لم يكن يوما عاديا ولا احتفالا تقليديا ذلك الاحتفال الذي حضره الرئيس عبدالفتاح السيسي بمناسبة عيد الشرطة حيث كان يوماً مليئا بالأفراح والأشجان معاً.. وأعتقد ان هناك عيونا لم تجف دموعها حتي الآن منذ يوم الاحتفال بشهيدها سواء أكان أباً أو أخاً أو ابناً.. كانت كل المؤشرات تقول ان احتفال هذا العام بعيد الشرطة سيكون مختلفاً عن كل عام.. فأعداد الشهداء قد تزايدت والأمهات الثكلي والأرامل من الزوجات والأيتام من الأبناء قد امتلأت بهم قاعة الاحتفالات.. وألقي الشاعر عبدالله حسن قصيدة كانت بداية انهمار الدموع من العيون.. ثم قام الرئيس بدعوة أبناء الشهداء للوقوف بجواره أثناء إلقاء كلمته في مشهد عكس رسالة إلي العالم. ان هؤلاء الصبية هم امتداد لآبائهم الشهداء وان الوطن أبداً لن يبخل عليهم بالحب والتقدير والعرفان وان مصر تضحي بالغالي والنفيس لكي تنعم بل لكي ينعم العالم كله بالأمان والاستقرار.. ولعل ما حدث في فرنسا لهو دليل واضح ان تلك الدول مهما وصلت من امكانيات فهي ليست بعيدة عن مرمي الإرهاب وهو ما جعل جيرانها تهرع إليها لتعلن مساعدتها ومعاونتها لمواجهة تلك العمليات الارهابية التي تعرضت لها في حين تقوم مصر بمفردها بمواجهة تنظيمات ارهابية مسلحة ومدعمة ومدربة علي أعلي مستوي تدريبي ولا تنتظر مساعدة من أحد.. بل كل ما تريده أن يتأكد العالم اننا في حرب ضروس ضد الارهاب وانه لا يجب أن يكيل ما يحدث في مصر وخارجها بمكيالين غير متكافئين لمجرد ان مصر وجيشها أحبطا المخطط الدولي لتقسيمها وبيعها مثلما يحدث حالياً بكل وضوح في اليمن الذي لم يعد يمناً سعيداً بل يبدو ان المستقبل يشير إلي أنه سيكون يمناً تعيساً يموج بالحروب الأهلية والجماعات الارهابية والنزاعات الطائفية لتنضم إلي شقيقاتها العربية سوريا والعراق وليبيا والسودان وفي انتظار ضحايا أخري من الدول العربية التي يسعي الغرب من خلال عصاباته الارهابية لتفتيتها.. وهنا تحضرني مقولة كان يرددها الراحل عمر سليمان في أواخر أيامه "ان المنطقة ستصبح مشتعلة بالكامل وتكون مصر هي البلد الوحيد المستقر". ان أبناء الشرطة يدفعون اليوم أرواحهم ودماءهم ويضحون بمستقبل أبنائهم في سبيل أمن وأمان واستقرار هذا الوطن وها نحن نسمع كل يوم عن تفجيرات تقع هنا وهناك يكون ضحيتها أحد أبطال الشرطة ناهيك عن تلك الاعتداءات الاجرامية التي يتعرض لها أفراد الشرطة من عصابات ارهابية لا هدف لها سوي اسقاط الدولة ودعائم الوطن وهو ما ما لن يحدث بإذن الله حاولوا هدم الدولة من خلال اسقاط جهاز الشرطة كبداية ثم ينتقلون إلي مؤسساتها الأخري وقد تعرضت الداخلية لما تعرضت لها من تصفية واستبعاد للعديد من كوادرها وتقديم البعض منهم في قضايا وهمية انتهت جميعها ببراءتهم وعاد العديد منهم لاستكمال رسالته داخل جهاز الشرطة الذي تشرفوا بالعمل به طوال حياتهم الوظيفية وأراد الله أن يرد لهم اعتبارهم فها هم الذين تفاخروا يوما ما بأنهم هدموا الشرطة وأحرقوا الأقسام واقتحموا السجون يقبعون حالياً خلف الأسوار ليحاسبوا علي جرائمهم التي ارتكبوها في حق الوطن وفي حق جهاز الشرطة. قد يقول البعض ان هناك بعض التجاوزات التي تحدث من أفراد الشرطة نقول نعم.. ولكن هل هناك حياة بشرية علي الأرض بدون تجاوزات؟ وهل كل البشر معصومون من الخطأ؟ المهم أن يتم علاج تلك التجاوزات أولاً بأول ليس في الشرطة وحدها ولكن في جميع مؤسسات الدولة. لقد جاء تكريم الرئيس لأسر الشهداء ومنح الأوسمة إلي أسماء هؤلاء الشهداء ممن سقطوا خلال المواجهات مع العناصر الإرهابية أو من خلال التفجيرات الخسيسة التي تستهدف الأبرياء من المدنيين قبل أن تستهدف رجال الشرطة برداً وسلاماً علي عائلاتهم وأبنائهم الذين يبعثون رسالة للعالم أجمع انهم سوف يحملون شعلة النور التي كان يحملها آباؤهم الشهداء ليستكملوا مسيرتهم لتحقيق أمن وسلام هذا الوطن.. لقل وصل عدد شهداء الشرطة الذين تم تكريمهم خلال هذا العام 177 شهيداً ضحوا بأرواحهم فداء لوطنهم وهذا يعني بحسبة بسيطة ان كل يومين تقريباً يسقط شهيد من رجال الشرطة.. هذا هو قدرنا كرجال تشرفنا بالانتماء لهذا الجهاز حتي وان تركناه مجبرين علي ذلك إلا ان قلوبنا وعقولنا مع قياداته ورجاله دائما.. ندعو لهم بالتوفيق ونطالبهم بالاستمرار في العطاء فهذا واجبنا الذي ارتضيناه لأنفسنا عندما تشرفنا بالانتماء لهذا الجهاز. أما شهداؤنا الأبرار فسلام عليهم في الأولين وفي الآخرين وتحية لأرواحهم الطاهرة وأيضاً تحية لكل جندي أو ضابط من الساهرين علي أمن هذا الوطن.. وأقول لهؤلاء أو هؤلاء يا ليتني كنت معكم.