والعدائين في دروب الصحراء. ومن أشهرهم عروة بن الورد. والشنفري وتأبط شراً. والسليك بن السلكة والصعلوك في اللغة العربية الفقير المعدم وروبين هود في الأدب الإنجليزي فارس عاش في العصور الوسطي سرق من الأغنياء وأعطي الفقراء وهو شجاع يجيد فنون القتال. وحي الساحل من أحياء منطقة شمال القاهرة وجاء اسمه من موقعه علي ساحل النيل أو نسبة إلي شارع سوق الغلال "أكبر سوق للحبوب" انفصل عن حي شبرا في ثمانينيات القرن العشرين. حده الشمالي ترعة الإسماعيلية والجنوبي شارع خلوصي وروض الفرج. والشرقي شارع أحمد حلمي والغربي شارع كورنيش النيل. ومن أشهر معالمه شارع وميدان الخلفاوي وينسبان إلي الشيخ محمد الخلفاوي أحد علماء الأزهر الشريف وقف في وجه الخديو توفيق أيام الثورة العرابية.. أحاط الفقر بصاحب شارع حي الساحل عبدالحميد الديب من جميع الجهات وكانت له بعد طوال حياته صولات وجولات وصور رحلته معه في الكثير من القصائد والأبيات. التحق ذات مرة باحدي الصحف مقابل الطعام والشراب والمزاج. واستمر الاتفاق شهراً واحداً ثم أخل به صاحب الصحيفة فتركها الديب غاضباً. شارك عبدالحميد الديب في مجالس الأدب مع كبار الشعراء والأدباء. ومنها مجلس الشاعر الكاتب كامل الشناوي والوزير حفني محمود شقيق رئيس الوزراء محمد محمود وكثيرا ما دبروا له المقالب وكان الديب ينام في أحوال كثيرة بملابسه وطربوشه وساءت حالة الطربوش وأصبح موضع سخرية كل من يراه. ذهب إلي أحد محلات الطرابيش بحي الحسين وطلب من صاحبه أن يقلب الطربوش ليجدده فقال هذا الطربوش قلبته من قبل. ورد الديب : هذه المرة جئت لتعدله. وضحك صاحب المحل وأهداه طربوشاً جديداً. قال كامل الشناوي في وفاة عبدالحميد الديب اليوم مات شاعر تعري واكتست الأضرحة وجاع وشبعت الكلاب. أرجو أن تكون مشكلة بقال الساحل قد وجدت طريقها إلي الحل بتقسيط المبلغ وصرف المعاش.