كان الله في عون مصر وشعبها من بعض أبنائها. إن مواقف وتصرفات الكثيرين من أدعياء السياسة والمتزعمين للقوي والأحزاب السياسية تبدو دائماً خارج نطاق الحكمة والعقل. وضد مصلحة الوطن والشعب.. وتطفح فجأة علي المشهد الراهن صادمة للمواطن المصري البسيط الذي كان يظن أن ثورة يناير وإسقاط نظام مبارك سوف تغير حياته إلي الأفضل. فإذا بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية تنحدر من سييء إلي أسوأ ولا يبدو له من مخرج من هذا النفق. وهذه المتاهة السياسية الخطيرة. أشعر بالحالة النفسية الصعبة لكل المصريين الطبيعيين الباحثين عن الحياة. وعن مصر الآمنة المستقرة التي عهدوها وتربوا في كنفها. وسمعوا عنها في كتب الدين والتاريخ.. وحتي في أصعب المحن والظروف سواء في الحروب أو الأزمات الاقتصادية أو الكوارث والأحداث المفاجئة والمشكلات الحياتية الخانقة.. فإن ما مروا به خلال الأسابيع الأخيرة الماضية فاق في عبوسه وسوداويته وترويعه ودمويته كل ما كان يمكن أن يتخيله عقل إنسان حاقد أو عدو لمصر وشعب مصر. لا أريد أن أسرد الأحداث والوقائع المؤلمة التي مرت علي شعبنا في كل محافظات مصر من عمليات قتل وإرهاب وترويع مارستها تلك الجماعة السياسية التي خدعت الناس باسم الدين والإسلام وشعارات زائفة خادعة وعدت البسطاء أنها سوف تحمل الخير لمصر.. فإذا بها تحمل لهم القتل والدماء والجراح والارتباك والفوضي في كل ربوع الوطن.. هذا لمجرد أن الشعب بعد عام من الفشل والخيبة في إدارة أمور الدولة قرر أن يسحب عن رئيسهم وجماعتهم الثقة التي منحها لهم في صناديق الاقتراع.. فإذا بهم يظهرون لهذا الشعب الطيب المسالم الوجه القبيح الشرير الذي لم تر مصر مثيلاً له علي مر تاريخها. لا أريد أن أعيد المشاهد الإجرامية التي عاصرناها علي مدي الأسابيع الماضية وكانت الذروة في يوم الجمعة قبل الماضي عندما دعا زعيمهم الروحي القابع في دويلة قطر العظمي لحرق مصر مثلما فعلوا في 28 يناير 2011 من أجل تنفيذ مخططهم التآمري ضد مصر بعد أن ركبوا موجة ثورة الشباب.. وشاءت إرادة الله والشعب والجيش أن يفشل هذا المخطط الجديد لكي تتوالي بعد ذلك مشاهد السقوط العظيم لهذه الجماعة وقياداتها الباحثة عن السلطة وزعمائها من ورق الذين ضللوا الشباب وحشدوه في الميادين وخرجوا يقطعون الطرق والكباري ويتسببون في انهار الدماء التي جرت علي أرض مصر.. أرض الأنبياء والرسالات السماوية في تواصل مجنون مع بقايا إرهابيي العالم في سيناء وليدفع الثمن أبرياء نحتسبهم شهداء عند الله كشف بهذه الفئة الضالة التي خدعتنا علي مدي السنوات الطوال الماضية. *** ولكن الغريب والمثير للدهشة هو أن شعبنا الطيب الباحث عن عودة الحياة والأمن للبلاد ما لبث أن يتنفس الصعداء يوم الجمعة الماضي بعد أسبوع توالي السقوط لهذه الجماعة وقياداتها وفشل مسيرات الفلول وبقايا المخدوعين وبدء هدوء في الشارع المصري رغم استمرار ساعات الحظر. وأيضاً إدراك الناس أن المعركة ضد الإرهاب وضد الشر لم تنته بعد.. وأن هناك توقعاً لهذا الخطر ربما يطل علينا مرة أخري هنا أو هناك مستغلاً حركة الحياة الدائبة للمصريين بالملايين في كل مكان متحدية تلك الأجواء الصعبة أو مخططات الغدر والإرهاب. والمصريون الشرفاء ينظرون بالتقدير لجيشهم العظيم والأجهزة الأمنية والشرطية التي صالحتهم والقيادة السياسية والحكومة التي تحاول أن تعيد مصر الدولة من جديد من خلال خارطة مستقبل بدأت بإعداد دستور حضاري يليق بمصر وإغلاق الباب أمام المؤامرات الدولية الوقحة التي تكشفت خلال الفترة الأخيرة.. إذا بالمواطن المصري المسكين يصدم من جديد بدعوات لتظاهرات واحتشادات للخروج مرة أخري باسم التيار الثالث يوم الجمعة القادم 30 أغسطس. أتصور أن هذه الدعوة تتسق مع الهروب المريب لقائدهم الذي شق الصف المصري وأعطي فرصة للخارج للتآمر علي مصر.. وسيناريوهات نسمع عنها يشارك فيها متآمرون يعدون لحكومة موازية وجيش حر ومشاركة من أدعياء ثورة يناير وأمور ترتب في تركيا كشفت عنها تقارير صحفية وسياسية. ولكن أعتقد أنه كما سقطت جمعة الشهداء لفلول الإخوان سوف تسقط جمعة التيار الثالث أو التيار "البارد" الذي لا يشعر بحجم المعاناة والتضحيات والمحن التي واجهت شعبنا الصامد الصابر الذي لا يتطلع سوي لتيار واحد هو تيار مصلحة مصر العليا وخارطة المستقبل التي ستنفذ بإذن الله في موعدها لتغلق الباب أمام كل المتآمرين والعابثين.