ما يحدث الآن في مصلحة الضرائب العقارية ليس له وصف في اللغة العربية سوي "العك الإداري" وكل محاولات تطبيق قانون الضريبة العقارية الملقب بالقانون المنحوس ما هي إلا تهريج وتخبط وغياب كامل للرؤية وانعدام التخطيط وتحول في فلسفة القانون التي تؤكد حماية الغلابة ومحدودي الدخل.. لأن ما يحدث الآن هو تعذيب وتهذيب لمحدودي بل ولمعدومي الدخل. والحكاية ببساطة أن مصلحة الضرائب العقارية التي فشلت منذ نشأتها في إعداد قاعدة بيانات بالثروة العقارية في مصر وفي حصر وتقييم الوحدات العقارية في المحافظات والمدن والقري المختلفة بدلاً من أن تنزل رجالها لتحصر وتقيم الوحدات الخاضعة للقانون وتقدر الضريبة المستحقة عليها وترسل بقيمتها إخطارات لأصحابها تفتق ذهن المسئولين في المصلحة إلي فكرة أسهل وهي أن تبعث إخطارات بتقديرات عشوائية لكل الوحدات وعلي أصحابها الحضور للمأموريات وتحرير إقرار بالوحدات التي يملكونها.. وبأن سكنه الخاص تقل قيمته السوقية عن مليوني جنيه حتي يتم إعفاؤه أو أن يقدم طعناً ويدفع 50 جنيهاً كرسوم لنظر الطعن.. وبعد أن كانت وزارة المالية تؤكد أن الوحدة السكنية التي تبلغ قيمتها السكنية 2 مليون جنيه ستدفع ضريبة بقيمة 126 جنيهاً سنوياً.. تلقي أصحاب العشش والوحدات في المناطق العشوائية إقرارات تطالبهم بدفع مبالغ ما بين 250 جنيهاً إلي 1200 جنيه.. واللي مش عاجبه يطعن!.. بل ذهبت بعض المأموريات إلي أبعد من ذلك وطالبت أصحاب الوحدات بالدفع أولاً ثم الطعن!! وإذا كان هذا هو حال الوحدات السكنية.. فإن الحال في المنشآت الصناعية والسياحية أشد خطورة.. لأنه يؤثر علي النشاط الاقتصادي للدولة.. حيث فشلت المصلحة منذ صدور القانون وحتي الآن في الوصول إلي معايير محددة وواضحة لتقييم هذه المنشآت.. لأن نصوص القانون صدرت مبهمة وعاجزة.. والتقديرات الجزافية التي أرسلتها المصلحة إلي هذه المنشآت كانت بالملايين.. رغم أن معظمها يعاني من خسائر فادحة منذ ثورة يناير. كيف نصدق التصريحات الصادرة عن وزارة المالية التي قالت إن القانون الجديد يخفض سعر الضريبة إلي 10% ولن يفرض أي أعباء جديدة علي الممولين وأن هدفه هو فقط حصر الثروة العقارية في مصر؟!.. في حين أن الضريبة المستحقة علي أحد فنادق القاهرة ارتفعت من 700 ألف جنيه إلي 7 ملايين و600 ألف جنيه.. وأن فندقاً آخر مطالب بدفع 22 مليون جنيه!! وما يحدث في قطاع السياحة يتكرر مع المصانع والمستشفيات.. ومن المنتظر أن يحدث مع المطارات والموانئ. يا سادة.. نحن علي أبواب مؤتمر اقتصادي ضخم سيحضره مستثمرون من العالم كله.. ولن يقبلوا دعوتنا بالاستثمار في مصر إن لم يكن هناك قوانين اقتصادية واضحة ومستقرة.. وجهاز إداري كفء قادر علي تنفيذ هذه القوانين بنصوصها وروحها.