من القضايا الخطيرة التي تهم غالبة الشعب المصري حاليا قضية الدواء انتاجه المحلي وتسعير المستورد والرقابة علي المهرب.. تشهد الأسواق فوضي في أسعار الدواء ونقص بعض الأصناف للأمراض المستعصية. والبدائل المطروحة إما مهربة بلا هوية ولا تاريخ انتاج أو صلاحية أو محلية الصنع لا تسهم في أي فاعلية لاحتواء المرض. والدواء الآن يخضع لحالة من الفوضي في ظل غياب الرقابة الصيدلية بوزارة الصحة وانعدام المتابعة للمستورد أو المهرب من الدواء مجهول الانتاج وتاريخ الصلاحية وأغلب المرضي ليس بقدرتهم متابعة تواريخ الانتاج والصلاحية مما يؤدي إلي مضاعفات للمرضي بسبب تناول الدواء. النقص الحاد في الدواء بدأ يظهر وينذر بكوارث خطيرة. والأخطر بالنسبة للدواء المستورد بطرق نظامية انه يرتفع بطريقة عشوائية بعد ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه المصري إلي نحو 770 قرشا وبزيادة نحو 60 قرشا خلال أيام قليلة وللأسف لا يزال مستمراً بالزيادة. وبالنسبة للدواء المهرب فإن احتساب قيمته بالدولار قد يزيد علي 50 قرشا عن السعر المتداول بالبنوك وهذه كارثة وتكلفة علي المرضي وبالنسبة للمرضي البؤساء الذين لا يشملهم التأمين الصحي أو بعض الأنظمة العلاجية في جهات تتحمل نفقات العلاج والدواء فإنهم أكثر الناس تضررا من ارتفاع سعر الدواء المحلي والمستورد. وسعر الدواء المحلي يرتفع لأن مكوناته مستوردة ويتم سداد قيمتها بالدولار.. وذلك علاوة علي المنافسة مع أدوية مستوردة والتشكيك في فاعلية الدواء المصري. ربما يتم في أغلب الأحوال لصالح مستوردي الدواء. مع الأخذ في الاعتبار انكماش البحوث والتطوير والبحث العلمي في شركات انتاج الأدوية المحلية لأسباب عديدة منها نقص السيولة وعدم كفاءة الإدارة ووفرة الدواء المهرب والمستورد رغم انه أعلي سعرا وتكلفة علي المريض. وارتفاع سعر الدواء المحلي والمستورد يؤثر علي توفير الأدوية للتأمين الصحي الذي يعاني نقص السيولة ويتحمل مديونياته ضخمة تجعله غير قادر علي الوفاء بمسئولياته أمام المرضي. وزيادة سعر وتكلفة الدواء هي عبء علي الموازنة العامة للدولة ويؤدي إلي عدم قدرتها علي الوفاء باحتياجات المرضي في الوقت المناسب وفي المستشفيات الحكومية يبدو هذا أكثر وضوحا مما يجعل السمة الرئيسية الاعتذار عن صرف الأدوية للمرضي لعدم توافرها. وإذا أخذنا في الاعتبار أن المترددين علي التأمين الصحي من العاملين بالدولة الذين لا تسمح دخولهم بالاعتماد عليها في الحصول علي العلاج فإن زبائن المستشفيات الحكومية من الفئات الأشد فقرا في المجتمع المصري والذين يلتمسون المجانية في العلاج ولكنهم لا يجدون أدني مقومات الرعاية والعلاج بسبب نقص التمويل وشح الاعتمادات التي تلزم الفقراء بإحضار الدواء من خارج المستشفي بل انهم أيضا إذا عجزوا يغادرون بلا علاج أو رعاية أو دواء انتظارا لقدر الله وحتي مغادرة الحياة. وذهاب الروح إلي بارئها. وهذه الصورة الرعاية والعلاج بوجه عام في مصر وإن اختلفت نوعيتها علي ضوء أنظمة العلاج المطبقة في بعض الجهات. ولكن ألا يحتاج المواطن المصري الرعاية الصحية المتكافئة بين كافة الفئات وينال الحد الأدني من الرعاية الصحية والدواء بعد أن أصبح ذلك نادرا في أحوال كثيرة؟! قضية الدواء تزداد تعقيدا بالاعتماد علي الاستيراد للأدوية تامة الصنع والمكونات والمادة الفعالة لبعض الأدوية المحلية. كما ان ارتفاع سعر الصرف للنقد الأجنبي. خاصة الدولار أمام الجنيه المصري يضاعف من الأزمة ويجعل الحصول علي الدواء صعبا وبالذات للفئات الفقيرة التي تعاني نقص الدخول وتفتقر إلي الحد الأدني من مقومات الحياة. إن توفير الأدوية الرئيسية ليس مجرد مطلب شعبي وصحي واجتماعي ولكنه يدخل ضمن اعتبارات الأمن القومي لتحسين جودة الحياة.