أكبر شبكات كهرباء أفريقيا والشرق الأوسط في خطر وتتعرض للانهيار وتحتاج جراحة فورية بخبرات عالمية ومحلية لتصحيح مسارها بعد أن كانت مثلا وحيدا للنور في أفريقيا من خلال لقطات وصور الأقمار الصناعية التي كنا نتباهي ونفتخر بها وكانت تصدر الكهرباء لدول الجوار وأصبحت الآن ظلاما تعود بنا إلي عشرات السنين للوراء أو تذكرنا بمأساة شعوب أفريقيا الذين لا يجدون أي مصادر للكهرباء. أزمة الكهرباء ليست وليدة اليوم فهي ناتج أفكار قاصرة أهملت كل مصادر الطاقة المتجددة والمستديمة لتأمين المستقبل خاصة النووية وأسرفت في استغلال الاحتياطيات الغازية والبترولية حتي أوصلتنا لهذه الأزمة التي أصبحت لا تبشر بصيف مريح كافة الأسر المصرية بعد أن وصلت ساعات انقطاع التيار إلي ما بين 3 إلي 6 ساعات يوميا عن المواطنين ومازلنا في شهور الربيع.. فكيف يكون الحال مع ارتفاع درجات الحرارة. "الجمهورية" استعرضت الأزمة وحلولها مع خبراء الطاقة الذين أكدوا أن خسائر الاقتصاد القومي من انقطاع الكهرباء تفوق عائدات الاقتصاد القومي وتهدد مستقبل التنمية وهروب الاستثمارات والسياحة بالإضافة لخسائر هائلة في قطاعات التعليم والصحة والزراعة وغيرها وأن إنقاذ الشبكة الكهربائية يتطلب عددا من الإجراءات الفورية العاجلة وطويلة الأمد تبدأ فورا بتدخل الدولة لتوفير مدخلات الإنتاج بما فيها الاستثمارات والوقود مع تحميل القادرين لقيمة استهلاكهم الفعلية لتشجيعهم للاتجاه للطاقات المتجددة التي أصبحت أقل سعرا من الطاقة المتجددة بأكثر من النصف حيث تبلغ تكاليف إنتاج الكيلووات من الطاقة التقليدية 125 قرشا مقابل 45 قرشا للرياح و55 قرشا للشمس. في البداية أكد الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة أن مشاكل الشبكة الكهربائية خارجة عن نطاق عمل القطاع الذي يمتلك محطات توليد حديثة وبقدرات تفوق الاستهلاك وشبكة كهربائية تغطي كافة أنحاء الجمهورية لكن إهمال القطاع من خلال اتخاذ القرارات الصحيحة كانت السبب في هذا الوضع خاصة فيما يتعلق بالأسعار التي لم تتحرك خلال 10 سنوات بأكثر من 15% مقابل زيادة في مدخلات الإنتاج زادت عن 100% وأن ذلك كان السبب في تأخر انتشار الطاقات الأخري خاصة الشمس وإسراف المواطنين في استهلاك لرخص أسعار الكهرباء وعدم وجود قوانين رادعة للاعتداء علي الشبكة أو سرقة التيار أو تعطيل العمل بالمشروعات الجديدة. قال شاكر إن قطاع الكهرباء يحاول الآن تدارك أخطاء الماضي لإعادة القطاع لموقعه وتخفيف الخسائر الهائلة التي يتحملها نتيجة لانقطاع التيار حيث إن مشروعاته من محطات توليد وغيرها التي تضم استثمارات تزيد عن نصف تريليون جنيه لا تستغل الاستغلال الأمثل ولا تعمل بكامل طاقتها وأنه لابد من زيادة موارد القطاع مؤكدا علي أهمية ترشيد الدعم عن أسعار الكهرباء وأن الأسعار الحالية غير متوازنة ولا تضمن استقرارا للتيار وتلبية المتطلبات المتزايدة علي الكهرباء مشيرا إلي أن متوسط بيع أسعار الكهرباء للمواطنين في المنازل في حدود 13.5 قرشا في الوقت الذي زادت فيه تكاليف الإنتاج للكيلووات عن 40 قرشا ترتفع إلي 125 قرشا بدون دعم المنتجات البترولية التي تحصل عليها محطات الكهرباء مدعمة من الدولة وأن ذلك يستوجب ترشيد الدعم عن الفئات القادرة التي تمتلك المقدرة علي توفير الكهرباء من البدائل الأخري لتنمية هذه البدائل وأن ذلك يحافظ علي الدعم لمحدودي الدخل الذين لن يتأثروا بتحريك الأسعار حتي استهلاك 650 كيلووات شهريا. أسعار سيادية أشار الوزير أنه لم تتم أي زيادة لأسعار الكهرباء حاليا وأن هذه الأسعار سيادية ولا يمكن لأحد في قطاع الكهرباء أن يرفعها أو يحصل من المواطنين أكثر من المعلن وأن زيادة أسعار مستلزمات الإنتاج وأسعار العمرات والصيانة والمرتبات أثر كثيرا في مصروفات قطاع الكهرباء وزيادة الفجوة بين الإيرادات والمصروفات التي تأثرت جدا بتراجع معدلات التحصيل بالإضافة لكون القطاع يتحمل كامل أصول وفوائد قروضه دون أن تتحمل الدولة لأية أعباء باستثناء ضمان القطاع لدي الجهات الدولية مشيرا إلي استمرار تراجع معدلات التحصيل التي وصلت