هو.. صائد شبكات الجرائم الإلكترونية.. التي فرضت نفسها علي المجتمع. نتيجة ثورة الإنترنت. والمعلومات في العالم بأسره.. وتطورت أشكال الجريمة عن الأسلوب الذي تعودنا عليه في السابق إلي الجريمة الإلكترونية.. ما لديه من حقائق وأرقام. ربما تفزعنا. لكنه لا يبوح بها كثيراً عبر وسائل الإعلام حتي لا يحدث صدمة كبيرة في المجتمع..يكفي أن نعرف أن 90% من الجرائم الإلكترونية لا تخرج عن نطاق الابتزاز الجنسي.. والسب والقذف.. والنصب علي الأفراد والشركات.. عن طريق ما يُعرف ب"الصائد الإلكتروني". الذي يستغل سذاجة الملايين عبر مواقع التواصل الاجتماعي.. هنا.. المجني عليه هو البطل الأساسي في كل الجرائم الإلكترونية. وليس العكس كما هو معتاد في الجرائم التقليدية.. أكثر من 5 آلاف صفحة عبر الكتائب الإلكترونية للإخوان المسلمين تحرض علي العنف والقتل في الشارع. وتم رصدها وإغلاقها فضلاً عن الإرهاب الإلكتروني يستغلون مهاراتهم في تشويه الجيش والشرطة واللعب في الفيديوهات والصور لتشويه المعلومات لدي ملايين المصريين.. ووصل الأمر إلي حد نشر فيديوهات مفبركة للجيش والشرطة وتوزيعها علي أنها حقائق.. لكنهم في النهاية سقطوا في قبضة "صائد الشبكات".. إنه اللواء محمد أبوزيد.. رئيس الإدارة العامة لمباحث التوثيق والمعلومات بوزارة الداخلية. وأحدث إدارة لكشف الجريمة الإلكترونية. الرجل تحدث معنا لأول مرة في وسائل الإعلام.. وفتح لنا خزائن أسراره عن هذا العالم الغريب. والعجيب والذي تحولت فيه الجريمة الإلكترونية إلي ظاهرة تفوقت علي مثيلاتها التقليدية.. لأن المتهم هنا حاد الذكاء.. وعلي مستوي عال من الثقافة.. ويمتلك مهارات وقدرات خاصة لاصطياد الفريسة التي ربما تدخل إلي عالم الإنترنت لأول مرة في حياتها. تحذيرات كثيرة ونصائح بالجملة.. يكشفها اللواء محمد أبوزيد لحماية ملايين الأسر المصرية من "الصائد الإلكتروني" خاصة الشباب والفتيات الذين يقعون في شباك هذا الصائد المجرم.. طرحنا عليه كل القضايا المثارة حول شبكات التواصل الاجتماعي.. بدءاً من قضايا السب والقذف ومروراً بالابتزاز الجنسي ونهاية بالنصب والتحريض علي العنف والقتل.. ونشر الأخبار الكاذبة ضد الجيش والشرطة للعب في عقول الملايين. * في البداية.. هل أصبحت الجريمة الإلكترونية تشكل ظاهرة في مصر.. وما هو التعريف العلمي لها؟! ** اللواء محمد أبوزيد.. الجريمة الإلكترونية بالفعل فرضت نفسها علي المجتمع المصري بأسره. وأصبحت تشكل ظاهرة.. وعلينا أن نعترف بذلك نتيجة سوء استخدام المواقع الاجتماعية.. والجريمة الإلكترونية هي التطور الطبيعي للجريمة التقليدية.. وتسمي بالجريمة المعلوماتية.. وللأسف هي جريمة سهلة جداً. ومليون واحد يمكن أن يراها في ثوان معدودة. وبرغم أن التكنولوجيا في الأساس لتوفير الوقت والجهد والمال. لكننا نستخدمها في العكس. ونضيع الوقت والجهد في أشياء لا طائل من ورائها. وهذا هو مكمن الخطورة. وهنا يظهر بوضوح الدور الذي تلعبه إدارة أو مباحث التوثيق والمعلومات في حماية المجتمع من الجرائم الإلكترونية.. أما بالنسبة للتعريف العلمي للجريمة الإلكترونية. فهي: كل عمل غير مشروع يرتكب بواسطة الحاسب الآلي.. يسبب ضرراً للغير. * هل تختلف الجرائم الإلكترونية في المسمي عن الجرائم التقليدية الأخري؟! ** اللواء أبوزيد.. الجرائم الإلكترونية مثلها