يشترط لوجوب الزكاة في المال المملوك أن يكون نامياً بالقوة كالنقود والأثمان. أو بالفعل عادة كالزروع والثمار والبهائم وعروض التجارة. أما المقتنيات من الأموال غير النقدية والأثمان مثل السيارات والأراضي والمباني والأجهزة الكهربائية وغيرها فلا زكاة فيها بالإجماع إلا أن تكون عروضاً للتجارة. فإن كانت عروضاً للتجارة وجب فيها الزكاة بشروطها عند أكثر أهل العلم خلافاً لداود وابن حزم وغيرهما من أهل الظاهر الذين قالوا بوجوب صدقة مطلقة علي التاجر دون الزكاة المحددة. وقد استدل الجمهور علي وجوب الزكاة في عروض التجارة بعموم قوله تعالي: "انفقوا من طيبات ما كسبتم" "البقرة:267". وبما أخرجه أبوداود بسند فيه مقال عن سمرة بن جندب. قال: كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي نعده للبيع. وذهب الظاهرية إلي أنه لا زكاة في عروض التجارة مطلقاً. لما أخرجه أحمد والبيهقي من حديث علي بن أبي طالب أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق. فهاتوا صدقة الرقة أي الفضة من كل أربعين درهماً درهماً". وما أخرجه مسلم عن أبي هريرة. أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "ليس علي المسلم في عبده ولا فرسه صدقة إلا صدقة الفطر". قالوا: وهذا لا يعني خلو التاجر عن الصدقة. بل عليه أن يتصدق بما تيسر له تكفيراً عن ذنوب التجارة المبينة فيما أخرجه أحمد والنسائي وأبوداود والحاكم وصححه. عن قيس بن أبي غرزة. قال: كنا في عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم نسمي السماسرة فمر بنا رسول الله صلي الله عليه وسلم فسمانا باسم هو أحسن منه. فقال: "يا معشر التجار إن البيع يحضره اللغو والحلف فشوبوه بالصدقة". وأجاب الجمهور عن دليل الظاهرية بأن المراد من العفو عن صدقة الخيل والرقيق هو عدم وجوب الزكاة في أعيان المقتنيات أما إذا صارت عروضاً للتجارة فإن الزكاة تجب في قيمتها لا في أعيانها. كما أن المراد بالصدقة في حديث قيس بن أبي غرزة هو الزكاة. وإذا كان الإجماع علي عدم وجوب الزكاة في العقارات والعروض المملوكة علي سبيل القنية. فهل تجب فيها زكاة التجارة إذا عرضها صاحبها للبيع بعد ذلك؟ ثلاثة مذاهب للفقهاء. المذهب الأول: يري أن كل ما يقتنيه المسلم لنفسه أو لبيته من غير الأموال الزكوية لا زكاة فيه فإن عرضه للبيع في أي وقت صار عروضاً للتجارة تجب فيه الزكاة بشروطها. سواء كان الملك الأول عن طريق الإرث أو العقد. وهو قول أبي يوسف ووجه عند الشافعية ورواية عند الحنابلة. وحجتهم: أن التجارة تكون بعرض السلع للبيع. المذهب الثاني: يري أن كل ما يعرض للبيع يكون من عروض التجارة التي يجب إخراج الزكاة فيها بشروطها إذا كان سبب الملك الأول بالعقد وليس بالإرث. وهو مذهب المالكية والأصح عند الشافعية ورواية للحنابلة. وحجتهم: أن المملوك بالعقد يجري علي قياس التجارة بخلاف المملوك بالإرث. المذهب الثالث: يري أن المقتنيات الخاصة من الأراضي والمباني والسيارات لا تكون عروضاً للتجارة بحال إلا إذا كان تملكها من بادئ الأمر بغرض التجارة. أما إذا كان شراؤها بغرض الانتفاع الشخصي ثم عرضها للبيع فلا زكاة فيها. وهو مذهب الحنفية والمشهور عند الحنابلة. وحجتهم: أن التجارة التي يعرفها الناس هي التي تكون بغرض المكسب من بادئ الأمر. فمن ورث أرضاً أو اشتري داراً بغرض السكني فيها ثم عدل عن ذلك وباعها لمصلحة أخري يراها فلا زكاة عليه في تلك الصفقة. لأنها تجارة طارئة وليست تجارة مهنية.