مع الافتراض أن ما سيحدث ل37 صنفًا دوائيًا «تحريك» فى سعره وليس ارتفاعًا أو غلاءً فى الأسعار ... ومع الافتراض أن هذه الأصناف ستزيد قروشا أو بضعة جنيهات.. وقد لا تؤثر هذه القروش فى استرداد الشركات القابضة للأدوية خسارتها الناجمة من هذه الأصناف الدوائية التى سيتم تحريكها وفقا لأن تكلفة إنتاجها أعلى من سعر بيعها للجمهور.. ولكن من المؤكد أن هذه الزيادة ستؤثر فى قطاع عريض من الشعب الذى عاش على الأدوية المحلية ولم يتجه إلى المستورد ليس لتشجيع صناعة بلده، وإنما لقلة الحيلة.. القطاع الذى لا يملك شراء الغذاء والآن سيجعل من شراء الدواء «كماليات».كيف يتعامل الفقراء مع الصيدليات.. هل هذا «التحريك» سيسدد ديون ب 119 مليون جنيه؟! هل ستقل كفاءة الأدوية المحلية؟! وماذا عن الأدوية المهربة والمغشوشة فى «مصانع بير السلم» كل هذه التساؤلات إجابتها فى السطور القادمة. غلاء المواد الخام دكتور ثروت باسيلى رئيس مجلس إدارة سابق لإحدى شركات الأدوية: مصر ليست منتجة للمواد الخام المكنة للعقاقير الطبية إلا بنسبة 1٪ من المواد الخام التى يتم تصنيعها فى مصر والباقية يتم شراؤها من الخارج، ولاسيما ألمانيا وأمريكا، والمصنعون للمواد الخام هم مصدر لبيع هذه المواد لجميع الدول وبنفس الأسعار، فمثلا إذا كان كيلو إحدى المواد الخام ب3000 دولار، فيتم بيعه بنفس السعر للجميع وهنا سعر المادة الفعالة يتوقف على عدة أشياء ومن أهمها سعر الدولار.. والربح للمصنع لابد أن يكون 7٪، فعندما نأخذ المادة الفعالة بثمن معين ويتم تغليفها وتصنيعها فى شكلها الدوائى وتغليفها فى المصانع الدوائية المصرية ولجنة التسعير بالوزارة تقوم بتسعير الأدوية تسعيرًا جبريًا بعيدا عن النظر إلى تكلفتها أو تكلفه المواد الخام المستوردة.. فلا يوجد من يحدد سعر الصنف الدوائى على حسب تكلفة إنتاجه لأنها تكلفة ضخمة وإنما ينظرون إلى الربح المقرر للمصنع ب7٪ وهذه النسبة من السهل أن تتآكل وتتلاشى إذا ارتفع قيمة الدولار.. وتبقى الشركة المنتجة بين نارين الأول.. نار أنها تنتج مع تحمل الخسارة لفترة مؤقتة من الوقت ثم تعمل على تعديل السعر بما يكفل لها الاستمرارية أو تتحمل نار أن تموت الشركة «تتصفى» ويتم تشريد عمالها وإغلاقها، وفى هذه الحالة لن يجد الفقراء أو العامة سوى المستورد وهو النار الأكبر!! أما ما يقال عن أن المادة الفعالة فى الدواء المستورد أقوى من المصرى فهذا كلام خاطئ ووهم ولا أوافق عليه لأن المادة الفعالة تحديدا يتم أخذها من الخارج وتقفيل الدواء فى مصر وأن جميع الأدوية المحلية بتعالج الشعب.. فهنا يتم تصنيع الدواء واختباره بمواصفات وقياسات دقيقة جدا ولا يمكن الاستغناء عنها والدواء المصرى يساوى المستورد مع اختلاف شكل العلبة والكرتونة والاسم والسعر. أزمة سياسية وليست اقتصادية دكتور جلال غراب أستاذ فى كلية الصيدلة ورئيس الشركة القابضة سابقا: طول عمرها شركات الأدوية بها خسارة ومكسب.. والمشكلة هنا فى إطار رفع نسبة الخصم عن الخامات المنتجة للدواء وهذا من عدة أشهر مضت.. وعندما اشتكت الشركات قابلوا هذه الشكوى بتحريك لبعض أسعار الدواء الأكثر مبيعا والأكثر خساره فكلما زادت نسبة البيع زادت الخسائر.. المشكلة الآن لا تعدو اقتصادية بقدر أنها مشكلة سياسية بمعنى أن الذى سيزيد هى الضريبة لأن تحريك سعر الدواء لن يحقق مكسبًا للشركات ولن يعوضها خسارتها حتى إن تم رفع سعر الدواء 01 مرات وفى نفس الوقت لن تؤثر على الحالة الشرائية بمعنى لن يشعر بها الجمهور لأنها زيادة لا تذكر وطفيفة. فالشركات المصرية تعتمد على البيع المحلى ويتم تصدير الأدوية بشكل منخفض جدا قد يكون بنسبة205٪ من جملة ما ينتج!! أما عن كفاءة المصرى أقل من المستورد