مثل الجرائم التقليدية التي نعرفها جميعاً.. لكنها تختلف في طرق ارتكابها. وتختلف أيضاً في طريقة ارتكابها. وكذا في طريقة المعالجة والوصول للجاني.. لأنك مثلاً في جرائم السرقة لا تسلب المجني عليه ما هو في حياته.. وإنما تستخدم الحيل والألاعيب الإلكترونية. كما أن المجرم في الجرائم الإلكترونية ليس معروفاً أو مسجلاً خطراً. وليست له سوابق إجرامية والوصول إليه يتطلب تطوراً تكنولوجياً من قبل العاملين والضباط في الجهاز لحماية أمن الجبهة الداخلية للمجتمع من مخاطر مواقع التواصل الاجتماعي. * هل يوجد فروع لمباحث التوثيق والمعلومات في سائر محافظات الجمهورية؟! ** اللواء أبوزيد.. بدأنا بالفعل في إنشاء فروع في المحافظات. وسنبدأ المرحلة الأولي بثلاث محافظات هي: الإسكندرية وأسيوط وبورسعيد.. وتجري حالياً دراسة التوسع حسب كثافة البلاغات في المحافظات. تمهيداً لإنشاء فروع أخري تغطي أنحاء الجمهورية.. لأنه حتي هذه اللحظة لا يوجد أي فرع في مصر سوي الفرع الرئيسي في الوزارة. وهذا الأمر سببه حداثة الموضوع. كما أن نوعية الضباط الذين يلتحقون به في حاجة لتدريبات عالية للغاية.. وأستطيع أن أقول إن لدينا إدارة علي تقنية عالية. واستطاعت أن تحقق الكثير من النجاحات. واصطادت آلاف الصفحات التي تحرض علي العنف. منذ سقوط الرئيس المخلوع. وكذا ضبط عشوائي للعناصر الإرهابية علي مواقع التواصل الاجتماعي. وهؤلاء أشد خطورة. فضلاً عن الجرائم الاجتماعية الأخري. * من هو البطل الأساسي دائماً في الجرائم الإلكترونية؟! ** اللواء أبوزيد.. البطل الأساسي في هذه الجرائم دائماً هو المجني عليه. لأنه هو الذي يستخدم الجهاز. وأغلب الجرائم التي ترتكب بسبب سذاجة المجني عليه. أو الاستخدام لأول مرة. أو التقليد والدخول علي مواقع التواصل الاجتماعي دون وعي. والاشتراك في مواقع الشراء. أو مواقع الشبكات أو الاشتراك مع شركات. ودفع مبالغ مالية وإضافة أصدقاء غير معروفين علي مواقع التواصل الاجتماعي من قبل تقوية اللغة أو توسيع دائرة المعرفة والاجتماعيات. ولا يعرف ذلك الشخص المجهول الذي تمت إضافته هو "صائد إلكتروني" يتربص بالمجني عليه. ويتمكن من أخذ جميع البيانات والصور الشخصية والعائلية. الأمر الذي يتسبب في مشاكل اجتماعية لا حصر لها. * ما هي أشهر المواقع الاجتماعية التي تشكل أو تمثل مشكلة؟! ** اللواء أبوزيد.. أشهر هذه المواقع هو "الفيس بوك" و"تويتر" وهما الأكثر شهرة بين المواقع العشرة المنتشرة علي مستوي العالم والأكثر استخداماً في مصر.. المفترض أن المقصود من هذه المواقع هو إنشاء شبكة اجتماعية عالمية توطد العلاقات بين الأصدقاء والأقارب. من خلال تبادل الأخبار والصور. والمناسبات والتهنئة.. ولكن المتصيدين للأخطاء. والذين يبغون تحقيق أموال طائلة علي حساب سمعة الضحايا. دون إرهاق أو تعب. استغلوا هذه المواقع أسوأ استغلال. * إذن ما هي المحاذير التي يجب أن يتخذها مستخدم مواقع التواصل الاجتماعي. كي لا يقع فريسة في أيدي الصائد الإلكتروني؟! ** اللواء أبوزيد.. هل تتخيل أنه مطلوب منك فقط أن ترسل صورة لوجهك واسمك. ويتمكن الصائد الإلكتروني من تركيب أجسام عارية ويبثها علي المواقع الإباحية في كل دول العالم. أو يصفك بأفظع وأحط الأوصاف. ويضع رقم تليفونك أو تليفون منزلك علي تلك المواقع ليتصل بك الآخرون لممارسة الشذوذ أو