دخلت معركة الانتخابات الرئاسية مرحلة الجد.. وكانت البداية ساخنة بحدثين أو قرارين هامين تزامن حدوثهما معاً أول أمس.. الأول هو إعلان حمدين صباحي ممثل التيار الشعبي خوضه لهذه الانتخابات حاملاً برنامجاً يعبر عن مطالب ثورة 25 يناير وسط انقسام حاد وواضح من جانب من ينتمون لهذا التيار بين مؤيد ومعارض لهذا القرار.. أما الحدث الثاني فهو إعلان حزب "مصر القوية" عن عدم خوض رئيسه عبدالمنعم أبوالفتوح لهذه الانتخابات.. التي وصفوها بأنها ستكون محسومة لصالح مرشح معين تتجه إليه كل الأنظار وتدفعه الظروف والإجماع الشعبي دفعاً لتولي هذا المنصب.. مما يعد ترشحه في هذه الانتخابات مجرد ديكور انتخابي لا أكثر. قرار حمدين صباحي في رأيي عكس حالة من عدم الثبات علي الرأي وغياب الوعي ووضوح الرؤية بين قطاع كبير من شباب الثورة وخصوصاً حركة "تمرد" التي انقسمت علي نفسها بين عشية وضحاها وتمزقت أوصالها بين مؤيد لترشح حمدين صباحي وظهور بعضهم بجانبه في المؤتمر الذي أعلن فيه قرار خوض الانتخابات.. وبين مبايع للفريق السيسي في خوضه لذات الانتخابات.. وأثبت قادة هذه "الحركة" أنهم شخصيات كرتونية إعلامية فقط صنعتهم القنوات الفضائية ووسائل الإعلام ويفتقرون كثيراً للخبرة والحنكة السياسية.. بل انجرفوا كغيرهم إلي تغليب المصالح الشخصية علي مصلحة "حركتهم" التي التف حولها الشعب وساندها في 30 يونيه. هذا الانشقاق الواضح وضع بشكل كبير نهاية سريعة لحركة "تمرد" التي تسابق رموزها أو قياداتها الشابة إلي التقليل من شأن بعضهم البعض.. بل وصل الأمر إلي حد الاتهامات المتبادلة بينهم بالتربح والفساد وتضخم الثروة. أيضاً الانقسام الحاد في التيار الشعبي ذاته الذي ينتمي إليه حمدين صباحي.. والذي اتضح بعد إعلان قراره يعطي مؤشراً ودلالة مؤكدة علي أن صباحي ذاته لم يدرس الأمر جيداً ولم يعط نفسه ومؤيديه الفرصة الكافية لمناقشته قبل إعلانه. عموماً أنا شخصياً مع ترشح حمدين صباحي وغيره ممن يجد في نفسه الكفاءة والقدرة علي تحمل المسئولية من أجل إضفاء حالة من الجدية والمنافسة الشريفة والقوية في انتخابات الرئاسة القادمة.. والتي ستكون محط أنظار العالم كله.. حتي وإن كان الشعب المصري قد حسم أمره واختار الرئيس القادم.. الذي يراه ضرورة ملحة لهذه المرحلة الحرجة في تاريخ مصر. أما قرار عبدالمنعم أبوالفتوح وحزبه فهو قرار متوقع.. لأنه يتسق مع مصالح الإخوان الذي ينتمي إليهم قلباً وقالباً.. فترشيح أبوالفتوح يعني الاعتراف بثورة 30 يونيه وكذلك الاعتراف والموافقة علي بنود خارطة المستقبل ويعني أيضاً الاعتراف بالدستور.. وهذا كله يرفضه الإخوان والمتعاطفون معهم والمنتمون إليهم بشتي السبل والوسائل.. وهذا وضع بديهي.. علاوة علي إيمانهم الكامل بضعف قوتهم في الشارع السياسي المصري وتأكدهم أن أي مرشح ينتمي إليهم لن يكون مقبولاً حالياً. عموماً.. نحن في انتظار مرشحين وبرامج تضع حلولاً لمشكلات هذا الوطن وتكون واقعية وقابلة للتنفيذ والتي سيتم الاختيار علي أساسها وأظن أنهم لن يكونوا كثيرين. أما السؤال الذي يطرح نفسه بعد إعلان حمدين صباحي قرار ترشحه.. ماذا لو أن برنامج المشير عبدالفتاح السيسي جاء معبراً عن ثورة 25 يناير ومطالبها وتوجهاتها.. هل سيتراجع عن الترشح كما وعد قبل ذلك؟ ننتظر الإجابة في الأيام القادم. إضراب الأطباء وانفلونزا الخنازير من حق الأطباء كغيرهم من العاملين في الدولة المطالبة بتحسين وضعهم المادي والمطالبة بحقوقهم في تأمينهم داخل المستشفيات والحفاظ علي حياتهم من الأمراض المعدية داخل غرف العناية المركزة وغيرها من الحقوق الأخري.. ونتفق معهم ونؤيدهم ونقف إلي جانبهم من أجل تحقيق هذه المطالب.. إلا أننا نختلف معهم في طريقة التعبير وفي التوقيت أيضاً. فالأطباء أعلنوا الإضراب الجزئي لثلاثة أيام أسبوعياً.. في الوقت الذي ينتشر فيه مرض انفلونزا الخنازير وتكثر حاجة المواطنين البسطاء الغلابة لمستشفيات الدولة للعلاج من هذا المرض الذي أودي بحياة أكثر من 38 مواطناً حتي الآن. إضافة لوجود أكثر من 22 ألف حالة مصابة بالمرض وموجودة بالمستشفيات في انتظار العلاج. أتمني أن يغلب مصلحة الوطن والشعب علي مصلحتهم الشخصية في وقت الأزمة.. وها نحن الآن في وقت أزمة فعلية.. خاصة وأن النقابة والوزارة في حوار متواصل لإيجاد الحلول عليهم أن ينهوا إضرابهم ويتوجهوا لمستشفياتهم لمواجهة هذا المرض ومساعدة المرضي المحتاجين لهم. أيضاً علي وزارة الصحة إبداء مرونة وسرعة مناسبة في الاستجابة لمطالب الأطباء المشروعة حتي يتفرغوا لمهامهم الإنسانية في خدمة المرضي المحتاجين.