يبدو ان هناك هوساً اصاب قطاعات كبيرة من الناس لتصوير انفسهم وتسجيل حياتهم لحظة بلحظة كما يطلقون عليها سيلفي ولا تقتصر علي فئة الشباب حتي ان هذا الهوس افقد الكثيرين القدرة علي التمييز بين المواقف الحياتية اليومية وبين قدسية الشعائر والمناسك الدينية. في الاسبوع الماضي اكرمني الله بأداء مناسك العمرة ورغم ان توقيت زيارتي كان بعيداً تماما عن اي مناسبة دينية يحرص خلالها الجميع علي اداء العمرة الا انه كان هناك ملايين غفيرة من كافة الجنسيات ذهبت لاداء العمرة في نفس التوقيت مما تسبب في الازدحام في جميع ارجاء الحرم المكي وساعدت اعمال التوسعات داخل الحرم في زيادة التكدس داخل كافة الساحات والاروقة بما فيها الادوار العليا والبدروم فكانت هناك صعوبة شديدة في الطواف حول الكعبة وفي السعي في الصفا والمروة. في ظل هذا التكدس البشري غير المسبوق فوجئت بنسبة كبيرة من المعتمرين يقومون بتصوير انفسهم سيلفي وهذا يتطلب الوقوف للحظات حتي يتمكنوا من التقاط الصورة سواء اثناء الطواف حول الكعبة او اثناء السعي ويتسببوا في تعطيل الآلاف الحريصين علي اداء المناسك في خشوع والاكثر من ذلك ان اصحاب السيلفي حريصون علي التقاط الصور بجوار الكعبة والتي تحتاج لجهد كبير حتي يمكن الوصول اليها. بالتأكيد كل من سبق له اداء العمرة يشعر بمدي المعاناة التي اتحدث عنها من وجود هؤلاء الذين يعتبرون المناسك الدينية رحلة سياحية تستحق التسجيل والتصوير امامها حتي لو استلزم ذلك خروجهم هم وجميع المتواجدين عن مشاعرهم الدينية واحساسهم بالخشوع. للأسف معظم هؤلاء من المصريين ليس فقط من الشباب بل من كبار السن من الجنسين ومن طبقات اجتماعية مختلفة ولايقتصر الامر علي التصوير سيلفي بل الاخطر من ذلك ان كثيرين منهم كانوا حريصين علي التواصل مع ذويهم في مصر طوال مراحل المناسك عبر الموبايل. من اطراف المواقف التي صادفتها في المسجد النبوي سيدة مصرية تتحدث علي الموبايل مع ابنتها في مصر وتتفق معها علي التوقيت الذي تتواجد فيه داخل الروضة الشريفة وامام قبر الرسول لتتصل بها ابنتها في نفس اللحظة وتبدأ في الدعاء لنفسها عبر الموبايل لتصل دعوتها علي الهواء مباشرة داخل الروضة. اتمني من دار الافتاء المصرية ان تقوم بدورها في التوعية باحترام الاماكن المقدسة والشعائر الدينية وان هناك فرقاً بين الرحلات السياحية الترفيهية وبين المناسك الدينية فهؤلاء من مهووسي السيلفي لا يفسدون مناسكهم فقط بل انهم يتسببون في افساد مناسك آخرين دفعوا تحويشة العمر من اجل اداء العمرة.