الجنس مثلاً.. أو أن يضع صورك في أماكن غير طبيعية. أو أوكار للمخدرات أو شرب الخمر. * لكن الكثيرين يضعون الصور العائلية والمناسبات والتهاني وخلافه علي مواقع التواصل الاجتماعي؟! ** اللواء أبوزيد.. هذا أمر جد خطير.. فهل تتخيل أن وضع الصور العائلية علي مواقع التواصل الاجتماعي والتي نتعامل معها بسذاجة. يمكن أن تكون مثار مشكلة كبري لهذه العائلة. عن طريق هذا الصائد الإلكتروني. الذي يلعب ويعدل في هذه الصور تعديلاً سيئاً لأسرة عن طريق البرامج الحديثة.. ويستخدم أكثر الجرائم الإلكترونية شهرة. وهي التلاعب في الصور العائلية. وكذا صور الأزواج بوضع صور ساقطات. ثم ينشر تلك الصور علي حسابك الذي تضيف فيه مئات الأصدقاء. وبضغطة واحدة تُبث هذه الصور علي مئات الأصدقاء في ثانية. فمنهم من يعاتبك. ومنهم من يتجاهلك. ويقوم بحزفك من علي حسابه. وتجد نفسك في موقف الدفاع المستمر عن شخصك. وسمعتك. دون مبرر. مجرد أنك أخطأت ووضعت صور عائلتك بسلامة نية علي مواقع التواصل الاجتماعي. * ما هي الجرائم الإلكترونية الأكثر شهرة في عالم الإنترنت. والتواصل الاجتماعي؟! ** اللواء أبوزيد.. للأسف.. جرائم السب والقذف والابتزاز الجنسي.. وتمثل نحو 90% من الجرائم الإلكترونية وفقاً للبلاغات المقدمة لنا في الإدارة وللأسف. هناك أخطاء أخري يقع فيها البعض من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي. وهذه جرائم الابتزاز الجنسي.. حيث تظهر لك صور لإحدي البنات الجميلات. وأنت تستخدم جهازك الآلي عن طريق الإنترنت. ثم تطلب منك ببساطة الصداقة والدردشة "الشات".. فهل تتخيل أنه بمجرد أن تضغط بالموافقة قد يكلفك ذلك أموراً كثيرة. لأنه بعد الدخول في الحديث. فإن تلك المجهولة تطلب منك فتح الكاميرا لرؤيتها. وتسارع أنت بفتح الكاميرا. وتظهر لك صورة امرأة جميلة وتقوم بطلب ممارسة الجنس معها من خلال الكاميرا. وهي تقوم بتصويرك من الجانب الآخر. وتقوم بالتقاط صور ومقاطع فيديو. وأنت تمارس الجنس معها.. وفي النهاية يبلغك الصائد الإلكتروني أنه مثلاً رجل. وليس امرأة وأن تلك الصور مسجلة. ويقوم بإصدار أوامر مشددة لك بتحويل مبالغ مالية وإلا ستجد صورك علي كل المواقع في ثوان معدودة. وللأسف يجد الضحية نفسه مضطراً لفعل ذلك بالانصياع لتلك الأوامر. والأمثلة كثيرة وصارخة لدينا. حيث يضطر كثيرون إلي عدم الإبلاغ عن تلك الجرائم. خوفاً من الفضيحة. وربما لا ينتهي الابتزاز عند هذا الحد. بل يطلب من الضحية الاستمرار في تحويل المبالغ.. المهم في النهاية أنك ستجد نفسك أمام مشكلة اجتماعية وأخلاقية. لمجرد أنك قبلت التحدث مع شخص لا تعرفه. * هل هناك وسائل معينة لرصد الجرائم الإلكترونية.. أم حيل وخدع الجناة تختلف من يوم لآخر؟! ** اللواء أبوزيد.. الجريمة الإلكترونية تتطور كل ثانية. وتوجد برامج متطورة وفيروسات لممارسة تلك الجرائم كل لحظة. فالجريمة الإلكترونية لا يصلح معها حفظ إحصاء بعدد الجرائم. أو معدل ضبط شهري. أو سنوي. لأنها جريمة متطورة كل ثانية. وليس كل دقيقة. ولذلك تتطور دائماً طرق المعالجة بتطور تلك الجرائم. * لكن البعض ينظر إلي مواقع التواصل الاجتماعي علي أنها أحد أهم وسائل الحرية والتعبير عن الفكر والرأي؟! ** اللواء أبوزيد.. نعم هي كذلك لو أن استخدامها كذلك.. وأود أن أؤكد علي أن حرية الرأي مصانة. وقانون الحريات