فهنا أقول: إن بعض الأدوية الأجنبية أفضل لأن أغلب خامات المواد الفعالة الحقيقية نأخذها من الصين والهند!! إضافة إلى فرق فى الصنعة نفسها.. فأدوية القلب والسرطان قد يكون المستورد فيها أفضل أما أدوية الكحة والمسكنات والفيتامينات فالمصرى يفى بالغرض.. أما من حيث تقليل المادة الفعالة الدوائية من الدواء لعلاج الخسائر المادية فهو أمر خاطئ ولا يحدث لأن هناك مواصفات قياسية لابد أن تلتزم بها كل الشركات وهى مواصفات عالمية. الدواء على النوتة دكتور أحمد سلامة صاحب صيدلية دكتور سلامة بعين شمس الشرقية: لأننى صيدلى فى حى شعبى وأتعامل مع جميع الطبقات- المحاسب، البواب، المكوجى وغيرهم، فأقوم بالتعامل معهم بمبدأ أن الدواء من حق كل فرد مريض ولا أبحث عن الكسب السريع، فأنا صاحب الصيدلية واعتدت على أن أتعاون مع المرضى ويقومون بشراء أدويتهم فى كثير من الاحيان بالشكك «على النوتة» وأغلب الأدوية التى يقومون بشرائها لا تتعدى الخمسين والستين جنيهًا من أدوية ضغط ك«كوتارج» 8012و5 وسعره 43 جنيها وعلى الرغم من عدم ارتفاع سعره إلا أن هناك العديد ممن يقوم «بتشكيكه» ولكل مريض صفحة عندى.. حتى المحاسب والمهندس يقومان بالشراء على «النوتة» وعندما يصل الحساب إلى 200 جنيه يبدآن بالدفع مما تيسر لهما 20 جنيهًا فخمسين فعشرة وهكذا حتى يقوموا بسداد المبلغ أو إضافته على الحساب.. فأغلب هؤلاء الفقراء هم من يعيشون بأمراضهم وأدويتهم حتى الموت ولا ترحمهم الأسعار فهناك من يفكرون بالمكسب والآلاف يفكرون بكيفية سداد حساب الصيدلى!! دكتور ماجد إبراهيم صاحب صيدلية بالحى السابع: زبائن الصيدلية لهم حساب عندى فمنهم من يقوم بشراء الدواء «بالشكك» والغلابة يقومون بشراء الدواء «بالشريط» أو«بالحباية» مثل أدوية الصداع والمسكنات يقومون بشرائها «بالحبة» مثل الريفو الذى سيتم غلاؤه أو أبيمول والباقى يقوم بشراء شريط واحد من الأدوية بدلا من العلبة لأنه غير قادر على دفع 22 جنيه فى العلبة وأن 11 جنيها أهون بكثير حتى ينتهى الشريط وإذا لزم الأمر فى شراء آخر يقوم عندها بالشراء. مغشوش، ومتهرب وفى ظل ما قيل عن ارتفاع أسعار بعض الأصناف الدوائية لوحظ انتشار العديد من الأدوية المهربة والمغشوشة وهذا ما قاله اللواء أحمد الموافى مدير الإدارة العامة لمباحث التموين، وتم التحفظ على ما يقرب من 2 مليون عبوة دواء غير مطابق للمواصفات القياسية. وصرح اللواء عاطف يعقوب رئيس جهاز حماية المستهلك بأنه من خلال انتشار الأدوية المهربة والمغشوشة وأدوية مصانع «بير السلم» غير المرخصة تزيد نسب وحالات التسمم الدوائى.
أسباب التسمم الدوائى
الدكتور سعد نجيب مدير مركز السموم: هناك عدة أسباب لحالات التسمم الدوائى التى تحضر لنا إما حالات انتحار وأخذ جرعات مفرطة من دواء أو تناول عدة أدوية تفاعلت مع بعضها فقام دواء بتقوية الآخر فنتج التسمم أوتناول أدوية مغشوشة من خلال غش المادة الفعالة.. والعديد من الأحيان يتم حالات التسمم الدوائى نتيجة انتهاء صلاحية الدواء. فهناك العديد من المضادات الحيوية التى إذا انتهى صلاحيتها أو تم غشها تؤثر سلبا بعد التسمم بفشل كلوى أو ضرر فى الكبد وبنسبة من 30٪ إلى 40٪ حالات التسمم بالمركز ناجمة عن التسمم الدوائى. مما لا شك فيه أن فى بلدنا العديد من الأدوية المغشوشة ومجهولة المصدر والمقلدة إذا كانت هذه الأدوية تتم صناعتها فى شركات ومصانع أدوية غير مرخصة أو جاءت مهربة إلينا.. فمثلا علبة الترامادول فيها أكثر من 10 أنواع ترامادول أوروبى، وهندى، سنغافورى، وصينى وباكستانى وهكذا الفياجرا.. للأسف أن بعضا من الأدوية المغشوشة يتم بيعها فى الصيدليات وعمل صفقة مع الصيدلى على بيعها بنفس السعر وأخذ الباقى فى جيبه.