إلي متوسط يبلغ 70% مما أدي لارتفاع مستحقات القطاع لدي كافة الجهات لتزيد علي 18 مليار جنيه. أشار المهندس جابر الدسوقي إلي إجراءات الترشيد الإجباري بمنشآت قطاع الكهرباء التي تم تحويل الإضاءة بها إلي مرشدة والاستعانة بالطاقة الشمسية لإنارتها ورفع قدرات وكفاءة المحطات لتوفير حوالي 1500 ميجاوات من هذه الإجراءات بالإضافة إلي برنامج التعاون مع وزارة التنمية المحلية لتوفير 700 ميجاوات من استهلاك الإنارة العامة في الشوارع دون التأثير علي مستوي الإضاءة من خلال ترشيد استهلاكها بنسبة تصل إلي 50% من خلال تركيب لوحات أتوماتيكية تقوم بإطفاء الإنارة في فترات النهار وإنارة عامود وعامود بالتناوب لمنع انقطاع التيار عن الشوارع مراعاة لأمن وأمان المواطن.. والمنشآت. مشيرا لأهمية وضع معايير يجب اتباعها لتصميم وتنفيذ الإنارة بالطرق السريعة بما يضمن جودة وكفاءة الطرق تحقيقا للمصلحة العامة. وأنه جاري التعاون مع المحليات في تنفيذ مشروع استبدال مليون لمبة من لمبات الصوديوم بلمبات عالية الكفاءة وأن ذلك ضمن الخطوات التي تتخذ بالتعاون مع كافة الوزارات المعنية بإعداد تصور شامل لترشيد الطاقة في مختلف المجالات والوزارات لتفعيل خطوات الترشيد ووضع ضوابط صارمة تفرضه علي كافة القطاعات بعد أن أشارت الدراسات لإمكانية توفير ما بين 18 إلي 25% من الاستهلاك في حالة تطبيق نظم الترشيد. لمبة ب 10 مليارات جنيه وطالب المهندس أسامة عسران - رئيس شركة توزيع جنوبالقاهرة - كافة المواطنين بالتعاون مع القطاع في الترشيد بإطفاء الإنارة التي لا يحتاجون لها وعدم الإسراف في أجهزة التكييف والتبريد وأن إطفاء لمبة عند مواطن تعني إنارة لمبة عند مواطن آخر وأن إطفاء لمبة واحدة في كل منزل من شأنه أن يوفر قدرات تصل لأكثر من 1500 ميجاوات تتطلب استثمارات تزيد علي 10 مليارات جنيه و4 سنوات للتنفيذ وأن تعاون المواطنين من شأنه أن يساهم في تخفيف أزمة الطاقة التي بدأت تظهر بوضوح في مصر مؤخرا. الحفاظ علي الإنارة العامة أكد المهندس محمد مصطفي - رئيس شركة شمال القاهرة - أن إجراءات الترشيد لا تكلف المواطن أية أعباء سواء إغلاق الأنوار وعدم ترك الأجهزة علي وضع الاستعداد وعدم ترك الأجهزة علي وضع الاستعداد وعدم استخدام كافة الأجهزة في وقت واحد والتأكد من إغلاق أبواب الثلاجة وعدم تشغيل الغسالة إلا مكتملة ومملوءة وتشغيل التكييف عند 25 مئوية وإغلاق السخانات الكهربائية وعدم تشغيلها إلا قبل الاستخدام بنصف ساعة أشار إلي أن القطاع يحافظ بشدة علي عدم المساس أو إطفاء الشوارع والطرق رغم وجود حاجة شديدة لتوفير الطاقة في أوقات الذروة وأن هناك تعليمات لقيادات الكهرباء للحفاظ عليها من منطلق رعاية الأمن العام مؤكدا علي أن تخفيف الأحمال لا نريد استمراره نظرا للمشاكل التي تتبعه وإضراره بالشبكة الكهربائية والخسائر التي يتحملها القطاع نتيجة لذلك حيث إنه يؤدي لانخفاض عائدات بيع الطاقة وتوفير السيولة المطلوبة لسداد أقساط القروض من جهات التمويل العربية والعالمية وتوفير السيولة لأعمال الإحلال والتجديد للشبكة. قال الدكتور أكثم أبوالعلا - وكيل وزارة الكهرباء: إن خسائر قطاع الكهرباء من انقطاع التيار هائلة ولا يمكن أن تقاس بخسائر المواطنين لكن لم يتم حصر هذه الخسائر حتي الآن وهذه الخسائر ناتجة عن وجود قدرات لمحطات التوليد يجب أن تعمل لتحقيق عائدات لسداد قيمة القروض التي تم الحصول عليها وتكلف القطاع حوالي مليار جنيه شهريا بالإضافة إلي مرتبات العاملين وغيرها من التزامات مشيرا إلي تكثيف أعمال التحصيل كحل سريع لتوفير السيولة لسداد الالتزامات الضرورية والتي يأتي في مقدمتها مرتبات العاملين التي تصل إلي مليار و200 مليون جنيه شهريا بالإضافة إلي متطلبات أعمال الإحلال والتجديد والصيانة وهي التزامات لا يمكن التقصير فيها مشيرا إلي أن القطاع يبحث في كافة الاتجاهات لتوفير التيار واستقراره للمواطنين وأن ذلك هو الهدف الأساسي لعمله دون النظر إلي تكاليف ذلك وهو ما أدي لحدوث هذه الفجوة بين إيرادات ومصروفات القطاع وحدوث عجز كبير أصبح يهدد استقرار الشبكة.