تعددت الثورات والنهاية واحدة.. فربما يختلف العالم الغربي عن العربي في كثير من الأشياء إلا أن الوضع غير ذلك حينما يتعلق بالثورات حيث يتكرر نفس تسلسل الأحداث وأن اختلف مكانها.. ففي جميع الدول العربية التي لحقت بقطار الثورات. وقعت نفس المواقف.. احتجاجات يشعلها الشباب اعتراضاً علي تصرفات السلطة ثم قتل واعتقال ثم سقوط نظام ومصير سييء ينتظر الرئيس سواء كان هارباً أو معزولاً أو مخلوعاً.. ثم تأتي وجوه مألوفة وربما متورطة في قضايا فساد ل "تركب" علي الثورة وتجني مكاسبها ويختفي دور الشباب صانع الثورة الرئيسي بعد سقوط النظام. بعد احتجاجات استمرت لأكثر من ثلاثة أشهر للاطاحة بالرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش والتي راح ضحيتها عشرات المتظاهرين وتعرض مئات منهم إلي الإصابة والسحل والاعتقال من الشرطة الأوكرانية ذهبت مدافع الثورة إلي غير صانعيها.. فصادق البرلمان الأوكراني علي تعديل قانون يتيح الإفراج عن زعيمة المعارضة الأوكرانية المسجونة يوليا تيموشينكو 53 عاماً وذلك بعد الموافقة علي عودة العمل بدستور 2004 الذي يعيد سدة الحكم إلي المجلس التشريعي الأوكراني ويحد من سلطة رئيس الجمهورية فيكتور يانكوفيتش. وبالفعل غادرت تيموشينكو المستشفي التي تتلقي فيه العلاج في مدينة خاركوف شرقي البلاد لإصابتها بانزلاق غضروفي. برغم إدانتها استغلال السلطة وكان يتوقع أن تبقي داخل السجن حتي سبعة أعوام. وبهذا أصبحت تيموشينكو أول المستفيدين من ثورة الشباب الأوكراني برغم أنها لم تشارك فيها. وبرغم تورطها في قضايا فساد تلوث تاريخها السياسي ومن المفترض أن تحول دون مساندتها. وكان أمر اعتقال تيموشنكو. الذي وصفته المعارضة بعملية "ثأر سياسي". يشكل أزمة خطيرة بين كييف والاتحاد الأوروبي. والذي شدد علي أن اطلاق سراحها شرط أساسي للتوقيع علي اتفاق شراكة مع أوكرانيا. ولم تكن هذه هي الاستفادة الوحيدة التي جنتها تيموشينكو من هذه الثورة ولكن ذكرت مصادر إخبارية أن تيموشينكو أكدت لأنصارها وقت خروجها من المستشفي. أنها ستترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة المقرر أن تجري في 25 مايو القادم.. فتستطيع أن تعوض خسارتها في الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2010 والتي أتت بيانوكوفيتش رئيساً للبلاد.. وهكذا تتحول السجينة السابقة إلي رئيسة محتملة لأوكرانيا! أما المستفيد الثاني من ثورة أوكرانيا هو رئيس البرلمان أوليسكندر تيرتشينوف حليف يوليا تيموشينكو الذي تولي سلطات رئيس البلاد مؤقتاً بعد عزل يانوكوفيتش. صوت البرلمان الأوكراني مؤخراً لصالح تسليم تيرتشينوف الذي تولي منصب رئيس البرلمان بالانتخاب مهام الرئيس لحين إجراء انتخابات رئاسية في مايو القادم. وينحدر تيرتشينوف 49 عاماً من مدينة دنيبروبتروفسك مسقط رأس تيموشينكو أيضا وهو نائب زعيم الحزب الذي تقوده والذراع اليمني لها. وكان تيرتشينوف أحد المستفيدين أيضا من الثورة البرتقالية عامي 2004 و2005 التي قادتها تيموشينكو حيث إنه تولي رئاسة جهاز أمن الدولة بعدها. تولي تيرتشينوف صلاحيات الرئيس برغم أنه لم يلق الثقة أو الاحترام الكاملين من قبل المتظاهرين في ميدان الاستقلال بالعاصمة الأوكرانية. وكان قد أثار موجة من الغضب لدي البعض عندما طلب منهم العودة إلي منازلهم بعد رحيل يانوكوفيتش من كييف. كما يري البعض أنه لا يتمتع بالحضور لدي الجماهير. حيث إنه أخفق عندما كان مرشحاً لمنصب عمدة مدينة كييف عام 2008 في التواصل مع الناخبين ومني بهزيمة ساحقة علي الرغم من أنه كان مدعوماً بشدة من قبل تيموشينكو. التي كانت رئيساً للوزراء آنذاك. يبدو أن طبيعة الثورات لا ترتبط بمكان.. السيناريو يتكرر.. والمستفيد الأول والأخير منها يكون من نفس الوجوه التي اعتادت عليها الشعوب حتي وان كانت محاطة بالشبهات.. تصبح هي البديل الأقوي للسلطة السابقة.. خير أم شر تعد الثورة الآن لا نعرف ولكن الأكيد الذي لا يمكن إنكاره هو أن أصحاب الثورات يصبحون مجهولين بعدها وربما لم يذكروا إلا في إحصاء أعداد القتلي والمصابين.