ستبقي أعماله مثل الجواهر الثمينة والمعادن النفيسة النادرة لا يعتريها الصدأ بل تزداد جمالا وروعة مع مرور الزمان وهو سر عبقريته وتفرده 92 عاما مرت علي رحيل فنان الشعب سيد درويش "17 مارس 1892م - 15 سبتمبر 1923م" فارس كل العصور موسيقاه وألحانه خرجت من الأرض الطيبة التي تضرب بجذورها آلاف السنين في عمق التاريخ.. أعماله رصد أمين لكفاح تلك الأمة في فترة هامة هزت المستعمر وزلزلت كيانه بديع خيري وبيرم التونسي وأمين صدقي ويونس القاضي وعمر عارف وعبدالعزيز أحمد فرسان الكلمة الذين ارتبطوا بفنان الشعب خلال مسيرة خلاقة قدموا الزجل والحوار والاستعراض لشتي الصور والمواقف الشعبية فكانت الألحان المسرحية العبقرية الخالدة من الحانه الوطنية التي لا تموت نشيد بلادي بلادي لك حبي وفؤادي فكان نشيد كل العصور ومع ثورة 19م ظهر الوعي الفني في الأوساط الأدبية والثقافية وظهرت ملامحها مع إنشاء بنك مصر 1920م علي يد طلعت حرب أحد رموز الاقتصاد والوطنية حيث فكر وهو عاشق للثقافة والفن في إنشاء أول مؤسسة فنية تابعة لبنك مصر وهي شركة ترقية التمثيل العربي أعد لها خمس مسرحيات خصص منها ثلاث للشيخ سيد درويش وتقدم علي مسرح الأزبكية وكونت لجنة برئاسة جعفر والي باشا وعضوية صفر علي ومصطفي بك رضا وأعلنت اللجنة عن مسابقة تهدف إلي تأليف وتلحين نشيد قومي ونجح نشيد "بني مصر" تأليف أحمد شوقي وتقدم أكثر من ملحن منهم إسكندر شلقون وإبراهيم شفيق وداود حسني وفاز لحن سيد درويش بالجائزة الأولي عن جدارة ويقول مطلع النشيد بني مصر مكانكمو تهيا فهيا شيدوا للملك هيا ومن طليعة ألحانه الوطنية التي ظهرت مع سنوات ثورة 19م نشيد قوم يا مصري تأليف بديع خيري من رواية قولوا له سنة 19م قوم يا مصري مصر دايما بتناديك خد بناصري نصري دين واجب عليك مصر جنة طول ما فيها أنت يا نيل عمر ابنك لم يعيش أبدا ذليل إيه نصاري ومسلمين أخلص جنود للوطن من نسل واحد م الجدود والكلمات ترسخ لقيمة الانتماء والوحدة الوطنية وفي نفس المسرحية نستمع إلي طقطوقة الجلل الجناوي وقد التقط فكرة الكلمات من خلال نداءات استمع إليها من أحد الباعة ينادي علي بضاعته أعجب بطرافة وتلقائية النداء أوحي بالفكرة إلي الزجال القدير بديع خيري فكانت طقطوقة مليحة جوي الجلل الجناوي رخيصة جوي الجلل الجناوي جرب حدانا وخد لك جلتين خسارة جرشك وحياة ولادك اللي ماهوش من طين ولادك نلاحظ هنا كيف يشجع سيد درويش البضائع المصرية ونحن الآن نكتوي بنار الخصخصة التي أتت علي معظم مصانعنا وصناعاتنا في زمن الزيف وزبانية الفساد لقد خرج فنان الشعب من قلب مصر فكانت ألحانه معبرة بكل الصدق والوطنية والانتماء ومن الطقاطيق التي حققت شهرة كبيرة في كل التجمعات والمناسبات حيث عبرت عن وحدة شعبي وادي النيل مصر والسودان كلمات بديع خيري دنجي دنجي دنجي مافيش هاجة اسمه مصري ولا هاجه اسمه سوداني نهر النيل رأسه في ناهية رجليه في الناهية التاني فوجاني يروهوا في داهية إذا كان يسيبه التهتاني قدم سيد درويش ألحانه وتجلياته في العديد من الفرق المسرحية مع جورج أبيض ونجيب الريحاني وعلي الكسار والفنانة منيرة المهدية وفرقة عكاشة. وكانت رحلة سيد درويش عاشق الوطن حتي النخاع. وما أحوجنا اليوم بعد أن هبت رياح التغيير علي مصر عبقا محملا بالحرية والعزة والكرامة أن نرتقي بالكلمة واللحن والأداء وأن نحافظ وننشر تراث هؤلاء العباقرة عبر المراكز الثقافية والأندية والجامعات وأجهزة الإعلام المختلفة.