وإذ نكتفي مؤقتاً بما جاء في المقالين السابقين من حديث إلي رئيس الحكومة المقاتل.. المهندس إبراهيم محلب.. مع أمل أن يكون وقته الثمين قد سمح بالاطلاع علي ما جاء فيهما.. فإنني أتوجه اليوم بحديثي إلي العالم الجليل.. الأمين المؤتمن علي شريان حياتنا. نهر النيل: الدكتور حسام مغازي. وزير الموارد المائية والري. فأقول له: إن عطاءكم الوطني المشهود.. وعملكم المخلص الشاق الدءوب. المتمثل في إطلاق وتنفيذ الحملة القومية لإنقاذ نهر النيل.. ومواصلتكم الليل بالنهار في إزالة التعديات الجسيمة علي النهر المغلوب علي أمره.. والضرب علي أيدي المعتدين الآثمين الجُناة.. فإنه أملاً في إثراء معطيات وفعاليات هذه المهمة الوطنية الكبيرة.. وتحقيق أهدافها المرجوة.. فإنني أضع بين يديكم هذه الخواطر: * إن عشرات الآلاف من التعديات التي تمثل الظلم الصارخ الذي وقع علي نهر النيل. وأن إزالة هذه التعديات يمثل أهم وأكبر انصاف للنهر الخالد.. وأن الجهد الضخم الذي تبذلونه في هذا السبيل علي نحو لم يسبق له من قبل مثيل.. ينبغي أن يواكبه ويلازمه العمل علي إزالة الخطر الداهم. الذي يفتك بصحة المواطنين.. ويكبد الدولة عشرات المليارات من الجنيهات في سبيل علاجهم من آثار السموم القاتلة التي تلوث مياه النيل.. مما يستوجب ألا يتوقف للحظة العمل من أجل تجفيف منابع التلويث والسيطرة علي مصادرها من الصرف بأنواعه.. الصحي والزراعي والصناعي. وكل أنواع المخلفات السائلة والصلبة والغازية بما فيها مخلفات العائمات النهرية.. مما يستوجب الحزم والحسم في إعمال أحكام القانون رقم 48 لسنة 1982 "في شأن حماية نهر النيل والمجاري المائية من التلوث" مع تغليظ العقوبات الهزيلة الواردة فيه.. ومع الاستعانة بوزارة الداخلية ممثلة في شرطة المسطحات المائية.. وتفعيل دورها. وتوفير الإمكانيات المادية والبشرية اللازمة لها.. وليدرك الجميع أن الأمر جد لا هزل.. لأننا بصدد إنقاذ.. ثم حماية شريان حياة مصر والمصريين جميعاً. * إن التوعية ونشر الثقافة المائية يمثلان ضرورة ملحة وبالغة الأهمية.. فمع غياب الوعي.. وعدم إدراك أن نقطة الماء هي سبب الحياة ومناط استمرارها.. فإن أحكام القانون وسلطة الأمن لن تحققا أهدافهما كاملة.. وسيذهب كثير من الجهود إدراج الرياح.. وأن التوعية ونشر الثقافة المائية لا تحققان بمجرد الندوات والمؤتمرات والمحاضرات وطباعة اللافتات والدوريات.. إنما السبيل الأمثل للتوعية ونشر الثقافة المائية هي وسائل الإعلام وقنوات الثقافة والمنظومات التعليمية والشبابية والدينية.. لذلك فإنه قد يُرَي. * إن الإدارة المركزية للتوعية والإرشاد المائي بالوزارة.. وهي تقوم بنشاط جاد وملحوظ رغم الإمكانيات المحدودة بما فيها الاعتمادات المالية والعناصر البشرية اللازمة.. فإنه يُقترح تحويلها إلي هيئة قومية عامة علي غرار هيئات أخري في هيكل الوزارة.. ولتكون هذه الهيئة أهمها جميعاً.. يرأسها السيد الوزير شخصياً ويديرها مجلس أمناء قوامه رؤساء تحرير الصحف ورؤساء القنوات الفضائية وممثلون عن وزارات التعليم والتعليم العالي والثقافة والأوقاف والشباب والرياضة فضلاً عن الأزهر الشريف.. وشخصيات عامة من المهتمين بقضايا الأمن المائي.. ويكون من بين مهام هذه الهيئة العمل علي إفراد مساحات بالصحف وشبكات الإذاعة والتليفزيون وكذلك المناهج التعليمية والبرامج الدينية.. لنشر الثقافة المائية والدعوة إلي تجفيف منابع تلويث نهر النيل والمجاري المائية.. وترشيد استخدام المياه والسهر علي حراسة نهر النيل. وحمايته من التعديات والملوثات.. والتأكيد علي أن ذلك هو واجب وطني وديني وأخلاقي.. وأن من يقدم علي أي عدوان علي نهر النيل هو معتد أثيم خائن لوطنه وشعبه ودينه. * إبرام بروتوكولات تعاون للتوعية والإرشاد المائي ونشر الثقافة المائية مع اتحاد الإذاعة والتليفزيون والمجلس الأعلي للصحافة ووزارات الثقافة والتربية والتعليم والأوقاف والشباب والأزهر الشريف. * تخصيص عدد من جوائز الدولة علي مختلف درجاتها بموضوع الأمن المائي والبحوث العلمية حول المياه ووسائل حمايتها وتنمية مواردها. * لما كان إنقاذ نهر النيل ثم حمايته بعد ذلك يستلزم اعتمادات مالية تنوء بها ميزانية الدولة في الوقت الحالي. ولأن هذا العمل الوطني والديني والأخلاقي هو فرض عين علي كل مصري ومصرية. فإن الأمر يحتم علي المقتدرين من أفراد الشعب كافة أن يسهموا في تكاليف ونفقات هذا العمل الوطني الجليل.. وإذ شرُفت باقتراح إنشاء "صندوق لإنقاذ نهر النيل" وقد تفضلتهم بالموافقة عليه فإنني أري أن هذا الصندوق يتوازي تماماً في أهميته وضرورته وسمو أهدافه مع "صندوق تحيا مصر".. أري التعجيل بوضع "صندوق إنقاذ وحماية نهر النيل" موضع التنفيذ ليتلقي تبرعات المواطنين جميعاً في الداخل والخارج وخاصة رجال الأعمال والمستثمرين.. علي أن تعلن قائمة شرف لكبار المتبرعين.. كما يضاف إلي موارد الصندوق حصيلة الغرامات التي يقضي بها علي المعتدين علي النهر ومرتكبي المخالفات في شأنه. .. والحديث موصول بإذن الله.