الحج ركن من أركان الإسلام يجب علي كل مكلف مستطيع. لقوله تعالي: "ولله علي الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا" "آل عمران: 97". فإذا عاش الإنسان فقيراً ومات فقيراً فقد أجمع الفقهاء علي أن الحج لا يلزمه. ولا يجب علي أولاده أن يحجوا عنه بعد موته. فإن فعلوا فهو خير وفضل يقبله الله تعالي بحسن نيتهم وبرهم بآبائهم.. أما إذا كان المسلم غنياً قادراً علي الحج ولم يحج إهمالاً أو تسويفاً حتي مات. فقد أجمع الفقهاء علي تقصيره. وأنه مؤاخذ يوم القيامة عن ترك هذا الفرض. وهل يجب علي أولاده أن يحجوا عنه من تركته؟ مذهبان للفقهاء: ذهب الشافعية والحنابلة إلي أنه يجب علي ورثة هؤلاء المقصرين أن يحج أحدهم عنه من تركته قبل تقسيمها علي الورثة قياساً علي سائر الديون. ولحديث البخاري عن ابن عباس. أن امرأة من جهينة جاءت إلي النبي. صلي الله عليه وسلم. فقالت إن أمي نذرت أن تحج. فلم تحج حتي ماتت. أفأحج عنها؟ فقال - صلي الله عليه وسلم: "نعم. حجي عنها. أرأيت لو كان علي أمك دين أكنت قاضيته اقضوا الله فالله أحق بالوفاء". وذهب الحنفية والمالكية إلي أنه لا يجوز لأحد من الورثة أن يحج عن المقصرين بترك الحج حتي ماتوا إلا إذا أوصوا بالحج عنهم قبل موتهم. لأن الحج يحتاج إلي نية. والوصية بالحج في حكم النية. أما إذا كان المسلم غنياً بماله ولكنه ضعيف في صحته لشيخوخة أو مرض. وهو المعروف عند الفقهاء بالمعضوب. فقد اختلف الفقهاء في فرض الحج عليه علي مذهبين: المذهب الأول: يري أن هذا المعضوب الذي يضعف عن السفر للحج لا يجب عليه الحج وإن كان غنياً. كما لا يجب عليه أن ينيب أحداً للحج عنه. وهو مذهب أكثر الحنفية والمالكية. وحجتهم: أن الصحة شرط لوجوب الحج. كما أن القدرة المالية شرط لوجوبه. المذهب الثاني: يري أن المعضوب الذي يضعف عن السفر للحج وكان قادراً مالياً علي إنابة غيره مكانه. أن فرض الحج لا يسقط عنه. بل يجب عليه أن يستأجر من يحج عنه. وإذا مات قبل ذلك فإنه يستقطع من تركته ما يكفي للحج عنه. قياساً علي سائر الديون. وإلي هذا ذهب الشافعية والحنابلة وابن حزم الظاهري. وروي أيضاً عن أبي حنيفة وأبي يوسف. لقوله تعالي: "ولله علي الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً" "آل عمران: 97". وهذا المعضوب قادر علي الحج بماله عن طريق الإنابة. وهذا وجه من وجوه الاستطاعة.