بعد نشر مقالي الأربعاء الماضي "فشل التثقيف الصحي والتوعية" وصلتني العديد من المكالمات التليفونية من بعض كبار وصغار مسئولي وزارة الصحة يؤكدون لي صحة ما تناولته.. وأكدوا لي أن غياب الإعلام الصحي في وزارة الصحة أدي إلي حدوث حالات الذعر بين المواطنين بسبب الأنفلونزا الموسمية وغيرها.. وإلي انتشار العديد من الأمراض خاصة التي تنتقل بالعدوي والسلوكيات المعوجة.. ولم تقف الوزارة علي أبعاد المشكلات والأمراض التي يمكن للثقافة الصحية البسيطة التي تصحح سلوك معوج.. وأن تحد من انتشاره في مجتمع معين.. واختزلت الوزارة دور الفريق الطبي فقط في العلاج دون نشر الثقافة الصحية وتصحيح السلوكيات المعوجة.. وتوضيح المبهم.. واستكمال المفاهيم المنقوصة بهدف خلق وعي صحي ووقائي فعَّال ومؤثر. نعم.. تكاسلت وزارة الصحة عن القيام بهذا الدور بل تجاهلت التعامل مع الإعلام وتعاملت معه بسطحية واستخفاف واستهتار.. ولم تحترم قاماته والاستفادة منهم كخبراء وشركاء في العمل وهمشت دورهم في التأثير علي عقول ووجدان الجمهور ونشر الثقافة الصحية من خلال الأقلام المتخصصة في التوعية والنصح والإرشاد والتوجيه.. بل تعاملت الوزيرة شخصياً مع الإعلام أثناء بعض الزيارات الميدانية خارج القاهرة بحدة وعدم اكتراث.. ولم تستفد من هذا الإعلام المحترف في بناء وعي صحي إيجابي في المجتمع المصري. غياب هذا الدور لوزارة الصحة جعل البعض يلجأ إلي التوسع في نشر بعض الممارسات الصحية غير السوية من خلال انتشار هوجة الإعلانات الصحية الضارة منها الغذائية أو العلاجية.. فوجدنا من يعالج الكبد ببول الإبل.. والصدفية بالملوخية.. والصلع بالتقلية.. والضعف الجنسي بالنية.. وانتشرت إعلانات ضارة وضالة للمنتجات الطبية ومستحضرات التجميل.. هوجة.. بسبب غياب الرؤية الإعلامية والثقافة الصحية والتوعية لوزارة الصحة.. فتركت الملعب لغيرها لكي يلعب في عقول أبناء مصر وينشرون فيه كل معوج. لقد سبقتنا معظم الدول في هذا المجال.. وتم دمج تخصصي الإعلام والصحة.. وخرجوا باستراتيجيات وتطبيقات ورؤي وخطط ساعدت علي النهوض بالصحة العامة وجعلوا من الإعلام مشاركاً ورافداً إضافياً بجانب الجهود الحكومية بهدف التوجيه والتأثير ودعم الأفراد والمجتمعات المحلية والفريق الطبي لإدخال أو تبني أو تفعيل سلوك أو ممارسة من شأنها تحسين الجانب الصحي علاجياً ووقائياً وتعزيز الصحة العامة.. وجعل التثقيف الصحي موجة تغيير ساهم في التوعية الصحية للجمهور.. وبناء رأي عام مجتمعي قادر علي التعامل مع القضايا الصحية خاصة خلال الأزمات والكوارث. ولكن لايزال هناك قصوراً واضحاً في مصر رغم الحاجة الماسة لذلك من خلال متخصصين في الإعلام الصحي وفنون التواصل لديهم القدرة علي بحث وتحديد احتياجات كل مجتمع وفهم لغة حواره وأسلوب التعامل معه.. ولديهم إلمام وخلط ومزج بين العلوم الصحية والمهارات الإعلامية.. وأن تعمل الوزارة علي وضع خطة طموحة بمشاركة المتخصصين في الإعلام الصحي لتنفيذ حملات التوعية الصحية والتثقيف بهدف تعزيز وليس بهدف الظهور الإعلامي.. واستغلال الأدوات الإعلامية لخدمة شخصية معينة.. والابتعاد عن استنزاف الميزانيات دون عائد ملموس يرفع مستوي الثقافة الصحية.. ويدعم مجهود القطاع الصحي.. يومئذ سنقول إن هناك دوراً فعَّالاً لوزارة الصحة في التوعية والثقافة الصحية.