أول أمس كانت ذكري مرور 97 عاما علي مولد ملك العود الفنان الكبير فريد الأطرش الذي كتب في وصيته: "لو مت في أي مكان في العالم لا تدفنوني إلا في البلد الذي أحببته وعشقته مصر". وبالفعل يوم ان مات عصر يوم الخميس 26 ديسمبر 1974 بمستشفي الحايل ببيروت في لبنان بمنطقة سن الفيل كان يجلس إلي جواره رياض جنبلاط وسلوي القدس التي كان قد اتفق معها علي الزواج بعد شفائه وسكرتيرته الخاصة دينيس جبور وكانت تعمل سكرتيرة لإحدي الأميرات الخليجيات ولما عادت في زيارة إلي بلدها لبنان وعلمت بمرض فريد الأطرش أصرت علي أن تبقي إلي جواره لتقوم علي رعايته كسكرتيرة خاصة وممرضة بلا مقابل. ولد فريد ابن فهد بن محمد بن فرحان بن إسماعيل بن طنوخي في مدينة السويداء محافظة جبل العرب "جبل الدروز" بسوريا في 21 أبريل 1917 والده فهد بن فرحان من أمراء الدروز ووالدته الأميرة علياء بنت المنذر تعود جذورها إلي أمراء نجد وترجع إلي عائلة النعمان بن المنذر إحدي القبائل العربية تزوجها فهد الأطرش بالصدفة فقد طلب منه أحد شباب القرية أن يتوسط له لدي عائلة المنذر ليخطب ابنتهم فخطبها لنفسه وتزوجها وترك الشاب يبكي. تزوج فهد الأطرش قبلها طرفة الأطرش ابنة عمه وأنجب منها طلال ونورة. ثم تزوج بعدها الأميرة علياء بنت المنذر وأنجب منها فؤاد وفريد وآمال "أسمهان" ثم طلقها وتزوج مواطنة سورية اسمها ميسرة أنجب منها منير ومنيرة وأنور وملجا وكرجيه. لما اشتعلت ثورة الدروز ضد الفرنسيين قرر الفرنسيون قتل كل من ينتمي لعائلة الأطرش "سورياولبنان" فأخذت الأميرة علياء أولادها الصغار فؤاد وفريد وآمال "أسمهان" وهربوا من بيروت وركبوا القطار من حيفا بفلسطين ومروا علي غزة ورفح والعريش ودخلوا الأراضي المصرية من رفح وقالت الأم لأولادها نحن الآن يا أولادي نمر في أرض مصر الغالية التي تفتح أحضانها لكل العرب.. نحن في مصر أم الدنيا ومن هنا كانت بداية إطلاق الجملة الشهيرة "مصر أم الدنيا". وصل القطار إلي مدينة القنطرة شرق علي الضفة الشرقية لقناة السويس ونزل الركاب لختم جوازات السفر لكن أسرة الأطرش علياء وأولادها لا يحملون جوازات ولا أي هويات فلم يسبق لهم السفر من قبل فاحتجزهم الضابط الإنجليزي في إحدي الغرف وأكمل القطار الرحلة بدونهم.. وهنا تشجعت الأميرة علياء وذهبت إلي ضابط مصري وقدمت نفسها له وقالت إنها الأميرة علياء المنذر زوجة الأمير فهد الأطرش حاكم حاصبين ورئيس محكمة الدروز وأنها وأولادها فروا من بطش الفرنسيين واختاروا مصر لتأويهم وتحميهم وأنها تطلب الحماية لها ولأولادها من زعيم مصر ورئيس الوزراء سعد باشا زغلول وصديق جدها!. أجلسهم الضابط في الاستراحة وأحضر لهم الماء والطعام واحتفي بهم وأرسل برقية لوزارة الداخلية يبلغهم بالحكاية وأنه في انتظار الرد. بعد بضع ساعات جاءهم الرد أن سعد باشا يرحب بهم وأمر بدخولهم مصر بدون جوازات ولا تأشيرات مع تدبير مكان لمبيتهم حتي يلحقوا بقطار اليوم التالي. وصلوا إلي ميدان باب الحديد "رمسيس حاليا" واستأجروا حجرة صغيرة بحارة دويدار المتفرعة من شارع باب البحر بالفجالة وكانت نقطة تحول في حياتهم.. نستكمل الحكاية في أقرب فرصة!!