إذا كان الاخوان قد نجحوا في احداث بلبلة ورعب في نفوسنا جميعا عقب قيام قوات الأمن بمساندة الجيش بفض اعتصامي النهضة ورابعة العدوية إلا انهم خسروا ما تبقي في بعض النفوس من تعاطف. بل قاموا بدق آخر مسمار في نعش الجماعة والقضاء علي البقية الباقية من تنظيمهم داخل المحروسة فقد نجح الاخوان بامتياز في استعداء كافة أطياف الشعب وحنق الرجل البسيط قبل الخصوم السياسيين لقد حكموا علي انفسهم بالانعزال عن بقية المجتمع الذي يعيشون فيه وراحوا ينعقون كالغربابيب السود خارج السرب. أقصد يغردون وهذا بالتأكيد نوع من الغباء السياسي لأنهم سيخسرون في أي انتخابات مقبلة حتي ولو كانت علي مستوي اتحاد الطلاب. عندما تقدم الاخوان في الانتخابات البرلمانية والرئاسية كسبوا اصوات الكثيرين الذين تعاطفوا معهم بسبب كثرة ما كانوا يتعرضون له من التنكيل والسحل والتعذيب في السجون والمعتقلات وكنت واحدا من هؤلاء المتعاطفين وقلت لنفسي لماذا لم نعطهم الفرصة كي يتنسموا عبق الحرية خاصة وانهم مثابرون ومنظمون ومصرون علي تحقيق اهدافهم وانهم طالما جربوا الظلم فقد الاجدر من غيرهم في منعه ولكن للأسف خاب ظن غيري عندما سنحت لهم الفرصة وراحوا يمارسون العمل السياسي والحكم لأكبر دولة في الشرق الأوسط لأول مرة في حياتهم بشكل عفوي وعشوائي وهليلي علي طريقة الدراويش مع الاعتذار تقبلنا بضعة أشهر من باب حسن النوايا والنفس الطويل غير مدركين ان حكم دولة ليس كحكم جماعة جبلت علي السمع والطاعة العمياء حتي ولو كان بالخطأ أو ضد الصالح العام. صراحة سعدت كغيري من المتابعين بالملايين له لما حدث من أعمال احترافية لقواتنا اثناء فض اعتصامات الاخوان حيث تمت العمليات بأقل نسبة في الخسائر العالمية والتي تقدر بحوالي 1% والخسائر لم تصل إلي واحد من العشرة في المائة قياسا لاعداد الاخوان التي تقدر بثلاثة ملايين نسمة تقريبا وكنت من المتخوفين حقيقة من تداعيات فض الاعتصامات لخوفي علي الطرفين وهما الجماعة وقوات الأمن فهم في النهاية من نسيج المجتمع ومصريون وسألت أكثر من مرة عما إذا كان الأمن سيفض الاعتصامات بالقوة أم لا وكنت أجيب بالنفي لاحساسي بأن المسألة صعبة ومعقدة خاصة وهناك محاولات حثيثة للخروج من الأزمة منها مبادرات البرادعي والعوا والأزهر بنفسه. كانت بمثابة طوق أمان ولكن للأسف صادفت آذانا صماء قلوبا متحجرة وعقولا غير واعية وغير مدركة لما قد تؤل إليه الأمور فيما بعد. وقد كان فقد باغت الأمن المعتصمين بعد انذارهم مرارا وحاصروهم بخطط محكمة واحترافية للخروج بأقل الخسائر ولأنهاء العمليات في نفس اليوم بشكل تام وهذا ما حدث ورغم ذلك كابر المعتصمون وعاندوا بل اعتدوا علي القوات بكل ما لديهم من اسلحة كانوا يخبئونها في خيامهم هربوها بوساطة نسائهم واطفالهم وهم لا يدركون انها سترتد ليست إلي نحورهم بل ستكون سبة في تاريخهم الذي تناسيناه وأغمضنا العين عنه عندما تعاطفنا معهم يوما وانتخبناهم ليمثلونا ليس في البرلمان بغرفيته بل في ممارسة الحكم علينا كي يتقوا الله فينا ولكن اتضح انهم غير ذلك تماما مما أصابنا بالدهشة والصدمة. الحقيقة لست من الحانقين علي الاخوان فقد ألفت كتابا بعنوان الاخوان من الزنزانة إلي القصر صدر عقب تولي مرسي الحكم وقلت فيه انهم جاءوا بالصندوق ولن يخرجوا إلا بالصندوق بشرط اعطائهم الفرصة لتنفيذ برامجهم التنموية وان الفرصة جاءتهم فعليهم اغتنامها ولكن مر عام بالكامل كان أغلب شهوره مجرد وعود وعهود وكلام معسول قوبل بالنقد وبالحراك الشعبي الرافض للمماطلة واضاعة الوقت في مهاترات وفسروا ذلك بأنه عقبات عثرة في طريق مسيراتهم ومؤامرات ضدهم كان من شأنها ابعاد الشقة بينهما وظل الحال هكذا إلي ان تباعدت بينهما المسافات بالاميال ووصلت الأمور إلي طريق مسدود فكانت 30 يونيه وما تلاها من ردود افعال ساخطة انتهت بخلع مرسي ذلك الرجل الطيب سليم السريرة الذي ضيعه مكتب الارشاد. وعلي العموم الفرصة مازالت سانحة أمام جماعتنا كي تحافظ علي آخر ما تبقي لهم من معاقل بالحب والتسامح وقبول الآخر وليس بالرشاشات والمولوتوف وصهيل خيولهم التي اتضح انها رجع للصدي وفرسانهم الذين ساروا وراءهم معصوبي العينين فتبين انهم فرسان من ورق بدليل انهم هربوا وتركوا عبيدهم لأحزانهم يلطمون الخدود ويشقون الجيوب ويلعنون اليوم الذي أتي بهم إلي القصر بعدما كانوا في غياهب السجون لأنهم وان كانوا منكسرين ذليلين الا انهم كانوا محل عطف وتقدير وكانت قضيتهم ورقة رابحة لعبوا علي أوتار المتعاطفين أكثر من 80 عاما فكان صعودهم ولكن للأسف إلي الهاوية!!