يكفل للجميع حرية التعبير طالما كان ذلك في إطار الصالح العام. ونحن لسنا طرفاً أو مع طرف في أي خلافات سياسية. ولا علاقة لنا بالشأن السياسي.. نحن نعمل وفق القانون.. وكل واحد حر في إطار ما حدده القانون. فمثلاً من حق أي إنسان أن يعترض علي ما يشاء من الأوضاع. ويطالب بحلول للخروج من المشكلة أو الأزمة أو حتي ينتقد شخص نقد موضوعي.. أو يطالب بنشر أفكار معينة تخدم المجتمع.. المهم أن كل هذه الأشياء في النهاية في إطار حرية الرأي. ولكن إذا تعدي هذا التعبير إلي التحريض علي القتل أو التظاهر غير السلمي. أو استخدام الأسلحة أو حرق السيارات الحكومية. والشرطية. التي تقدم خدمات عامة للشعب. أو مؤسسات الدولة.. فنحن نتصدي لذلك عبر رجالنا.. وقد نجحنا في رصد آلاف الصفحات التي تحرض علي العنف من قبل بعض العناصر الإرهابية.. وهناك أشياء أخري نحن نرصدها مثل عبارات السب والقذف والتشهير برموز الدولة أو الدعوة إلي ازدراء الأديان. كل هذه التصرفات تخرج عن نطاق التعبير عن الرأي وتصل إلي حد أن تكون في مضمونها جريمة يعاقب عليها القانون ويتصدي لها بالعقوبات التي قد تصل إلي الحبس والسجن المشدد لأنها تمس كيان الدولة.. والإدارة العامة لمباحث التوثيق والمعلومات في نطاق عملها. ترصد المحتوي الإجرامي. بمعني أن أي عبارات تشكل جرائم يعاقب عليها القانون دون النظر إلي الشخص الذي يصدرها. تقوم الإدارة برصدها. وتعقبها وضبط المحرضين علي تلك العبارات وتقديمهم للنيابة العامة. * انتشرت الصفحات الإخوانية التي تحرض علي العنف والقتل بشكل كبير. فهل استطعتم مواجهة ذلك؟! ** اللواء أبوزيد.. لقد رصدنا آلاف الصفحات الإخوانية التي تحرض علي العنف. والقتل. واستطعنا إغلاقها. ونجحنا في رصد الكثير من الجرائم الإلكترونية لعناصر الإخوان الإرهابيين. عبر اختراق كتائبهم الإلكترونية. وسقط الكثير منهم.. ولولا ذلك لزاد العنف في الشارع.. لكن أريد التوضيح بأن كثير من الصفحات الإلكترونية تتباعي بعدد المشاركين بها. وصحيح أن عدد المشاركات علي الصفحات لا يدل علي موافقة المشتركين علي ما جاء بمحتوي الصفحة. فقد تكون هناك عبارات تحريضية علي القتل أو الحرق أو سفك الدماء أو خلافه. وعدد المشاركين علي تلك الصفحات قد يصل إلي الآلاف أو المليون. لكنه ليس مؤشر علي أن مئات الآلاف أو المليون المشاركين في الصفحة. يضمرون كرهاً لأجهزة الدولة. أو يريدون الانتقام منها. لذلك عندما نبحث عن منشئ صفحات التحريض فقط. والذين يدعون بشكل مباشر للعنف والتظاهر غير السلمي.. لكن لا علاقة لنا بكل المشاركين في هذه الصفحات.. كما أننا مثلاً لو قررنا جمع آلاف المشاركين علي إحدي الصفحات الإلكترونية وطلبنا منهم الالتقاء أو التجمع في مكان عام. وطرحنا عليهم ما جاء علي الصفحة. ثم طلبنا التصويت بالموافقة بنعم. أو بلا. فلن تأتي الإجابات عليها واحدة.. وستجد مثلاً أن الموافقين علي بعض الأفكار التي تأتي علي هذه الصفحات هم في النهاية قلة قليلة.. أو تكاد تكون منعدمة.. .. لكن الأخطر أن هناك برامج مستحدثة يتم من خلالها شراء الأصوات لتضخيم قيمة الصفحة. أو لتضخيم الموضوع المثار عبر الإنترنت.. وبالتالي ينخدع المشارك بأن قيمة تلك الصفحة بالملايين. أو الآلاف. فيعطيها أهمية بالغة. وتصبح من الصفحات المشهورة مثلاً. وقد حدث ذلك الأمر كثيراً من قبل المتلاعبين.