لم يكن الانقسام الذي تعيشه حملة تمرد إلا تعبيرا صادقا عن حالة الوطن الذي تمزقه الصراعات الشخصية والعنف والتخوين والتكفير والإرهاب فالجميع يعملون بمبدأ "إما معنا أو ضدنا" ورغم أن انحياز بعض قيادات تمرد لترشيح حمدين صباحي للرئاسة ليس بجديد فلك أن تعرف أن محمد عبدالعزيز عضو المكتب التنفيذي للتيار الشعبي الذي أسسه صباحي وأيضا حسن شاهين صاحب موقف معاد للقوات المسلحة منذ زمن بعيد لكن الغريب اننا نحارب الديكتاتورية ونحن ديكتاتوريون بالوراثة فقد كان يمكن أن تكون تمرد نموذجاً للديمقراطية وأن تترك لأعضائها حرية تأييد من تراه مناسبا في سباق الرئاسة وكانت ستعطي بذلك درسا ديمقراطيا للجميع وتحصل علي قبلة الحياة خاصة أن الحركة تعاني من الموت السريري منذ فترة طويلة بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي لكن للأسف فقدت الفرصة الذهبية لتقع في بئر الانقسام. الواقع يؤكد اننا نعيش مرحلة من الخلافات والمزايدة السياسية وأن تمرد ليست إلا حلقة في سلسلة طويلة من الانقسامات والمزايدات من أجل المصالحة الشخصية الضيقة فالحملة انتهت رسميا بعد 3 يوليو الماضي عقب عزل محمد مرسي فحاول أصحابها الاستفادة منها بتحويلها لحركة سياسية بحثا عن دور رغم أن الجميع يدركون أن الخلافات أنهت الحركة قبل ولادتها وقضت عليها تنظيميا وسيؤثر بشكل سلبي جدا علي دورها السياسي فعام 2014 سيكون عام موت "تمرد" بعدما دخلت مرحلة الخلافات والانقسامات وغياب الحكمة وعدم إدراك للواقع وتآكل شعبيتها وزيادة الرفض السياسي لها. فالحركة التي لم يتجاوز تاريخها عاماً واحدا والتي بدأت في أبريل 2013 للمطالبة بإسقاط الرئيس المعزول محمد مرسي والتف حول فكرتها أغلب الأحزاب والقوي السياسية لحشد الشعب ضد نظام الإخوان تعيش مرحلة خطرة بعدما تحولت من حلم قومي في 30 يونيو إلي سوس ينخر في جسد المشهد السياسي المصري ويصيبه بالعبث. والحقيقة ان فشل تمرد لم يتوقف عند انقسام قياداتها فقط ولكن امتد ليشمل انفضاض أغلب القوي الثورية والأحزاب السياسية عنها بعدما سيطر التعالي عليهم فقد أعلن حزب الوفد رفضه أي تعاون مع حركة تمرد لكونهم بدون شعبية تذكر في الشارع فيما أكد عمرو علي أمين سر لجنة الانتخابات بجبهة الإنقاذ ان إعلان تمرد التحالف مع جبهة الانقاذ انتخابيا مجرد أحلام يقظة وتصرفات صبيانية متهما قيادات الحركة بأنهم "شوية عيال" وانهم يتصرفون بجهل وعدم إدراك. وبالفعل واصلت الحركة تناقضاتها فبعدما أعلنت عزمها التحول إلي حزب سياسي تراجعت لاكتشاف عدم امتلاكها شعبية تؤسس لحزب قوي وأيضا حتي لا تنكشف مصادر تمويل الحملة التي تحولت إلي "سبوبة" لأغلب قياداتها الذين ظهر عليهم الثراء المفاجئ فقررت الاعتماد علي الشو الإعلامي الذي أصبح الملجأ الأخير لحركة أصبحت بلا أي جذور أو قبول في الشارع. ولكن لأن الحركة تعشق اللعب علي كل الحبال ويقوم إليها أصحاب قدرات ضعيفة ومحدودة بدأت الحركة تلعب علي كل الحبال في الانتخابات الرئاسية القادمة فقد دشنت سرا حملة أطلقت عليها حملة مرشح الثورة يقودها عمرو بدر عم محمود بدر أحد مؤسسي تمرد لدعم حمدين صباحي سرا. وأيضا لانها تدرك أن المشير عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع المرشح الرئاسي الأوفر حظا حال ترشحه فقررت الخداع الذي لم يستمر طويلا وانفضح أمرها في تصريحات متناقضة تصدر عن الحركة ففريق يرشح حمدين صباحي للرئاسة والآخر يطالب بالسيسي رئيسا وتبادل كل من محمود بدر وحسن شاهين الشتائم بسبب ذلك الموقف. ويأتي ذلك وسط اندهاش جميع النخبة السياسية من تصرفات حركة تعبث بمواقفها كل دقيقة من أجل مصالح شخصية علي حساب الوطن.