لا شك أن حالة الرعب التي تعيشها الأسر المصرية بسبب "الأنفلونزا الموسمية" وخاصة مع بداية النصف الثاني من العام الدراسي شاركت فيها وزارة الصحة نفسها والتي منوط بها الحفاظ علي صحة المصريين.. وكشف أوجه القصور والعوار في البرنامج الوقائية وأظهر الافتقاد لبرامج فعالة للتثقيف والتوعية الصحية.. وكان من نتاج ذلك سعي المواطن بنفسه للوصول إلي أي معلومة يقي بها نفسه وأسرته من الاصابة بالمرض.. فكان كل ما تحصل عليه وبعد عناء من برامج عابرة في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة.. أو قصاصة مختصرة في مجلة أو صحيفة اجتهد الصحفي الإعلامي للوصول إليها وقد تكون من غير متخصص.. أو الأخذ بمبدأ "اسأل ولا تسأل طبيب".. لغياب دور الطبيب المتمثل في وزارة الصحة.. وقد تكون محصلة هذا المجرب نتاج عادات وسلوكيات خاطئة تساعد وزارة الصحة وتساهم في نشرها لغياب دورها وتركها الساحة للمشعوذين والأمثال الشعبية وحلاق الصحة. حتي أسلوب المعالجة التي تعلن فيها الوزارة من خلال الوزيرة أو متحدثها الرسمي أو من خلال بياناتها الإعلامية خاطئاً.. حينما تنفي الوزارة ضمنياً عدم وجود هذه الأنفلونزا.. أو انها تهون من الاصابة بها وذلك حينما تعلن أن حالات الوفيات جاءت نتاج اصابة المتوفي بأمراض اخري.. ولدي الحالات التي توفيت عوامل خطورة كالاصابة بمرض السكر أو القلب أو أي مرض في الجهاز التنفسي!!!. نتيجة لذلك هناك اعتقد من البعض أن الشخص السليم صحياً والذي لا يعاني من أمراض تمثل له عوامل خطورة عليه.. لا بأس بإصابته بالأنفلونزا الموسمية.. وهذا ما أكده لي بعض المثقفين بالإسكندرية اثناء جلسة حوارية حول المرض.. ومنهم بعض الأطباء.. وهذه بالفعل مفاهيم خاطئة ساهمت في نشرها وزارة الصحة ومتحدثها الرسمي وبياناتها الصادرة عنها والتي تحتاج إلي المزيد من الجهد والبيانات والتدقيق والمهنية. لا شك إن افتقاد وزارة الصحة لفكر الثقيف الصحي ودوره الفعال في دعم العمل الوقائي ضد مخاطر الإصابة بالأمراض افقدها الكثير من الايجابيات التي كان يمكن لها بجهد بسيط حصادها وخاصة تجنب إنفاق الكثير من الأموال لعلاج بعض الأمراض وخاصة التي قد يكون لسلوك المواطن دور في الاصابة بها.. من خلال اتباع المواطن سلوكاً معوجاً لا يراعي فيه القواعد الصحية لأنه لم يجد من يعينه بالنصيحة للابتعاد عن الوسائل والسلوكيات المسببة للمرض ومخاطره.. فجعلته وزارة الصحة اكثر عرضه للإصابة بالمرض لاختصارها لدورها واختزاله في الجوانب العلاجية فقط.. دون النظر للوقاية ومنها التوعية والتثقيف الصحي. تعاملت مع اكثر من 10 وزراء للصحة.. لم أجد من بينهم من يهتم بالتثقيف الصحي.. حتي أنني تحدثت مؤخراً مع رؤساء هيئة التأمين الصحي وهيئة المستشفيات والمعاهد التعليمية.. والمؤسسة العلاجية.. وأمانة المراكز الطبية المتخصصة أكدوا لي الدور الإيجابي التثقيفي الصحي في الوقاية من الأمراض.. وعرضت عليهم جميعاً مساعدتي ايماناً بدوري في خدمة ابناء بلدي.. ولكن لم يتم حتي الآن تنفيذ ذلك. يا سادة.. اتركوا مكاتبكم الفخمة في وزارة الصحة وانزلوا في المدن والقري والنجوع.. اصلحوا المعوج من السلوكيات.. وعظموا الصالح منها.. واجعلوا من مباني الوزارة مراكز إشعاع للثقافة الصحية والتوعية.. لعل وعسي.