أشفق علي مصر من بعض أبنائها.. وأشعر بالحرج الذي يصيب المسئولين في بلدنا الذين يتعاملون مع العالم الخارجي خاصة الدول العربية الشقيقة التي تمد لنا يد العون علي أمل أن نخرج من كبوتنا وأن تنطلق مصر من جديد دولة محورية كبري في إقليمها تمارس دورها العربي المستنير في الحفاظ علي مقدرات الأمة. الكلام بمناسبة ما ينتظر بلدنا اليوم من تداعيات ما يسمي ذكري إحياء أحداث محمد محمود.. والعواقب معروفة مقدماً مزيد من الدماء والضحايا الذين يتساقطون بفعل الحماقة والمضي في السير عكس الاتجاه الصحيح الذي يفترض أن تكون قد قطعت مصر فيه أشواطاً كبيرة منذ قيام ثورة يناير 2011 ومن بعدها ثورة يونيه التصحيحية لكي نلفظ الماضي ونمضي في طريق المستقبل الذي تتحقق بمقتضاه أهداف تلك الثورة في الحرية والعدالة والعيش الكريم. أكاد أري نظرات الأسي علي المصريين في عيون اصدقائها وأشقائها.. وأكاد ألمس الفرحة والشماتة في عيون وقلوب الأعداء والمخططات من القوي الكبري وأتباعها لا تجد غضاضة في أن تعلن صراحة عن هذه المخططات التي تستهدف تمزيق الأمة المصرية وإشعال الفتنة بين أبنائها وتأجيج الصراعات باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان.. وللأسف هناك الكثير من القوي والتيارات علي الساحة السياسية تبتلع الطعم تارة بحسن نية وكثير بغرض المصالح الأنانية والنظرة الضيقة التي لا تستطيع أن تري أين تقع المصلحة العليا للوطن. وهناك - بالتأكيد - جماعة سياسية فشلت في الاستيلاء علي حكم البلاد وتريد أن تري مصر في حالة العجز والتفكك والصراع والإفلاس الاقتصادي حيث تأمل في إفشال خارطة المستقبل وإنهاك قوات الشرطة والقوات المسلحة الحامية لهذا المستقبل من أجل أن تعود تلك الجماعة مرة أخري ورئيسها الشرعي المزعوم لا يفتأ يعلن في كل لحظة أنه مازال هو الرئيس..!! ہہہ كل التقدير لشهداء مصر الذين ضحوا بحياتهم من أجل أهداف سامية في الحرية والعدالة والتقدم.. ولكن إلي متي سوف نمضي في "شرنقة" الماضي وأوهام الاحتفالات وإحياء وبعث الذكريات التي تعشش في نفوس الشباب والثوار وهم لا يدركون مدي الأخطار التي تحيق بمصر من كل جانب.. فبدلاً من أن تطلق الطاقات الشبابية في مواقع العمل والإنتاج إذ بالعالم من حولنا يندهش من كم الاحتفالات وإعلاء رايات التيارات الثورية من هنا وهناك.. كل يريد أن يفرض وجهة نظره ويشق وحدة الصف المصري ويهدد الأمن والاستقرار الذي يتلمسه الشعب الصابر المثابر علي أمل أن تعود عجلة الإنتاج للدوران من جديد وتعود السياحة والاستثمار وفرص العمل والتشغيل وتوجه تلك القروض والمساعدات إلي الوجهة الصحيحة التي لا تجعل مصر في حالة اقتصادية بائسة تمد اليد تطلب المساعدة من الآخرين تحمل البوتاجاز تارة من السعودية وأخري من الجزائر والخوف كل الخوف أن تعود طوابير الوقود من جديد أمام محطات البنزين أو يتهددنا انقطاع التيار بتغير أحوال الطقس وشبح الاحتياطي النقدي المتناقص ومخزون السلع الأساسية الذي لا يكفي أكثر من شهر علي الأكثر يمكن أن يفجر ثورة الشعب وثورة الجياع بعد أن يكون الجميع من الأشقاء قبل الأصدقاء قد فقدوا الأمل في إمكانية أن يقوم لمصر قائمة من جديد. نأمل أن يفيق بعض المصريين من غيبوبتهم وأن يحاولوا أن يخرجوا من شرنقة الماضي والذكريات من أجل أن تعود مصر ويحيا كل المصريين.