جاءتني رسالة يقول صاحبها: ما حكم إنفاق الزكاة علي طلبة العلم. وعلي دور العلم كذلك؟ أقول: ورد بيان المستحقين للزكاة علي سبيل الحصر في قوله تعالي: "إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم" "التوبة:60". فإذا كان طلاب العلم من الفقراء. أو ممن تشملهم هذه الآية الكريمة فإنهم يستحقون الزكاة بوصف الفقراء أو المسكنة أو غير ذلك من صفات المستحقين وليس لكونهم طلاب علم. ولكن الفقهاء لاحظوا ان طلب العلم يطول أمده. ويستمر الي سنوات قد تبلغ العشرين سنة أو يزيد حتي يستوي العود. ويصير الطالب مؤهلاً لتولي الوظائف والحرف التي يتكسب منها بكسبه عن إنفاق أهله عليه. لذلك فقد ذهب عامة الفقهاء الي تصنيف طلاب العلم - المتفرغين له - من الفقراء المستحقين للزكاة. وبخاصة بعد سن البلوغ. اي اعتباراً من سن الخامسة عشر. علي اساس ان الأب هو المسئول شرعاً. بالإنفاق علي ولده إلي سن البلوغ. أما بعد البلوغ فلا يجب الإنفاق إلا في حال العجز عن التكسب. فكان إنفاق الآباء بعد سن البلوغ من أجل توفيرهم لطلب العلم من الفضل والإحسان الذي يشكرون عليه في الدنيا والآخرة. ومن هنا استحق هؤلاء الطلاب الزكاة. وأما الإنفاق علي دور العلم وعلي إنشاء المرافق فيجب أن يكون من التبرعات والهبات والصدقات والأوقاف الخيرية وليس من أموال الزكاة المخصصة للفقراء والمساكين وغيرهم ممن ورد ذكرهم علي سبيل الحصر في آية الصدقات. ويري بعض الفقهاء المتأخرون: أنه يجوز تخصيص جزء من الزكاة لبناء دور العلم وغيرها من المنافع العامة في حال عدم وجود المتبرعين لها. أو كانت التبرعات لها غير كافية» استدلالا بعموم قوله تعالي: "وفي سبيل الله". علي أساس أن سبيل الله تعالي لا يقتصر علي تجهيز الجيوش لحماية المسلمين كما كان معروفا في الزمن الأول. وإنما يشمل كل منفعة عامة كرصف الطرق وإنشاء الجسور وشق الأنهار وبناء المدارس ونحوها بحسب عرف الناس اليوم. وفصل الخطاب في ذلك يرجع إلي نية المزكي» لما أخرجه البخاري من حديث عمر بن الخطاب أن النبي - صلي الله عليه وسلم - قال: "الأعمال بالنية". وفي رواية للشيخين: "إنما الأعمال بالنية".
